العروة الوثقى
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد للعلي الظاهر بالمشكاة والمصباح الذي من سنا نور هيولاه كل مافي الموجود لكل مزايا الوجود من نور أشرق وأصبح أحمده حمد مقر بحضوريته الدائمة وحمد معتقد في أزليه صورته السرمدية وجود عامل يعتبر في مراقبته الوجودية سبحانه جل وعلا فوق الزيادة في التناهي بأوصافه وتلطف وعفا مع سواه حين التماهي لمكان قدسه فهو كما يشاء إلى من يشاء وكيف يشاء سبحانه لا إله إلا هو .
أعتز حين أكتب لسيادتكم وتسمعون وأشعر بالطمأنينة حينما تباركون فإذا كتبت للغاية هذه تتداخلني لحظات العطاء والتضحية المثلى حيث يتفاعل الملقى مع الملتقي فلا يتميز الكاتب بينما يكتب أو يكتب إليه فإن كانت الأولى فبحمد الله ودعائكم إذا كللها القبول وإن كانت الثانية وهي ما أرجحها فلست إلا ناقلا يستأذن الدخول لتقبلوه ممتثلا أمام مقامكم وفي عتابكم يطلب الصفح عن الزلات والغذر عن الهفوات فلست الإ مطية نهضت قبل طلوع الشمس فسارت وطريقها الفلوات تعييها الكبوات تستنظر الشروق وخصوصا أن الفجر الكاذب قد مضى وهناك ملامح شفق تلوح من بعيد ولعل العلي ينعم فأرى الشمس وقد اكتمل ظهورها في أجلى صباح وشروق ولا أظن ذلك عليه بعزيز إذ ليس على ارضه بضنين .
لا أريد أن أكون شاعرا عندما لايحضر الشعر فقد رغبت أن تحتضن الألفاظ أحلى كلام لتستقر المعاني في مواطنها والذي دفعني هذه الليلة المباركة العظيمة في هذا الشهر الفضيل ضمن هذا المكان الطاهر الرحيب وأمام مجلسكم الجليل فانطلقت بقوة الكمال في الشهر والليلة والمكان والمؤمنين لأكسب ثواب الجميع في ليلة هي خير من ألف شهر فسلام حتى مطلع الفجر .
حتى لايكون الكلام من أجل الكلام طمعت في نقل واستيحاء موضوع  يجعل من هذه الكتابة فائدة لكن تعوذه الإفادة وقد استلهمته بعدما أنعم الله علي بالصحبة والمحبة لنخب من المؤمنين فأسأل الله دوامهما والوفاق بيننا جميعا
إن الموضوع ذو الجوانب لا يتعدى الفكر الشيعي الامامي فهو يتلازم مع وثائقنا الموروثة عن الأمة والسادة المتقادمين فأوضح طريقة وزاد جلاءه الوحي والعقل وسأسلك الحوار المنطقي في السرد ولاأتطرق للشواهد إلا يسيرا حتى لايختلف المفهوم لمن يتتبعه فالمنطق معيار يحدد الخطأ من الصواب وفق اتجاه واحد لايقبل التفرع والإتساع ميزانه العقل ومكياله الهدى متعلق بالباري في عروة وثقى لا انفصام لها والله سميع عليم
ومن اراد علاجا لفقرة ما أرجو تأجيلها للنهاية فسنعمل سوية فيها ونعتمد المتفق عليه فيما بيننا فغايتي الإستفسار لا التفسير فهي محل تفتيش وتنقيب ومبادرة لأفكار تتوق العقول إلى المناقشة والمساءلة فيها وهي اللباب الأحق والأجدر بالتقوى وكلني ثقة واعتقاد أن كل ما يسيء إلى الإنسان ليس من المجد العلي ويجب أن يعلم الجميع أنني ما دخلت إلا بصفاء قلب وسلامة طوية وأتمنى عليه سبحانه أن لا أبادل إلا بهما وهو على كل شيء قدير
لقد جاء في وثيقة التساؤل الآتي
من هو الرسول ؟ من هو النبي ؟ من هو الإمام ؟ من هو الوصي ؟
