القرآن السياسي
لايمكن البدء في تفهم القرآن السياسي الا من خلال متابعة التفاسير فيما روي عن اسباب نزول آيات القرآن الكريم لأنه لم يذكر المفسرون اسبابا الا لبعض الآيات ولاستكمال هذا الفهم نسبيا يجب ان ترتب هذه الآيات حسب نزولها وليس حسب ترتيبها الحالي في القرآن لأن النزول يبين سياسة الوحي والنبي ص بينما التوقيف الحالي يبين سياسة الأئمة والصحابة وعليه فمعرفة الأمرين تفتح نافذة في هذا العلم الواسع العريض المديد .وسأبدأ ان شاء الله وبقدر ما امكنني به الله بفتح كوة من هذا النور لعل الله يقيض لهذا الباب من علوم القرآن من يتابع بقوة وقدرة علمية وعقلية اكبر في المستقبل ليكون هذا الإعجاز القرآني عامل توحيد في سياسة المسلمين المشتتة بين سياسات حضارات متنوعة يعملون بها بالتبعية للغير وعندهم ما يجعلهم سادة وصدارة للعالمين في هذا القرآن السياسي ولما كان التفسير الأمثل لهذا الموضوع هوالامثل في تفسير كتابِ اللهِ المُنزَل للمؤلف :الشَيخ نَاصِر مَكارم الشِيرازي بما استجمعه من كافة تفاسير القرآن حتى تاريخه وشاركه في تأليفه عشرة من العلماء الكبار كان الإعتماد عليه أكثر موضوعية ولملمة ودقة فاخترناه دون غيره بما تميز من لغة تناسب قراء هذا العصر ناهيك عن الميزات المتعلقة في الإقتضاب المجزي والتوسعة في الفهم الكافي مع الإشارات اللازمة والقريبة جدا من السهولة في تناول المعارف القرآنية مع الدقة والمتانة والغيرة على الدين المحمدي الأصيل وكتابه القرآن المجيد جازاه الله عن المؤمنين كل خير .والله الموفق .
الأمثل / الجزء العشرون / صفحة -389- الآيات من سورة العاديات
وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً(1) فَاُلْمُورِيَاتِ قَدْحاً(2) فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحاً(3) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعَاً(4) فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً(5) إِنّ َاْلإِنسَانَ لِرَبِّهَ لَكَنُودٌ(6) وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ(7)وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيْدٌ(8) أَفَلاَ يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِى الْقُبُورِ(9) وَحُصِّلَ مَا فِى الصُّدُورِ(10) إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذ لَّخَبِيرٌ(11)
سبب النّزول
روي أن هذه السّورة نزلت بعد واقعة ذات السلاسل وكانت الحادثة على النحو التالي: في السنة الثامنة للهجرة بلغ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) نبأ تجمّع اثني عشر ألف راكب في أرض «يابس» تعاهدوا على أن لا يقرّ لهم قرار حتى يقتلوا الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)وعليّاً(عليه السلام)ويبيدوا الجماعة المسلمة. وبعث النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) جمعاً من أصحابه إليهم فكلّموهم، ولكن دون جدوى. فأرسل النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) عليّاً(عليه السلام) مع جمع غفير من المهاجرين والأنصارلمحاربتهم. فحثوا الخطى إلى منطقة العدو وطووا الطريق في الليل، فحاصروا العدوّ، وعرضوا عليهم الإِسلام أوّلا، وحين أبوا شنوا هجومهم والجوّ لمّا يزل في ظلام، ودحروهم، فقتلوا جماعة وأسروا النساء والأطفال وغنموا أموالا كثيرة. ونزلت سورة «والعاديات»، وجيوش الإِسلام لم تصل إلى المدينة بعد، وفي ذات اليوم صلى رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) بالنّاس الغداة وقرأ «والعاديات»، فلما فرغ من صلاته قال أصحابه هذه سورة لم نعرفها، فقال رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم): «نعم إن عليّاً ظفر بأعداء الله وبشرني بذلك جبرائيل(عليه السلام) في هذه الليلة. فقدم علي بعد أيّام بالغنائم والأسارى.قيل إن هذه الواقعة من المصاديق البارزة للآية وليست سبباً لنزولها.
واقول ان هذا البيان السياسي العسكري الأول المعلن في مكة يبرز كيفية الإعداد لقوة الثورة في المواجهة مع قوى الإستكبار والطاغوت الممثلين بالتنكيد على المستضعفين وينبغي مواجهتهم في كل وقت في الصباح في العشاء في الفجر في الظهيرة بدون كلل او تواني حتى النصر على الإنسان المتعامي والمتجاهل والمستبد لحقوق الشعوب ولما تحقق اول مصداق لهذا البيان بعد معركة ذات السلاسل التي قادها كبير نصرة المستضعفين علي بن ابي طالب الذي هاجم تجمع الطواغيت وجنودهم في الظلام ولأول مرة يعرف ذلك في تلك المجتمعات وانتصر بها على تجمع قوى
الإستبداد والإستعباد الكنودين الذي لا يعملون الا لمصالحهم الشخصية ويسخرون المغررين بهم لحماية هذه المناقع والمنافع فقام قائد الثورة ليتلوا هذا البيان مجددا على الشعب في المدينة ليذكرهم بأهمية المواجهة والإعداد لها منذ البدايات في الجند والعتاد ويشرح لهم الكنود بقوله هو الذي يأكل وحده ويمنع رفده ويضرب عبده وهذا وصف دقيق للرهط الفاسدين وهذا يوطد مفهوم سياسة الثورة عسكريا وان تأخر استخدامها فهي من موجبات العمل الثوري الضرورية

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة