يوم الاب العالمي
يوم الاب العالمي
(مولد امير المؤمنين علي ابن ابي طالب ع)
المقال للشيخ سلمان ال سليمان من التويم حماه سورية امام وخطيب جامع الامام علي بن ابي طالب ع
مجاز جامعي . وحوزوي .باحث في الاداب والاديان وشاعر وكاتب وعضو جمعية العلماء بحماه.ولي مؤلفات وقصائد في مناسبات الائمة ع ومنشورات صحفية .
البريد الالكتروني almgdalaly@gmail.com
ومعظم منشوراتي على مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك الصفحة باسمي وتويتر كذلك @solnan2017
وتلغرام وواتس وايمو وسكايب كلهم برقم00963994724544
وابني شهيد بين شهداء الدفاع المقدس هو الشيخ محمد ساهر سلمان ال سليمان وكرمت شهادته بالجمهورية الايرانية الاسلامية
وابني الاخر علي جريح بترت يده في احداث حلب ايضا وخمسة اخرين مع الحرس الثوري وحزب الله
يجاهدون حتى الان بسورية الحبيبة
واظن بذلك كفاية من سيرتي الذاتية واذا اردتم اكثر اطلبوا وانا اوافيكم
مواليد 1/8/195الصورة
***** احمد الله واستعينه وأعتصم بحبله مستمسكا بولايته ونبوته وتوحيده . واشهد ان لا اله الا الله واشهد ان محمدا عبده ورسوله ونجيبه وصفوته صلى الله عليه وآله الأئمة الاثني عشر المعصومين وسلم تسليما كثيرا .
اولا : المقدمة:
هذه المقال الكبير في عنوانه الواسع في موضوعه وهو يوم الاب العالمي وبمناسبة مولد امام المتقين ويعسوب الدين امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام اقول اولا من الجرأة ان يتقحم الكاتب هذا المجال ولكن رغبة في الاجر والثواب ومحبة
في الامام علي والائمة الطاهرين عليهم السلام وطاعة للمؤمنين ورغبة في المساهمة مع الاخوة والاخوات المشاركين رميت بدلوي في هذا النبع العميق رجاء الفائدة للجميع وبما ورثنا من معين امير المؤمنين ..العلم يزكو على الانفاق ..
وقول رب العالمين تعالى شأنه (عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ )
إذ كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقول للملأ من قريش: قولوا لا إله إلا الله فيقولون،
ثم يقول: اشهدوا أني محمد رسول الله، فيشهدون،
ثم يقول: صلوا إلى هذه البنية أي الكعبة، فيصلون،
ثم يقول: صوموا رمضان في الهواجر، فيصومون،
ثم يأمرهم بإخراج الزكاة فيخرجون،
ثم يقول: حجوا واعتمروا، فيحجون ويعتمرون،
ثم يدعوهم إلى الجهاد وترك الحلائل والأولاد، فيجيبون.
ثم يقول: إن عليا وليكم بعدي، فيعرضون،ويعترضون ولا يسمعون، فيناديهم بلسان التوبيخ وهم لا يسمعون: (قل هو نبأ عظيم أنتم عنه
معرضون) ثم يتلو عليهم مناديا وهم لا يشعرون: (لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ )
فكان اعتراضهم عليه بالغدير (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ)
واعتراضهم عليه بالخلافة فجرت حرب الجمل وحرب صفين (لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ)
واعتراضهم عليه في التحكيم وجرت حرب الخوارج وموقعة الهرير (أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ . وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ)
واعتراضهم على ابنائه الحسن والحسين وعلى اهل بيته اجمعين (إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ . ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ)
واعتراضهم على اتباعه في كل حين ولم يعترف على خلافته عليه السلام حتى حين وعلى ولايته حتى اليوم من التكفيريين والنواصب اجمغين (أَمْ
لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ . وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ
ومع ذلك يتشدقدون بحبه ويزعمون موالاته ويترضون عليه وقد هدروا دماء ابنائه ومحبيه ومن والاه عبر التاريخ وما وجدنا عبر زمن طويل ان سفكت لهم ولا لسلفهم ولا لمن بعدهم على منهجهم قطرة دم في حب علي وولايته.
وأخيرا وبموجب هذه الحقائق العامة وما يلازمها نصل بذكر المناسبة يوم الاب العالمي وضرورة اعتباره بمولد امير المؤمنين علي ع.
ثانيا :الحقائق الخاصة :
فأقول ان الذين عملوا ضد علي ع وكانوا خصوما واعداءا له مازالت ضغائنهم مستمرة على منهج الغدر
وثقافة الخيانة والتعامل مع العدو هؤلاء كلهم يعلمون ان عليا تربى في حضن وبيت النبي محمد ص وهذا جعلهم يتأكدون من خلال سيرة علي ومواقفه الإسلامية منذ ان اعلن انه نصير النبي محمد ص في اول اجتماع عقد لعشيرته الأقربين ولمسوا مع هذا التأكيد رباطة علي ع لحماية هذا الدين فعملوا لإخفاء هذه الأحقاد والضغائن حتى يمضي رسول الله لربه وكانوا قد خضعوا لهيمنة الإسلام واحتموا به وراحوا يتاجرون في الدين وكان الرسول يراهم ويعرفهم ويرأف بحالتهم لأنها لا تشكل خطرا آنيا يذكر وكثيرا ما كان يداويهم بسيف علي ع وقبل ان يوارى الثرى صلوات الله عليه استبقوا للسلطة وعقدوا سقيفتهم تهربا من بيعتهم بالغدير الشكلية ووقفوا حائلا ضدها لتعطيل الإمتداد النبوي المحمدي الأصيل عبر الإمام الوصي علي ع وما زال هذا التعطيل معكوسا على واقعنا اليوم فنجد ان اعداء ولاية علي بالأمس هم اعداء موالوه اليوم وذلك لا يعني بجلاء الا عداوتهم للدين المحمدي منذ بداية الدعوة
وخير تعبير عن هذه الحالة ما ورد في كتب السيرة
والتاريخ
ويجب التنبه والتدبر ان علي ع :بقي طيلة خلافة ابي بكر وعمر وعثمان ماكثا في بيته لم يطرق بابه احد من غير اقاربه وسلمان الفارسي المحمدي ورغم المنع والعزل والقتل الى سيد العالمين وامام المتقين ومن ذكره واسمه ونهجه وسياسته وخلقه بقي امره يملأ الخافقين في كل حين عند الموالين والمعارضين رغم انف النواصب والتكفيريين .
ثالثا : أذن الله الواعية:
قال الله تعالى / وتعيها اذن واعية /انها اذن علي ابن ابي طالب ع هي أذن الفهم الحق والوعي المستقيم والعمل الصادق المسموع من معلمه ومربيه وسيده رسول الله محمد ص .
ان امير المؤمنين علي ع عندما نزلت هذه الاية قال/ ما سمعت شيئا من رسول الله قط فنسيته
امير المؤمنين علي هذه الشخصية الكونية التي اقل ما قيل فيها باجماع اهل الكلام والعلماء واهل التاريخ والعظماء ماقاله ابن ابي الحديد في شرحع لنهج البلاغة/ علي امره في كل شيء علي /
ولا اريد ان اعدد الفضائل والمناقب لانها اكثر من أن
تحصى فصارت بيانا وسلطانا على كل لسان انما ساقف عند خاصة واحدة في علي فما كتب عنه /ع/ من قبل رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وما روي عن خير واعظم الصحابة والتابعين واشهر العلماء والمؤرخين لا يمكن جمعه في مجلدات ضخمة مهما كانت المحاولة
حيث قال اكثر الواقفين على اقوال وافعال علي /ع/ لمدة ثلاثة وعشرين عام الفيلسوف والمؤرخ والحكيم ابن ابي الحديد اذ قال /كتب اهل القلم وروى اهل العلم عن ثلاثة القران الكريم ومحمد رسول الله وعلي بن ابي طالب لم يكتب عن غيرهم ما يوازيهم بل ما يقاس بهم /
رابعا :المنهج التربوي :
ولعلي عليه السلام خاصة نامية متطورة تواكب العصور في الماضي والحاضر والمستقبل وهي خصوصية المنهج التربوي للامام المرتضى علي بن ابي طالب ع فمن نظرات الهية ونبوية اليه ووقفات عقلائية وعلمائية في الذكر معه اقتداء واكتفاء في متابعة صادقة لهدى علي وخصوصا اذا تفرقت السبل في كل زمان منذ الصحابة والتابعين وتابعيهم
باحسان الى يوم الدين فهو صاحب الاية الكريمة :/فاسالوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون /وهو صاحب حديث رسول الله / انا مدينة العلم وعلي بابها /
وعندما نتابع مسيرته الإسلامية في ثلاثة مراحل أساسية من دوره مع رسول الله ودوره مع حكومات الصحابة ودوره في حكومته .
فمع النبي كان أخا فهو منه كنفسه واضافة لكونه اماما ووليا ووصيا للأمة فهو لمن سبقه من الحكومات كان وزيرا ومشيرا ونصيرا يعمل لوحدة وقوة وصيانة الإسلام ودولته رغم الاقصاء فلم يتخل عن اهتمامه بنجاح الرسالة الاسلامية .
واما في ولايته وحكومته فهو الإمام الذي أعاد الإسلام المحمدي الأصيل وشده بعد تراخيه وعضده بعد هوانه بالقوة والبأس والإستقامة وما كان هذا ليتحقق الا عندهما النفس الواحدة اي محمد وعلي عليهما صلوات الله وسلامه وقد عجز العباقرة العظماء وفطاحل العلماء ان يجولوا في بحور هذا الامام فافضلهم واعظمهم واكبرهم لم يتجاوز الشطآن فمن سمات منهجه التربوي نموذج التربية الاسلامية في كل زمان ومكان فكلما ظهرت في
الناس علوم حديثة وجدت لها في تراث الامام علي جذورا فكان وريثا شرعيا ليس له كفؤ للقائد العظيم النبي الكريم صاحب رسالة الاسلام ولما كانت لكل رسالة تربية تختص ببعض مكونات الامة جاء الاسلام بمنهاج التربية الجامع لكل مقوماتها الاساسية فللفكر التربوي عند الامام علي مصادرصالحة لكل الأمم لمطابقتها مع رسالة الناس كافة فهو اولا تربى في احضان النبوة وقد أوجز الامام علي هذه التربية بقوله / وضعني ويعني محمد رسول الله في حجره وكان يضمني الى صدره وما وجد لي كذبة في قول ولا خطلة في فعل واتبعه اتباع الفصيل أمه وانه يرفع لي كل يوم من اخلاقه علما ويامرني بالاقتداء به /
فهذا من تاثير التربية المحمدية في الشخصية العلوية وثانيا نشاته في احضان الرسالة الاسلامية وهذا الجانب غني عن التعريف وفيه من الاثر الاسلامي في شخصية علي اقل ما يقال انه كان أكفأ المجاهدين العاملين في الاسلام واولهم وكان علمه من ينبوعه يرتوي وقال رسول الله لم يستقم الاسلام الا بسيف علي. وثالث خصائصه التربوية
القران الكريم ينبوع الفكر التربوي لمحمد وعلي فكانت علاقة علي بالقران يجسدها رسول الله بقوله / علي مع القران والقران معه لن يفترقا حتى يردا علي الحوض /
فمن هذه المصادر التربوية جاء المنهج الرسالي عند الامام علي بمكوناته وعناصره في مرحلة ما قبل المهد الى مرحلة ما بعد اللحد فنظر الامام علي في هذا الإطار الى مستوين مستوى التربية المقصودة و تعني الواجبات والفروض الشرعية ومستوى التربية غير المقصودة وتعني العلاقات العامة في كل ميادين الحياة ومع كل المخلوقات ومن كل الأصناف فقد عمل علي واسس لتنظيم هذه المستويات التربوية بخلقه النبوي العظيم .
إذن ومن خصائصه فقد ولد في اشرف بقعة على الارض الكعبة التي جعلها الله قبلة للعالمين فقد فتح علي ع عينيه للوجود ورغم نشأته بين عبدة الأوثان والشيطان والأصنام كرم الله وجهه عنهم فلم يعرف قط عبادة من دون الله فياله من مولود مبارك محفوظ رافقته الفضائل من حين ولادته وفي جميع ادوار حياته
فكان مثالا للعدل والورع والشجاعة والعبادة ومعدنا للكلمة والعلم
خامسا : الولاية :
فعلى كل انسان ان يحي ذكرى هذا الامام ويستنشق من مواعظه ويرشف من عبره وخطبه و دعائه/ علي مع الحق والحق مع علي حيثما دار يدور/ .
ويجعل يوم ولادته يوما للاب عالميا فهو افضل المناسبات التي تليق بالابوة ومعناها الرفيع في الحياة الانسانية وممارسة هذه الحياة باعلى التاسي والاخلاق
وعليه فلقد ولد صاحب الوجه المقمر النوراني المبهر علي ابو تراب حيدرة بن عبد مناف من أمه فاطمة بنت اسد اول هاشميين كريمين ومولودها علي فهو امير المؤمنين ويعسوب الدين واول المسلمين ومن حمل الاسلام على عاتقه يوم انطرح اوكاد في مكة وهاجر النبي وأبقى علي الفتى في الفراش وما أدراك ما الفراش في ساعة لم يكن اشد منها ساعة ولا أخطر من اعدائها جماعة فهو امير المؤمنين الذي ارتفع الاسلام على زنده في بدر وأحد والخندق
وحنين ففي كل المواقف والمنعطفات كان مع الرسالة للناس كافة فلاتحصى محاسنه ولاتستقصى مناقبه فهي تملأ القلوب بالايمان وتمد الارواح بالنور وبالقوة والعزة والامتننان
علي من قاتل الناكثين والقاسطين والمارقين والجاحدين والمنافقين والفاسقين والكافرين والمشركين ليظهر الله الدين القويم الإسلام الحنيف على يديه .
فسيفه ذو الفقار قال فيه رسول الله / ما قتل به الا كافر او مشرك او باغي / فسلام الله عليه يوم حمل ويوم عمل ويوم نقل ورحمة الله وبركاته عليه يوم يبعث يوم القيامة قسيما للجنة والنار
سادسا : علي الابوة :
ونأتي على ذكر الاب المثالي الذي يرشف من نبع علي وعلاقة الابناء بالاباء ويتعلق ذلك ويصمد باقوى مصداقية ونعضده بصلته الانسانية بين الاباء والابناء هذه العلاقة التي ينبغي ان تكون قائمة على البر والتقوى والعمل الصالح لتتجلى صلة الرحم باحسن معانيها كما يريدها الله عز وجل ورسوله وفي هذا الصدد سناتي بحول الله على كيفية هذه
العلاقة المثلى وعلى واجبات الولد امام الوالد الذي جعل الامام زين العابدين ع حقه في رسالته الحقوق : /وأمّا حقُّ أبيك، فأن تعلم أنّه أصلك، وأنّك لولاه لم تكن، فمهما رأيت في نفسك ممّا يُعجبك، فاعلم أنّ أباك أصل النعمة عليك فيه، فاحمد الله واشكره على قدر ذلك، ولا قوّة إلّا بالله” /
وواجبات الوالد امام الولد ذكرا كان ام انثى و لابد من اشارة بسيطة موجزة توضح ان الاراء ووجهات النظر التاريخية والاجتماعية تختلف فيما بينها بشكلية هذه العلاقة الانسانية وينعكس هذا الاختلاف على الواقع فيبدوا ان لكل امة ولكل منطقة جغرافية سكنية علائق مخصوصة بها وهذا ليس صحيحا بالمعنى الأمثل فأي اختلاف في علاقة الابن بالاب وبالعكس ينبغي ان لاتكون الا خلافات لا تؤدي الى القطيعة والعقوق في التعامل والروابط واي شذوذ عن هذه القاعدة الصحيحة التي من الواجب ان تقوم ولا يصير الشذوذ قاعدة مع التقادم ولا مثالا يحتذى في أي مجتمع كان ولبيان هذه الظاهرة المنهجية كان من الضروري توضيحها على اساس التعامل الانساني المنطلق من علاقة الاباء
بالابناء فان هذه العلاقة نواة اسروية يبنى المجتمع عليها في كل الشعوب وربما يقول احدهم انها نظرة اسلامية محمدية فقط فنقول له نعم خصوصا ان الاسلام نظر لتكوين المجتمع على اساس الأسرة وليس على اساس الفرد فالعلاقة الاسروية تمثل استعدادا للفرد والتطور والتجديد قال الله تعالى : ( ووصينا الانسان بوالديه احسانا ) لاحظوا ترابط كلمة الانسان في الاية مع الوالدين والاحسان والتوصية اذا موضوع الاية كله الانسان الملتزم بالانسانية والانسانية الملزمة للحب والحرية والاستقامة والعمل الصالح والتقوى والصدق والسلام والوفاء والامن والامان فهذه بعض من القيم الانسانية المستوصى باحسان الوالدين فيها ولما كان الاب قوام الحياة كانت الوصية لكل العالمين .
فقد روي ان رسول الله يشرح لرجل عن ابويه :
/كانا يفعلان ذلك وهما يحبان بقاءك وانت تفعل ذلك وتريد موتهما /
فهل يتساوى الاجر في الحب والبقاء مع الاجر في الحب والفناء وفي كليهما خير ويرضى الله كليهما من عباده الطائعين وذكر ان رجلا من بني سلمة جاء
الى رسول الله فقال له ان ابوي قد ماتا فهل بقي علي شيء من برهما قال: نعم الاستغفار لهما وانفاذ عهدهما واكرام صديقهما وصلة الرحم التي لا تصل الا بهما. ويكون الاب الاولى لانه اصل وجود الابناء والاصل هو جوهر الوجود
اذن البر بعد الموت يواصل الالفة والحب للوالد في المجتمعات كافة فالاستغفار للوالدين يثاب عليه الولد ايضا وتوفية العهود والعقود والديون والواجبات التي كانت لهما وعليهما ومن بعدهما من احسن الاستغفار لهما واكرام اصدقاء الوالدين بعد رحيلهما من احسن العلائق الانسانية في المجتمع وفي مجتمعاتنا الاسلامية خاصة والتي سمحت للاب بالعلاقات الاجتماعية اكثر ما سمحت للام فكان حقه الاعلى على الابناء الاخذ بهذه التوصيات فيحق عليك ان يكون صديق والدك بعد موته صديقك بهذه السمات الطيبة تكون صلة الرحم التي لاتواصل الا بها و هذا رجل اتى الى رسول الله فقال :
يا رسول الله اني راغب في الجهاد نشيط فقال له النبي في الجهاد في سبيل الله فانك ان تقتل تكن حيا عند الله ترزق وان تمت فقد وقع اجرك على الله
وان رجعت خرجت من الذنوب كما ولدت قال يا رسول الله فوالدي كبيرين يرغبان بي ويكرهان خروجي فقال رسول الله فقر اي ابقى مع والديك فوالذي نفسي بيده لانسهما بك يوما وليلة خير من جهاد سنة .
اترون هذا الاجر بالفارق الكبير بين الجهاد وعظمته وانس الوالدين هذا هو الاسلام مع الوالدين وبرهما .
ولنسمع لحديث رسول الله وما اعظمه واغناه من حديث في هذا الشان حيث يقول:/ نظر الولد الى والديه حبا لهماعبادة/ فهل أحد لا يستطيع ان يؤدي هذه العبادة لله في والديه
وعن ابي عبد الله عليه السلام: بينما موسى بن عمران ينادي ربه عز وجل اذ راى رجلا تحت ظل عرش الله عز وجل فقال يا رب من هذا الذي اظله عرشك فقال هذا كان بارا بوالديه ولم يمش بالنميمة فما اكثر ما قيل في الاباء والابناء عن الدعاة والناطقبن والاولياء الصادقين والاصفياء الطاهرين والعباد المؤمنين وبشعار وحيد لاطاعة لمخلوق في معصية الخالق.
سابعا : المعاملة الابوية : فالتعامل مع الوالد وان كان
على معصية يجب ان يكون باحسن واهذب التوجيه ولنا في ابراهيم وابيه عظة كبرى وبنوح وولده عظة اخرى وسبيلنا المستقيم الى هذه العلاقة قوله تعالى / واخشوا يوما لايجزى فيه والد عن ولده / فالحقوق التي فرضها الله باتجاهين في بر الوالدين حق الوالد على الولد وحق الولد على الوالد فاذا قصرت جهة ما بواجبها لايعني ان تقصر الاخرى بل على العكس يجب ان تزداد الجهة المقصر تجاهها بواجبها حتى يتشجع المقصر لهذا الواجب والا فالمعاندة ضارة وفاسدة وتقوم على المعصية و لا تتحقق المعادلة الاجتماعية ولهذا لابد من التداخل والتواصل في المجتمع بشكل تام و نظر الاسلام الى العلاقة الاسروية وصلة الرحم وبر الوالد نظرة فيها صلاح الذرية فعن رسول الله مخاطبا ابا ذر . وقال ياابا ذر ان الله يصلح بصلاح العبد ولده وولد ولده فعليه ان يحسن اسمه ويعلمه الكتاب وقال الزموا اولادكم واحسنوا /. وقال /ص/ توقوا على اولادكم من البغي ومن النساء المجنونة فان اللبن يعدي /. وقال / ادبو اولادكم على ثلاث .حب نبيكم وحب اهل بيته وقراءة القران فان حملة القران في ظل
الله يوم لا ظل الا ظله مع انبيائه واصفيائه / وقال:/ رحم الله والدا اعان ابنه على بره / وقال اعدلوا بين اولادكم كما تحبون ان يعدلوا بينكم في البر واللطف / وقال / احبوا الصبيان وارحموهم واغفروا لهم فان وعدتموهم أوفوا فانهم لا يرون الا انكم ترزقونهم / وقال / علموا الصبي الصلاة لسبع سنين واضربوهم عليها ابن عشر سنين /. وتجب للولد على الوالد ثلاث خصال : اختياره لوالدته وتحسين اسمه والمبالغة في تاديبه / هكذا اعطى الله ورسوله الحق للولد عند ابيه . اختيار الاسم وخير الاسماء ماحمدل وعبدل وعلعل . هذا من مجمل حق الابناء على الاباء ففي تأدية هذه الحقوق يصبح المجتمع فاضلا بحول الله سبحانه وتعالى / واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام ان الله كان عليكم رقيبا / . وبعد هذا العرض البسيط في سرده العظيم في مضمونه الجليل في مقامة يوم الاب المسمى بيوم مولد اسد الله الغالب علي بن ابي طالب ع ونعم الاختيار و الذي لهذه المناسبة اختار وكذلك بمناسبة يوم الام
يوم الزهراء فعلي وفاطمة ابوان للانسانية جمعاء
.. رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صَالِحِينَ ...
هذه العلاقة بين الاب والابناء التي ينبغي ان تكون قائمة على البر والتقوى والعمل الصالح لتتجلى صلة الرحم باحسن معانيها كما يريدها الله عز وجل ورسوله ص واله
وفي هذا الصدد سناتي بحول الله على كيفية هذه العلاقة المثلى
ثامنا : علاقةالابناء بالاباء: وعلى واجبات الولد امام فواجبات الولد امام الوالد ذكرا كان ام انثى
ان الحديث في حقوق الآباء طويل وواسع وجميل يحتاج الى التذكير باستمرار لما لبر الوالد من منزلة كبرى في الاسلام والدين الحنيف واعطاه العلا بين كل القيم الاخلاقية حتى صارت هي المعيار الفاصل بين خير الانسان وشره بسواها غير مرجو ثوابه وكل شر سواها مامول غفرانه وعفوه فالله عز وجل جعل لبر الوالد برسالة الاسلام معنىً و مفهوما كبيرين لم يسبق من قبل فكثيرة هي المفردات التي جاءت بالوصية في ذلك ترتبط بالإحسان والامر الإلهي والاحسان هذا ياخذ اشكالا متعددة وله صور شتى واهميته تأتي بعد عبادة الله مباشرة فنجد البيان
الالهي يؤكد ذلك في أكثر من مكان ويقرن البر بعبادته سبحانه وتوحيده وينطوي تحت كلمة الاحسان معان كثيرة منها الشكر الموازي لشكر الله بقوله تعالى / ان اشكر لي ولوالديك / ومنها حسن التلطف والاكرام وعدم التضجر والاساءة ولو باقل قول او فعل والتواضع لدرجة الذل لهما فالانسان جامع لمعاني الخير والبر والمعاملة الحسنة وعدم الاساءة والتوجه بالاحسان الى الوالد هذا الانسان الذي يعطي هذه المعاني عمقا وقوة اكبر وابلغ ولما كان بر الوالد فرض على كل عبد كان لزاما معرفة الواجبات والحدود التي تتعارض مع هذه الفضيلة تعارض تقديم وتفضيل لا تعارض امر ونهي فيجب على الولد الموسر ذكرا كان او انثى كبيرا كان او صغيرا نفقة والديه الفقراء ولو كانا قادرين على الكسب ما لم يظهر تعنت الاب في اختيار البطالة على عمل الامثل كسلا وعنادا
وفي تقديم بر الوالد على حق الزوجة فقد /جاء رجل لرسول الله يسأله يارسول الله ان ابي يأمرني ان أطلق زوجتي فقال طلقها /
وروى سيدنا علي عليه السلام عن النبي صلى الله
عليه واله قال:/ من حديث نقتطع منه : فقد حل البلاء قيل وما هي يا رسول الله قال : واطاع الرجل زوجته وعق والديه وبر صديقه وجفا أباه / إذن منها اطاع الرجل زوجته وعق والده وقال رسول الله ان من ابر البر صلة الرجل اهل ود ابيه قال ص البر ان تصل صديق ابيك وقال ص احفظ ود ابيك ولا تقطعه فيقطع الله ودك. فهذا العمل يؤدي الى زيادة الترابط الأسري وتقوي الوشائج بين افراد المجتمع ويدل على مدى قوة المحبة والحنان بين الاولاد ووالديهم فقال في ذلك رسول الله: اذا مات الانسان انقطع عمله الا من ثلاث صدقة جارية أوعلم ينتفع به او ولد صالح يدعو له
ويسال رجل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟؟ يارسول الله هل يبقى من ابوي شيء ابرهما به بعد موتهما؟؟؟ قال الرسول صلى الله عليه واله وسلم : نعم الصلاة عليهما والاستغفار لهما وإيفاء عهدهما من بعدهما وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما وإكرام صديقهما /.
والاحاديث كثيرة في هذا الخصوص وقال الله تعالى على لسان نوح عليه السلام : /رب اغفر لي
ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات /
وعلى لسان ابراهيم عليه السلام / ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب /
وعلى لسان سليمان عليه السلام / رب اوزعني ان اشكر نعمتك التي انعمت علي وعلى والدي /. وليس بر الوالدين بعد موتهما مقصور على الدعاء لهما وحسب بل للولد أن يصوم ويحج عنهما اذا استطاع ويتصدق عنهما لاهل الفقر والحاجة ومن قصر في بر الوالدين وندم على ما فرط وخاف العاقبة فباب الاحسان مفتوح فيدخل مستغفرا متصدقا لهما واصلا ودهما وواهبا ثواب الخير لهما . والله عز وجل يغفر لهما ويرحمهما من جهة ويغفر للولد ببركة دعائه وعمله من جهة اخرى فتكون فرصته المواكبة ليعوض ما فاته من هذا الامر الواجب .
