الحرية والتقوى
قال الله تعالى في القرآن المجيد ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون)
وقال عز وجل ( واتقوا الله ما استطعتم )
فالتقوى هي هدي الله ونعمته وبدونها سخط الله ونقمته
وما بين النقمة والنعمة الضياع والضلال كالشاة التي ليست بالدار وليست عند الجزار فلا هي بالأمان ولا هي بالأثمان تفترسها الوحوش افتراسا
وأفضل سلاح يشعر المرء بوجوده هو التقوى
وقد امتازت الرسالة الإسلامية عن غيرها بعمق وشمولية هذا المفهوم وبقدرته الفائقة على مواكبة الوقائع المتجددة مع تطور الإنسانية والحياة ويعكس ذلك مصداق المؤمن الرسالي المتنامي بقوة العقل والعلم واليقين في سلوكه وعمله 0
ان التقوى ممارسة حياتية يحلم بها كل غيور على دينه وعزته وولايته ويصبو الى هذه الغاية السامية وهذا غير ممكن الا بالحرية ونقاء السريرة 0
 نحن اليوم امام حركة متغيرة باستمرار وبمعايير متنوعة وامور عديدة من الماضي فقدت قيمتها لأنها لم توجد بأساس صحيح متين
وعلى الأخص عهود الظلام والقهر والإستعباد وصنمية الظالمين فهذه كلها تتفسخ وتزول امام نور العلم والحق والصلاح
وكلما تطورت العلوم كلما انقشعت هيمنة وثقافة الظالمين المستكبرين المستبدين في ظل الجهل والتعصب والتبعية لا محال
فبعد تفتح العقول نراها اشمأزت من عفن الماضي وروائحه المنتنة وتاريخه الأسود المرير وهذا وعد الله للمؤمنين المستضعفين 
( ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين )
ولا يمنع هذا التقدم من وجود فتاوي ظلامية ولغو وتفريط
لأن الماء المتدفق تعلوه القشاشات الطائرة وتترسب في مجراه الحصى ويحمل البالونات المتفجرة بعد حين 0
فالإستغباء وحب الظهور والتلبيس المزيف هي وجوه فناء يحملها الباطل لأتباعه
 والمؤمنون والمؤمنات الأتقياء بعضهم اولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر
هو معروف الحرية والتقوى ومنكر مصادرة الآراء والظلم 
هؤلاء المؤمنون الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله اولئك سيرحمهم الله 0
والرحمة كل شيء في هذه الحياة
وعليه ينبغي علينا ان نعمل ما يدر علينا منها الكثير ورحمة الله وسعت كل شيء 0 ويعفو الله عن كثير وهو التواب الرحيم 0
ومجتمعاتنا مليئة اليوم بالعنت والبغضاء والتوحش في المادة والروح
وتحت شعار الحرية تربو الإباحية اللاأخلاقية
فعندما يصبح الصراع مجرد ذريعة للإنحدار والرفض يكون السقوط والعداء نتيجة حتمية لذلك في كل مجالات الحياة
وتحت ما يسمى مصالح الدول والأفراد تنامت الأنانية والمظلومية
وصارت هذه المصالح مسلم بها سياسيا واجتماعيا
وهذا الرضى حولها لحالة متوحشة لايرى المرء او الدولة الا نفسيهما
وهذا خطر على الإنسانية فيجب ان يكون التدبير شاملا
ومن هنا ضرورة الدين والتقوى
فالحرية عبث بغير هذا0
ان الهواء العليل اذا تخلخل يؤلم النفس ويسبب الصداع
فاليوم فقدنا مشاعية ثلاثة من عناصر الوجود الماء والتراب والنار
 ولم يتبق الا الهواء
وقطعوا شوطا كبيرا في مصادرته
وهذا يعني خصخصة تنفس الإنسان
وبالتالي انعدام حريته وعودته الى العبودية
ولا تستغربوا ذلك فغزو الفضاء يضيق مجال حركة الإنسان بدلا من ان يوسعها
وصارت البشرية محصورة يعبر عنها الظالم المقتدر وما يسمونه مراكز القوى في العالم لتقول يوما ما انها هي كل المجتمع والباقي طعامها وشرابها
كما قالها ظالم مستبد ذات يوم الناس كلهم سواد لقريش
فهذه الثقافة بعد قرون تعود لذاكرة الإنسان
فعليه ان يواجهها بثقافة التقى والحب والرضى ثقافة كربلاء الحسين سيد الشهداء التي هي رسالة الدين المحمدي الأصيل 0
فظروف كل مجتمع تحدد تطلعاته وتوحدها بما ينفع الحياة  شاملة كاملة
وان تأثرت هذه التطلعات بماضي هذا المجتمع ينبغي ان يكون هذا التأثر دافعا لنموه وحبه ومشاركته مع الكل وليس تطلعا موتورا يثاقل تقدمه وتطوره
واذا اقتدر تحول الى وحش كاسر يخيف ويرعب الآمنين 0
فالتقوى اساس الحرية
وكل حرية اباحية ليست الا قيودا واغلالا اشد قسوة من العبودية
فلا يستطيع الإنسان ان ينفلت من كل القيود
فليكن القيد فقط عبادة الله عز وجل وطاعة رسوله وآله نخبة وافضل من عبد الله بالتقوى
فتكون حرا بكل شيء غيره
واذا استعبدت من دونه صرت عبدا لكل شيء غير الله
وكل شيء مقيد لا ينفلت الا الله
وهذه هي حرية الإنسان الحقيقية فهي حرية المؤمن التقي الصادق
 فقد قال سيد الأحرار امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام ( من عبد الله رهبة فتلك عبادة العبيد ومن عبد الله رغبة فتلك عبادة التجار ومن عبد الله شكرا فتلك عبادة الأحرار ) فهذه كل مجمل انواع العبادات
لله رهبة ورغبة وشكرا له سبحانه عز وجل لا لسواه 0
 والله من وراء القصد 0


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة