قيمة الزمن في القرآن
يكفي ان
نستعرض بعض آيات القرآن الكريم في قيمة الزمن وارتباطه بأحكام الشريعة الإسلامية
وفي قدرة الله عز وجل و في محل القسم الذي اقسم الله به من خلال بعض آيات القرآن
المبين التالية:
-(أقم الصلاة لدلوك الشمس الى
غسق الليل وقرآن الفجر )
- (شهر رمضان الذي انزل فيه
القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان)،
-(والفجر وليال عشر والشفع
والوتر والليل اذا يسر )
ولعظمة قيمة
الزمن وضرورة عدم هدر الوقت بلا فائدة فقد ورد في الحديث (ما من يوم ينشق فجرهُ
إلاّ وينادي يا ابن آدم انا خلقٌ جديد، وعلى عملك شهيد فاغتنم مني فاني لا اعود
الى يوم القيامة).
ويكفي ان نذكر الحديث الوارد عن ابي عبد الله الامام
جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) على أهمية الوقت واستثمار الإنسان لعناصر الزمن
من أجل أن يحظى بالسعادة والحياة الطيبة
فقال :(من استوى يوماه فهو مغبون.. ومن كان اخر يوميه
خيرهما فهو مغبوط، ومن كان آخر يوميه شرهما فهو ملعون، ومن لم يرَ الزيادة في نفسه
فهو الى النقصان.. ومن كان الى النقصان فالموتُ له خيرٌ من الحياة).
فالزمن هنا يحدد قيمة الإنسان بمقدار نتيجة آخر النهار0
وفي دعوة
نبي الله نوح ع وعمره الطويل جدا يوضح القرآن انه ليس هناك من تناسب طردي بين طول
الفترة الزمنية لدعوة صاحب الرسالة وبين حجم القاعدة الجماهيرية التي تستجيب
لدعوته فان المسألة ليست على هذا النحو، فنوح ع بألف سنة الا خمسين ظلت قاعدته من
حيث الكمية معدودة اما من حيث المبدأ انتصرت هذه الدعوة التي كان يتعامل معها على انها تكليف الهي خطير، ومسؤولية رسالية
كبيرة، وهذا ما فرض عليه ان يمضي في منهجه التبليغي حتى النهاية، بصرف النظر عن
عدد الذين آمنوا فهو لم يكن يمارس نشاطه من اجل مشروع شخصي، انما من اجل هداية
الناس الى طريق الحق. فكان المجتمع بكل فئاته وطباقته واتجاهاته الفكرية مادة
عمله، ومساحة تحركه، وعلى هذا فان مشروعه هو طويل بلا ريب.وقال الحق في بيان بعض
ذلك:
(قال رب اني
دعوت قومي ليلا ونهاراً* فلم يزدهم دعائي إلاّ فراراً*)
ورغم انواع المعاندات لتوحيد الله عز وجل من قبل
الأنبياء وغيرهم من الصالحين كان الزمن هو العامل الآساسي الذي لا يفرط في لحظة
منه قصر او طال لتنتصر دعوة الحق 0
وللزمن علاقة قوية بين الأنبياء فعند موسى و شعيب ع كان
قيمة وحماية ومهر زواج ( قال إني أُريد أن أُنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني
ثماني حجج فإن اتممت عشراً فمن عندك وما أُريد أَن أَشقَّ عليك ستجدني إن شاء الله
من الصالحين) فللزمن كل هذه الأبعاد في حياة الإنسان الحرة الكريمة للإعتبار0
ونعود لنذكر
في ما حدث بطريقة اخرى مع اصحاب الكهف، حيث اعتزلوا المجتمع وفقدوا الاحساس بحركة
الزمن لنومهم الطويل ولم تتوقف الدعوة الى الحق . بينما ظلت الحياة سائرة وهم نيام
ثلاثمائة سنة وتسع سنوات ولما استيقظوا وجدوا الناس على ما كانوا يدعون اليه من الهدى
وقد تغيروا نحو الايمان وصار اهل التوحيد هم الاغلبية في المجتمع وهذا يعني ان
الزمن بعين الله مع كل دعوة حق .
هذا ما
حاولنا استنتاجه من دراسة قيمة الزمن في الرسالات السماوية وتجارب الانبياء عليهم
السلام، والقرآن الكريم وسنة النبي المطهرة وهم الذين سبقوا كل من قال في قيمة
الزمن
فجاء غيرهم
يؤدي هذه القيمة حق قيام بينما العربان الذين يصادرون الإسلام على هواهم يهتكون
حرمات كل ساعة ودقيقة لهوا ولغوا ووحشية ومتاعا وتضييعا وارهابا فما تحققت لهم
السيادة والحضارة لهذه الحال وبهذا الإنشغال ففرطوا في العبادة والعقيدة
وتحولت
رسالتهم الى طرق صوفية يتسابقون على احيائها كلما خمدت لتموت وتحيا معها عروشهم
ونقوشهم وينصرف الناس الى التشييش والتطبير والشعوذة والخرافة والعويل والغناء
ويرقصون على انغام الراقصات ويحولون اغاني المجون الى مدائح دينية0
وكانوا قد
انحرفوا عن الدين المحمدي بدعوات سلفية او ظاهرية او ناصبية نسجتها لهم المنظومات
الأموية والعباسية والعثمانية المدعومة من الإسرائيلية 0 فصارت السنة غير السنة
والشريعة غير الشريعة حتى اراد أعداء الدين اليوم المصادمة والصراع بين هذه
الحركات وبين الصوفية ومن الغريب انهم
يحاولون عبثا الصاق هذه الحركات بمدرسة الخلفاء
والصاق الصوفية بمدرسة اهل البيت
ليتحول الصراع السياسي الى صراع طائفي ينهار فيه الدين الحنيف والعربان لا
وقت لديهم للتفكير الا في عروشهم ولهوهم وتبعيتهم 0والقصور والنساء
والدين يذهب
من بين ايديهم لغيرهم ليصير نموا وحضارة وتطورا ورقيا وهم ينعقون كالغربان على ما
فرطوا في جنب الله عز وجل 0
( وسيعلم
الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون 0 والعاقبة للمتقين )
تعليقات
إرسال تعليق