و يجب ان يتبع مع بر الوالد الأدب بكل معانيه فقد أتى الى النبي رجل ومعه شيخ فقال من هذا الذي معك قال ابي فقال له لا تمش امامه ولا تقعد قبله ولا تدعه باسمه فقل له يا ابت ولا تستسب له أي لا تكون سببا في سبه / ومن الآداب ان نقوم لهما ولا
نأكل شيئا نظر ابوانا له و اشتهياه ولا تبكهما وروى ابو يزيد البسطامي فقال :كنت ابن عشرين سنة فدعتني امي لمرضها ذات ليلة فاجتنبتها فجعلت يدي تحت راسها ويدي الاخرى امرها على جسمها وأقرأ / قل هو الله احد / فتخدرت يدي وصبرت على ذلك حتى طلع الفجر ولم انتفع بعد ذلك بيدي ولما كان ذلك رآه بعض الصحابة وهو يطير في الجنان فقالوا له بما نلت هذه الرحمة قال ببر الوالدين والصبر على الشدائد / فعلى الابن ان يرى نفسه اقل من الوالدين وادنى منزلة منهما ولا يتقدم عليهما في مجلس او مكان معترفا لهما بالاحسان والامتنان لقول رسول الله / طاعة الله في طاعة الوالد ومعصية الله في معصية الوالد / . وهناك أبواب ونوادر كثيرة لبر الوالدين وخصوصا الاب
إن تربية أبنائنا تقع على مسؤولية الجميع من الوالدين إلى المجتمع كله تاسعا :المسارالابوي :
وللوالدين الأثر العظيم في تحديد مسار الأبناء وتربيتهم لقول النبي ص (ما من مولود إلا ويولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه) فلابد من العناية بتربيتهم لتقر عيوننا برؤيتهم
ونكون من الذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين وتفسيرها ماأرادوا صباحة وجوه أبنائهم ولا جمال أجسادهم إنما أرادوا أن تقر أعينهم بصلاحهم وأن يكونوا مطيعين لله عز وجل فالأجر متصل بتربيتهم للآخرة . ولابد من العناية بالتربية حتى لا تشقى الأمة بأبنائها وأي شقاء أعظم من أن يظهر في الأمة جيل يشتري الوهم والخيال والأحلام بأموال طائلة وأي شقاء للأمة وللأباء عندما يعبث أبناؤهم بأعراض الآخرين ولن تسلم أعراضهم.
قال ص إن الزنا دين إذا استقرضته كان الوفا من أهل بيتك فعلى العبد أن يستشعر مسؤوليته ليستقيم في سلوكه وخلقه لأنه في موضع قدوة أبنائه والعيون معلقة به فأنت بالنسبة لولدك كنسبة العود إلى الظل ولا يستقيم الظل والعود أعوج فإن من الآباء من أجرموا في حق أبنائهم بالقدوة السيئة التي ضربوها لهم
حيث قال الشاعر:
إذا كان رب البيت بالدف ضاربا فشيمة أهل البيت كلهم الرقص
ومن صفات المربي أن يكون حازما ورحيما فرسول
الله كان من أرحم الناس بعياله وأهله وأما الحزم الذي نتكلم عنه فهو أن لا تسكت على خطأ أبدا لقول النبي (ولا ترفع عنهم عصاك أدبا) فلابد أن تتولى أمر التربية بنفسك وتحت إشرافك فيكون لك وجود وحضور في أسرتك وأن ترصد كل ما يدخل بيتك من مجلة أو صحيفة أو فلم أو شريط وأن ترصد كل ما يعرضه الإعلام من غث وسمين وأن تسكت كل صوت لا ينبغي أن يسمع مما فيه دعوة إلى فاحشة وخنا وأن تنمي معاني الرجولة في أبنائك ومعاني الحياء والعفة في بناتك وعليك أن تربط الولد بالله بذكر الله عز وجل بأن تغرس في قلبه معاني اليوم الآخر من جنة ونار وحساب وعرض على الله عز وجل عندما يولد المولود في إسلامنا من السنة أن تؤذن في أذنه فأول كلمة تطرق قلبه الله أكبرقال ص (ما من مولود يولد فيؤذن في أذنه اليمنى وتقام الصلاة في أذنه اليسرى ) فالتربية بالعادة أن يتعود الخلق الكريم وأن يتعود الطاعة لقول النبي ص (إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان) وهو لم يعتد المساجد في كبره إلا لأنه نشأ على هذا الأمر منذ صغره
عاشرا : مشاركة الام: وهذه التربية ليست تقتصر على الاب كزوج بل تتشارك معه الام كزوجة فهما شريكان لحماية ابنائهما
فتقول أم عطية: (كنا نصوم صبياننا فإذا بكوا أشغلناهم باللعب حتى يأتي وقت الأذان)
وأن يتعود تحية السلام عليكم وأن يتعود أن يقبل يدي والديه وأن يتعود احترام الكبير حتى تنغرس هذه الأمور منذ صغره فتنموا بعد ذلك في كبره.ولابد أن يربط الولد بسيرة الأنبياء
لقوله الله عز وجل:/ أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده /
وبرسول الله / لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة /
.إن لم تكونوا مثلهم فتشبهوا إن التشبه بالكرام فلاح
ولابد من التربية أخيرا بالعقوبة فالضرب للولد مثل السماد للزرع قال /مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين وفرقوا بينهم في المضاجع/
وقال /الولد سبع أمير وسبع أسير وسبع وزير ثم تشاوره ويشاورك/
فينبغي أن لا تكون النعمة سببا أن ننسى رسول الله وأن ننسى أخلاقنا فنستقبل نعم الله بالشكر وأن نزداد لله طاعة وأن يكون لحضورنا في اسرنا نصيب كبير ولا يكون العمل هو الشغل الشاغل
كما قيل :/حمار في النهار وجيفة في الليل وعالم بالدنيا وجاهل بالآخرة /
وينمي حب النبي وآله في القلوب فيقول ص /من أصبح منكم آمنا في سربه معافا في جسده عنده قوت يومه فقد حيزت له الدنيا بحذافيرها/ .
وأنظر أخي الإنسان كيف يعظم القرآن الكريم شأن الأبوين،
ويحض على إجلالهما ومصاحبتهما بالبر والمعروف،
حيث قال: «ووصينا الانسان بوالديه حسنا )
وعند مراجعة كتاب الله نجد ان الإحسان هو اعلى مراتب العمل في طاعة الله .
ولما قال الله تعالى / وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا /
فسئل الصادق ع عنها قال ظنوا انها لا تخص المسلمين قال ان ذلك أعظم عليكم /.
ومن أفضل الطاعات البر ، ومن افضل البّر ، بّر الوالدين فمرحى لمن بّر والديه ، وطوبى له ، فان الجنّة مأواه ، والنار بعيدة عنه ، وهو من السعداء ، ومن كان برا بوالديه يعيش في سعة الرزق وتغدو وتروح عليه الايام وهو في بحبوحة النعيم ، سواء كان ثريا أم لا ، وسواء كان عاملا أم رب عمل ،
والحكايات على هذه كثيرة وكثيرة جداً ، وكيف ما تعامل ابويك يعاملك ابناؤك .
عن ابي عبد الله عليه السلام قال : /بّروا آبائكم يبركم ابنائكم ، وعفوا عن نساء الناس يعفوا عن نسائكم /وعن ابي عبد الله عليه السلام يقول :/ثلاث لم يجعل الله تعالى لاحد من الناس فيهّن رخصة : بر الوالدين برّين كانا اوفاجرين ، ووفاء بالعهد للبر والفاجر ، واداء الامانة الى البرو والفاجر /
وعن الحسن البصري ، قال : كنت مع أبي جعفر عليه السلام بمنى ، وقد مات رجل من قريش فقال عليه السلام : يا أبا سعد قم بنا الى جنازته ، فلّما دخلنا المقابر قال عليه السلام : ألا اخبركم بخمس خصال هي من البّر ، والبّر يدعوا الى الجنّة . قلت بلى . قال عليه السلام : اخفاء المصيبة وكتمانها ، والصدقة
تعطيها بيمينك لا تعلم بها شمالك ، وبّر الوالدين ، فانّ برّهما لله رضى ، والاكثار من قول : ( لاحول ولا قوة الاّ بالله العلي العظيم فانّه من كنوز الجنّة ، والحبّ لمحمّد وآل محمّد صلى الله عليه وآله وسلّم /
ولما ذكر الله المحرمات على المؤمنين في كتابه القرآن ذكر منها الإحسان للوالدين فقال: (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)
قال رسول الله ص . ولما أمر الله عز وجل المؤمنين بخاصة العدل وجعله أساس الإستقرار في المجتمعات ربط ذلك ببر الوالدين
فقال سبحانه / يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا/
وقال رسول الله : /تفتح ابواب السماء بالرحمة في اربع مواضع : عند نزول المطر , وعند نظر الولد في وجه الوالدين . وعند فتح باب الكعبة /.
ولا تصح ولا تحسن معرفة الله وعبادته الا ببر الوالدين
فقد قال الصادق ع :/ برّ الوالدين من حسن معرفة العبد بالله /،
اذ لاعبادة اسرع بلوغا بصاحبها الى رضا الله من بّرالوالدين ، لأن حق الوالدين مشتق من حق الله تعالى ، اذا كانا لا يمنعان الولد من طاعة الله تعالى الى طاعتهما ومن اليقين الى الشك ، ومن حب الآخرة الى الدنيا ، ولا يدعوانه الى ظلم وبغي او فجور ، فمعصيتهما في ذلك وطاعتهما لأوامر الله هي من بر الوالدين .
ولا إثم فيه حيث قال الله تعالى: / وان جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتّبع سبيل من أناب اليّ ثم اليّ مرجعكم / .
و من كلمات مولانا امير المؤمنين ع أنه قال /بر الوالدين اكبر فريضة /
وعليه فقد حثّ الإسلام على التمسك بالقيم الاَخلاقية في تعامل الاَولاد مع والديهم ، بحيث تتحول إلى طبع يطبع سلوك الاَبناء..
وفي هذا الصَّدد يقول الاِمام علي عليه السلام : /برّ الوالدين من أكرم الطباع /
وقال الصادق عليه السلام: /ان رجلاً أتى النبي فقال: يا رسول اللّه أوصني. فقال: لا تشرك باللّه شيئاً، وان حرقت بالنار وعذبت إلا وقلبك مطمئن بالايمان. ووالديك، فأطعهما وبرّهما حيين كانا أو ميتين، وان أمراك ان تخرج من أهلك ومالك فافعل، فان ذلك من الايمان /.
وعن ابراهيم بن شعيب قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام: إن أبي قد كبر جداً وضعف، فنحن نحمله اذا اراد الحاجة. فقال: /ان استطعت ان تلي ذلك منه فافعل، ولقّمه بيدك، فانه جنّة لك غداً/
وليس البر مقصوراً على حياة الوالدين فحسب، بل هو ضروري في حياتهما وبعد وفاتهما، لانقطاعهما عن الدنيا وشدة احتياجهما الى البر والاحسان.
وقال الباقر عليه السلام: (إن العبد ليكون باراً بوالديه في حياتهما، ثم يموتان فلا يقضي عنهما
دينهما ولا يستغفر لهما، فيكتبه اللّه عاقاً. وانه ليكون عاقاً لهما في حياتهما غير بار بهما، فاذا ماتا قضى دينهما واستغفر لهما، فيكتبه اللّه تعالى باراً/
وعن الصادق عن أبيه عن آبائه عليهم السلام قال: /قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله: سيد الأبرار يوم القيامة، رجل برّ والديه بعد موتهما/
وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال رسول اللّه ص: /ثلاثة من الذنوب، تعجل عقوبتها ولا تؤخر الى الآخرة: عقوق الوالدين، والبغي على الناس، والكفر بالاحسان /
وقد جاء في الحديث النبوي/ إياكم ودعوة الوالد فانها أحدّ من السيف/.
قال رسول اللّه ص: /ميراث اللّه من عبده المومن ولد يعبده اي يعبد الله من بعده /
ثم تلا أبو عبد اللّه عليه السلام آية زكريا على نبينا وآله وعليه السلام: (فهب لي من لدنك وليّاً يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله ربيّ رضيا
ومن الواضح أن صلاح الأبناء واستقامتهم يستلزمان رعاية فائقة واهتماماً بالغاً في إعدادهم وتوجيههم وجهة الخير والصلاح
قال الامام السجاد عليه السلام: /وأما حق ولدك: فان تعلم انه منك، ومضاف اليك في عاجل الدنيا بخيره وشره. وانك مسؤول عمّا وليته من حسن الأدب، والدلالة له على ربه عز وجل، والمعونة له على طاعته. فاعمل في أمره عمل من يعلم أنه مثاب على الاحسان اليه، معاقب على الاساءة اليه/
ولا يتهاون الأباء في معاقبة أولادهم على الاساءة والتقصير، فيستخفون بهم ويتمردون عليهم، وخير الأساليب في ذلك هو التدرج في تأديب الأبناء وتقويمهم، وذلك بتشجيعهم على الاحسان، بالمدح والثناء وحسن المكافأة، وبنصحهم عن الاساءة. فان لم يجدهم ذلك، فبالتقريع والتأنيب، والا فبالعقوبة الرادعة، والتأنيب الزاجر. فان رسول الله ص قال : (من أمن العقوبة أساء الأدب/.
والبيت هو المدرسة الأولى للطفل، يترعرع في ظلاله، وتتكامل فيه شخصيته، وتنمو فيه سجاياه، متأثراً بأخلاق أبويه وسلوكهما. فعليهما أن يكونا قدوة حسنة، ومثلاً رفيعاً، لتنعكس في نفسه مزاياهم وفضائلهم.وأول ما يبدأ به في تهذيب الطفل، تعليمه آداب الأكل والشرب: كغسل اليدين
قبل الطعام وبعده، والأكل بيمينه، وإجادة المضغ، وترك النظر في وجوه الآكلين، والرضا والقنوع بالمقسوم من الرزق. ونحو ذلك من الآداب.
ثم يروضه على أدب الحديث، والكلام المهذب، والقول الحسن. ومنعه عن الفحش، والبذاء، والاغتياب، والثرثرة. وما الى ذلك من مساوئ اللسان وأن يحسن الاصغاء، كما يحسن الحديث، فلا يقاطع متحدثاً حتى ينتهي من حديثه. وأهم ما يعنى به في توجيه الأولاد، غرس المفاهيم الدينية فيهم، وتنشئتهم على العقيدة والايمان، بتعليمهم أصول الدين وفروعه بأسلوب يلائم مستواهم الفكري، ليكونوا على بصيرة من عقيدتهم وشريعتهم، وأن يبني في قلوبهم وعقولهم حب الوطن والدفاع عنه و التقيد بقوانينه وانظمته فيجعلهم محصنين ضدّ الشبه المضللة من أعداء الاسلام ومن أعداء الوطن .
حيث قال الله تعالى /يا أيها الذين امنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة، عليها ملائكة غلاظ شداد، لا يعصون اللّه ما أمرهم ويفعلون مايؤمرون/
وعلى الآباء ان يروّضوا أبناءهم على التخلق
بالأخلاق الكريمة والسجايا النبيلة: كالصدق، والأمانة، والصبر، والاعتماد على النفس.وتحريضهم على حسن معاشرة الناس: كتوقير الكبير، والعطف على الصغير، وشكر المحسن، والتجاوز ما وسعهم عن المسيء، والتحنّن على البؤساء والمعوزين.
ومن المهم جداً منع الأبناء من معاشرة القرناء المنحرفين الأشرار، وتحبيذ مصاحبة الأخدان الصلحاء لهم، لسرعة تأثرهم بالأصدقاء، واكتسابهم من أخلاقهم وطباعهم،
كما قال النبي صلى اللّه عليه وآله: /المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل/.
وقد شهد الناس كثيراً من مآسي الشباب الذين انحرفوا عن النهج السوي، وتدهوروا في مهاوي الرذيلة والفساد، لتأثرهم بقرناء السوء، وأخدان الشر. وهكذا يحسن بالآباء أن يستطلعوا مواهب أبنائهم وكفاءاتهم، ليوجهوهم، في ميادين الحياة وطرائق المعاش، حسب استعدادهم ومؤهلاتهم الفكرية والجسمية: من طلب العلم، أو ممارسة الصناعة، أو التجارة.أو الزراعة أو أي عمل صالح يتوفر لهم ليتمكنوا من اتقانه وليستطيعوا الاضطلاع بأعباء
الحياة، ويعيشوا عيشاً كريماً.
كما قال رسول الله /ان الله يحب اذا عمل أحدكم عملا ان يتقنه / .
وأبواب بر الوالدين واسعة ذكرت ما وفقني الله اليه
عاشرا: الخاتمة :
واختمه بأفضل علاقة ابوية خلدها تاريخ الإنسانية الى الأبد وهي علاقة النبي محمد ص بابنته الزهراء سلام الله عليها فلا بد ان نتوجه لمجتمعاتنا بضرورة التأسي بهذه العلاقة المجيدة فقد كانت نموذج الطاعة المثلى لأبيها محمد وأمها خديجة سلام الله عليهم جميعا وكان والدها النبي قد أحسن طفولتها وتربيتها وايمانها وزواجها وسن هذا السلوك عقيدة يتعبد فيها المؤمنون لله سبحانه وما سجلت البشرية قيما اجتماعية ابوية في أحسن مقامات البر مثلما سجلت لمحمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين سلام الله عليهم وأمر الله عز وجل بالزواج لكل ما زرأ وخلق
وميز زواج الرجل والمرأة عن كل ما وجد بالحكمة والكرم والأخلاق واهمها أن لا يخشوا الفقر وان لا يرهبوا الموت فيه
فقال الله سبحانه" وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم ان يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم"
وان رجلاً اتى النبي فشكى اليه الحاجة، فأمره بالتزويج حتى أمره ثلاث مرات ؟ ثم قال ع الرزق مع النساء والعيال بلى.. أليس الرزق من عند الله أو ليس للمرأة والذرية رزق عند الله الذي جعل لكل شيء رزقاً ؟
وان الرجل ليزداد نشاطاً عند إحساسه بالمسؤولية باعالة الاسرة فتتفجر طاقاته ويطور بذلك الامكانات الاقتصادية في البيئة التي يعيش ضمنها.
وهكذا رغّبت النصوص في الزواج وحذرت الناس من مغبة الاعراض عن الزواج خشية الفقر والآرهاب وعنه صلوات الله عيه واله/ من أحب ان يلق الله طاهرا مطهرا فليلقه بزوجة /
فمن خلال الزواج يؤمِّن الانسان حاجته العاطفية والروحية الى الطرف الاخر عبر المودة والحب
والتعبير القراني نافذ البلاغة والجمال، حيث الزوج جزء منفصل من الذات لا تتكامل الا به والانشداد اليه يتم بالمودة وبالرحمة تلك العاطفة النابعة من
الحاجة المادية والروحية وبالمودة والرحمة يتم بناء البيت الأسري حيث الاستقرار والالفة وخصوصاً اذا تمخض الزواج عن ذرية صالحة مباركة تعمر البيت بالدفء والسرور وتجعل كلاً من الرجل والمرأة يشعران بمسؤوليتهما المشتركة ازاء الكيان العائلي الذي اسهما في بناءه .ولقد جعل الشرع الطريقة التي اتبعت في زواج فاطمة وعلي عليهما السلام سنّة مؤكدة لأنها كانت صورة مجسدة لتعاليم الإسلام فعينوا مهراً بسيطاً وبدون لف ودوران وبالبساطة والزهد تتوفر الراحة والطمأنينة وكما يقول الإمام علي في حديث يصف فيه المؤمنين :/ أصابوا لذة زهد الدنيا في دنياهم / ولعل بساطة مهر سيدة النساء وتجهيز بيتها كانت تهدف إلى تيسير قضية الزواج ليصبح زواج فاطمة مثالاً يحتذى لكل زواج رسالي أَوَليست فاطمة بنت محمد بن عبد الله ، رسول الله صلَّى الله عليه وآله ، وهي صدِّيقة وزوجها سيد الوصيين الإمام عليّ ؟. فَلِمَ لا يصبح زواجهما الرمز والنموذج وقد اقام هذا البيت العلوي الفاطمي رسالة الى كل عاقل وانساني يعمل لصلاح كل الناس
واعلموا انه ما زاد أحد على هذه السنة المحمدية الا نقص إما بولده او بسعادته او بأي أمر من خصائص زواجه وهذه نقطة مهمة يسأل الأهل انفسهم عنها فيجدون جوابا لكل حالة مؤذية في زواج ولدهم والشواهد كثيرة وخصوصا مع بدعة المهر غير المقبوض وتاخير الزواج وطلبات الأهل المعطلة للزواج وطلبات العرس وفي هذه الأزمة التي نمر بها اليوم وشبابنا مستنفرون بالدفاع عن مصيرهم ضد اخطر حرب كونية اجرامية ارهابية من قبل خوارج هذا العصر ومن يساندهم ويطول غيابهم فعلينا ان نبحث عن أي وسيلة ممكنة لتزويجهم في اماكن وجودهم ان امكن وهذا يخفف عنهم عناء وشدة الحرب
وكذلك الأمر بالنسبة لزوجات الشهداء الشباب وما اكثر الشابات منهن ينبغي السعي لتزويجهن وتشجيعهن على الزواج وهذا يرضي الله ورسوله والمؤمنين قال النبي / تناكحوا تكاثروا فإني مباه بكم الأمم /
فكيف بكم ايها الموالون لمحمد وآل محمد في هذه المحنة التي تفقدون فيها زهرة شبابكم وتتركون
فيها ورود نسائكم بلا زواج فكيف بكم وانتم تواجهون اعتى طغيان وظلم وعدوان يتكاثرون كالبعوض والجرذان
اين انتم من هذا التناقص الشديد ولا تأتمرون بطاعة الله في هذه المحنة فعلى النخب والشيوخ ان يعملوا لكسر حجاب الاستحياء والخجل والخوف الذي ليس له ما يبرره الا المعصية مالكم بعيدون عن شبابنا وبناتنا وزوجات الشهداء منهم خصوصا ومن كان لديها اولاد من الأفضل لها ان تتزوج اذا كانت تستطيع الإنجاب ايضا وعلى من يتزوجها ان يستوصي بها وبولدها خيرا فذلك اجر كبير من الله عزو جل
فاعملوا ايها الموالون ايها المؤمنون ايها المستهدفون ايها المظلومون وخصوصا منكم القادرون فهذا ما وصى به الله ورسوله واهل بيته ولا تخشون في الله لومة لائم وخصوصا تلك العادات الداخلة المقيتة التي خيمت على مجتمعنا وهي غريبة عنا مليئة بالأنانية والعجرفة وحب الذات
والأغرب في ذلك ان المرأة فينا تدعي العطاء والحب واذا دخلت زوجة ثانية عليها تقوم وتقعد حقدا
وكرها وضغينة حتى الكفر بينما زوجها يعمل لحل مشكلة او مساعدة لزميلتها فأين انسانيتها التي تدعيها ام هي الأنانية والنرجسية التي تسوقها بدلا من ان يسوقها الإيمان وطاعة الله
و لابد من عرض وصية الاب علي بن ابي طالب ع الى الابن الحسن بن علي ع فهي المنهج الحياتي الحقيقي للدنيا والاخرة ومدرسة ابوة لا ترقى اليها مدرسة واقطف منها ثمرات الايمان والحق فمنها :
ووَجَدْتُكَ بَعْضِي - بَلْ وَجَدْتُكَ كُلِّي - حَتَّى كَأَنَّ شَيْئاً لَوْ أَصَابَكَ أَصَابَنِي - وكَأَنَّ الْمَوْتَ لَوْ أَتَاكَ أَتَانِي – فَعَنَانِي مِنْ أَمْرِكَ مَا يَعْنِينِي مِنْ أَمْرِ نَفْسِي - فَكَتَبْتُ إِلَيْكَ كِتَابِي -
........واعْرِضْ عَلَيْه أَخْبَارَ الْمَاضِينَ - وذَكِّرْه بِمَا أَصَابَ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ مِنَ الأَوَّلِينَ - وسِرْ فِي دِيَارِهِمْ وآثَارِهِمْ - فَانْظُرْ فِيمَا فَعَلُوا وعَمَّا انْتَقَلُوا وأَيْنَ حَلُّوا ونَزَلُوا - فَإِنَّكَ تَجِدُهُمْ قَدِ انْتَقَلُوا عَنِ الأَحِبَّةِ - وحَلُّوا دِيَارَ الْغُرْبَةِ - وكَأَنَّكَ عَنْ قَلِيلٍ قَدْ صِرْتَ كَأَحَدِهِمْ - فَأَصْلِحْ مَثْوَاكَ ولَا تَبِعْ آخِرَتَكَ بِدُنْيَاكَ -.......فَإِنَّ الْكَفَّ عِنْدَ حَيْرَةِ الضَّلَالِ خَيْرٌ مِنْ رُكُوبِ الأَهْوَالِ.......ورَأَيْتُ حَيْثُ عَنَانِي مِنْ أَمْرِكَ مَا يَعْنِي الْوَالِدَ الشَّفِيقَ -
وأَجْمَعْتُ عَلَيْه مِنْ أَدَبِكَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ - وأَنْتَ مُقْبِلُ الْعُمُرِ ومُقْتَبَلُ الدَّهْرِ - ذُو نِيَّةٍ سَلِيمَةٍ ونَفْسٍ صَافِيَةٍ - وأَنْ أَبْتَدِئَكَ بِتَعْلِيمِ كِتَابِ اللَّه عَزَّ وجَلَّ - وتَأْوِيلِه وشَرَائِعِ الإِسْلَامِ وأَحْكَامِه وحَلَالِه وحَرَامِه - لَا أُجَاوِزُ ذَلِكَ بِكَ إِلَى غَيْرِه -.......أَنَّ أَحَبَّ مَا أَنْتَ آخِذٌ بِه إِلَيَّ مِنْ وَصِيَّتِي تَقْوَى اللَّه - والِاقْتِصَارُ عَلَى مَا فَرَضَه اللَّه عَلَيْكَ - والأَخْذُ بِمَا مَضَى عَلَيْه الأَوَّلُونَ مِنْ آبَائِكَ - والصَّالِحُونَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ .......يَا بُنَيَّ اجْعَلْ نَفْسَكَ مِيزَاناً فِيمَا بَيْنَكَ وبَيْنَ غَيْرِكَ - فَأَحْبِبْ لِغَيْرِكَ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ - واكْرَه لَه مَا تَكْرَه لَهَا - ولَا تَظْلِمْ كَمَا لَا تُحِبُّ أَنْ تُظْلَمَ - وأَحْسِنْ كَمَا تُحِبُّ أَنْ يُحْسَنَ إِلَيْكَ - واسْتَقْبِحْ مِنْ نَفْسِكَ مَا تَسْتَقْبِحُه مِنْ غَيْرِكَ - وارْضَ مِنَ النَّاسِ بِمَا تَرْضَاه لَهُمْ مِنْ نَفْسِكَ - ولَا تَقُلْ مَا لَا تَعْلَمُ وإِنْ قَلَّ مَا تَعْلَمُ - ولَا تَقُلْ مَا لَا تُحِبُّ أَنْ يُقَالَ لَكَ - واعْلَمْ أَنَّ الإِعْجَابَ ضِدُّ الصَّوَابِ وآفَةُ الأَلْبَابِ – فَاسْعَ فِي كَدْحِكَ ولَا تَكُنْ خَازِناً لِغَيْرِكَ - وإِذَا أَنْتَ هُدِيتَ لِقَصْدِكَ فَكُنْ أَخْشَعَ مَا تَكُونُ لِرَبِّكَ .......واعْلَمْ يَا بُنَيَّ أَنَّكَ إِنَّمَا خُلِقْتَ لِلآخِرَةِ لَا لِلدُّنْيَا - ولِلْفَنَاءِ لَا لِلْبَقَاءِ ولِلْمَوْتِ لَا لِلْحَيَاةِ - وأَنَّكَ فِي قُلْعَةٍ ودَارِ بُلْغَةٍ - وطَرِيقٍ إِلَى الآخِرَةِ - وأَنَّكَ طَرِيدُ الْمَوْتِ الَّذِي لَا يَنْجُو
مِنْه هَارِبُه - ولَا يَفُوتُه طَالِبُه ولَا بُدَّ أَنَّه مُدْرِكُه فَكُنْ مِنْه عَلَى حَذَرِ أَنْ يُدْرِكَكَ وأَنْتَ عَلَى حَالٍ سَيِّئَةٍ - قَدْ كُنْتَ تُحَدِّثُ نَفْسَكَ مِنْهَا بِالتَّوْبَةِ - فَيَحُولَ بَيْنَكَ وبَيْنَ ذَلِكَ - فَإِذَا أَنْتَ قَدْ أَهْلَكْتَ نَفْسَكَ ......اسْتَوْدِعِ اللَّه دِينَكَ ودُنْيَاكَ - واسْأَلْه خَيْرَ الْقَضَاءِ لَكَ فِي الْعَاجِلَةِ والآجِلَةِ - والدُّنْيَا والآخِرَةِ والسَّلَامُ.
وبهذه العجالة نحي يوم الاب ورمزه مولد الامام علي ع ومضمونه الكتاب والسنة والعترة وبيته العلوي علي وفاطمة عليهما السلام والله ولي التوفيق وهو اعلم بالمهتدين وصلوات الله وسلامه على محمد واله الطاهرين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
خادمكم الاذل الافقر الشيخ سلمان ال سليمان.
تعليقات
إرسال تعليق