فجميعهم نور مجوهر مجسم بالهيولا النورانية وهي منزلة النطق من الناطق والقدرة من الصامت إذن هذه هي زبدة الكلام فالرسالة والنبوة والإمامة والوصاية منازل النطق من الناطق والقدرة من الصامت ويتبين لكل ذي بينة من هذا القول الوثيق ذي المعنى الدقيق أن حد المعرفة والنطق لدى المؤمن متصل بهذه المنازل الأربعة والواحدة أرحب من الأخرى حين التعلق بالحبل الوثيق وقبول القبس من ذي الفيض الجاري وعندها يلم ببعض نفحات القدس والسر الساري فالأولى هي الرسالة وفيها بداية استقبال دلالة الإتصال بالعين الثالثة وهذا لايغاير ولاينافي مفهوم الرسالة في جوهريتها  الذاتية وهذا مقام درجة الأسماء والمظهر الإسمي الموصول وهو المؤمن العاقل وهي اتصال للحبل السري بين الإسم ومسميه والذي لاواسطة لكمونها فيه ومفهوم المؤمن والمفهوم المدد العلوي حالة خاصة كونية ولا تساو بها وإلا تعطل النور وتوقف الجريان وأرى أنه لما كان المؤمن متصل بنور الله فقد اعتمدت حقيقة هذا المعنى كلية وإلا فالإتصال مستحيل والعياذ بالله فحد الرسالة حاجة لكل من يريد أن يتعلق بحبل الله وغاية العامل الإتصال بهذا الحبل
فمن المثير الدهشة أنه إذا توصل مؤمن لهذا الحد أحيانا نتيجة سبقة في الإيمان على العبادة والطاعة والتنقل بالسنين يستغرب من هم على طريقه زمنا طويلا هذا الموصل ألا يرى هؤلاء أن الله غني ويهب أجراءه أكثر وأنعم مما يهب الناس لأجرائهم أليس عنده سبحانه مردود يعادل جزاء هذا العامل وما أعظم ذلك إن غمر المؤمن نور الله رسائل بينه وبين ربه يتلقاها وتتلقاه فليس الإستغراب هنا إلا طبيعيا من حيث جهة العلم بالقرب والبعد وأن حظي هذا الإستغراب إلى مرحلة القذف والبراءة لايكون الأ لحد تعطيل للحديث الإيماني وليست مسألة الأعلى والأدنى كما تراها العيون الشحمية حكما التي تشاهد السراب ماءا والإخضرار زرقة فتحديد الأعلى والأدنى والفاضل والمفضول كما يريد الخالق اظهاره وتوضيحه لاكما يريد المخلوق توضيحه وفق بينات المبينات المأساوية على الأفاضل فيستدل منها على علو الدرجات لذوي المنة الإلهية وما عداها ليس إلا نوع من المكابرة والمفاخرة والمؤمن لايخلوا من هاتين وعندما نعلم بأمر مفارق للمألوف المتطور عن قرب لأحد يرفضه العقل المحدود لأن كل شيء خالف حكم العقل نبذ ورفض ويجب أن نغور فيه والرؤيا معه ويجب أن يكون مستبينا ومبينا لذواتنا مقرين خاضعين عالمين عن قدرة الباري سبحانه لا أن يكون بهذه الإستبانة حاجبا عليها تعمى لها الأبصار ويلبس الحق بالباطل وهو يعلمون أو لايعلمون
 فكثير من المالوف بالحقائق الأساسية التي حافظت على السمو تحاول موارد الحضارة العصرية أن تطمس حقيقة السالكين بسلوكها التي تجعل للسامع المستبين بأن هذه الستائر هي الصبغة ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون هذا من جهة الرسالة
أما الثانية وهي النبوة التي تحتوي بفيضها الرسالة فالرسالة دلالة عرفان لاتدرك الذي يقتصر على السمع والبصر وبقية الحواس فإما هي هواتف مع الطهارة وإما هي رؤيا وفي كلتيهما قدرة مفاضة من الباري سبحانه وتعالى يضاف للعرفان الحسي في الرسالة بالفعل وعلى سبيل المثال للتوضيح لا للإشمال أن الرسول ثلاث ذوات تجتمع في أنا المرسل إليه والمرسل إليه آنذاك توفر لديه الإشراق والمكان والزمان مهما علت الدرجات وأنزلت فلكل مقام رسالته ولكن حتما بين الأعلى والأدنى اتصال وثيق في حبل دقيق فعندما تكون هناك رسالة فإنها تدل على مرسل ورسول في ذات المرسل إليه وإلا انقطع السبيل وحاشا لله وعندما لاتكون الرسالة يعمل المؤمن ويتأمل بدلالتها ضمنيا لتكون فعليا وفي ذلك يحتاج للأقرار واليقين والإيمان وهذه مع النبوة في الرسالة دائمة مستمرة ليس فيها /لاتكون/ قطعا لأنها ذاتية المكان والزمان حركية الفعل وهو الرسول المظهر علنا للنطق والقدرة إذ هما للباري ولا لسواه وهو لايقف معطلا هناك بل في الباري كليا ذاتيا واجبا وفي غيره مددا غيريا ممكنا وهذا الغير مغمور بفيض الغامر جل وعلا . وهنا أيضا محل الإرتباط بالحبل السري في العقدة الوسطى والعروة الوثقى وهذا الإتصال الجاري متواصل لذات المؤمن الصافي المحفوظ والبادي والتقوى والعامل لدوام وصله بالمواظبة والتقيد بالأمر فالنبوة بأصحاب الشرائع حقيقة امكانية أما هي في المؤمنين مجازية امكانية اعتبارية مادام البيت له رسالة ينطلق على فعل المؤمن حكمه من الله فشريعة محمد ص عرفت باسمه ولكن الفاعل الله وحده في الكل والمكان والزمان وإن فوض إليه تكوين الجزاء . فالتفويض فيض مددي يتناهى الجزء فيه بالصفاء لكل من ملك هذا الحبل وعقد له عقدا واستمسك بهذا الحبل فوق استحقاقه فإعلان النطق والقوة من محمد تشريف له في العلم والقدرة من الله وهذا أرفع التشريفات التي هي بالصورة فالمقامات كلها مشرفة وعندما تحدث السابقون في مبدأ التشريف كانوا يعنون ويخصون التشريف بالنبوة في حال ابداء الغيبة الذاتية إذ لاغيبة للعلم والقدرة ومهما تنوعت الأسباب فالشرف حاصل من الباري عز وجل للمبرور مهما صغر وقل فحدود النبوة بيده وحده يحددها أينما وعندما يشاء وما علينا كمؤمنين إلا التحقق من مقام النبوة لمن يعلنه فإذا ثبتت الحجة وجب علينا الإقرار وإلا فالمعارضة تقهقر وتقصير من المدعو والداعي إذا لم تقم على الحب والصدق والوفاء والنبوة وأنواع فلسليمان الملك ولموسى الشدة ولعيسى الرحمة ولمحمد العصمة والدعوة وربما تختلط الرسالة والنبوة في ارفع الدرجات كما هي عند النبي محمد ص ولاتنقطع دونه الأسباب
والثالثة هي الإمامة الكائنة بإضافة الصورة إلى الفعل في النبوة والصورة ليست مثال الذي يستلزم الحضورية لغير الباري فلا يشار لسواه بها ولاتحقق العبادة إلا لحاضر مشهود بإياك نعبد وإياك نستعين وهاتان كافيتان شريطة العرف بالحضورية وتتجلى بمعرفة السر الساري الذي لايمكن إلا بفيض جار من الجلالة لعباد الباري بالمدد والقبول والإشراق وإن الصورة التي هي بالإمامة بمثابة القوة البائنة التكوينية التي هي بالفعل منبع الفعل وهو مظهر حركتها عند اجراء القدرة فتؤدي الرسالة في كل عصر وفي كل زمان ولايخلوا منها مكان فتشاهد بالعيان  في بعض الأحيان فالقوة التي في أفكارنا مثلا مجموعة الأشياء التي يحتويها الفكر لتجعله يعقل فالتفكير هو الفعل والمصدر صورة المعقول في الفكر وهو القوة أي المكونات التي تكون هذا التفكير تسمى القوة ومالا يبرز فعلا وعلى السواء لفظا أم قدرة لله صورة الحس الإنساني فقط وما ينطق من تفكير هو إعلان قدرة فالقدرة هي القوة المنطوقة وهي الخارجية عن حد فعل الإنسان وبهذا تكون الخوارق وهذا مطابق لما جاء في عالم التوحيد حيث أن المؤمن عندما يصل إلى درجة الأنس تكون قوته مرهونة ومقيدة بأمر كوني وعلى طريق الهدى والرشاد ويتأمل بمكان سبقه وسابقيته بدلالة بشائر على قدسية المؤمن ومكان الرتق له وإلزامية التقديس للمؤمنين ولايختلف الأمر في مكانه ومقامه وعليه وإذا عرفت عنه الحجة والكرامة والمعرفة فكثيرا ما يجتاز المؤمن درجة يتكلم منها وفيها فوق حدود القبول ممن حوله فهو يوضح وهم لا يفهمون وربما نسبوه للجنون وهذا لايجوز فيجب على المؤمن أن يقرر ويعترف بغموض الأشخاص كما يقر ويعترف بغموض العلوم ولا يستطيع بيان أي منها وهو غير مكلف إلا إذا كان رسولا والأسلم بالإعتراف والصمت والمؤانسة والحب والمذاكرة والمواصلة والوداد والأضداد ولا اريد التنوية عن مكابرة بعض المؤمنين سامحهم الله في مثل هذه الأمور دون استنظار استبانة ولكن يجب على المخلص لدينه أن لاييأس وتعزينا شواهد كثيرة سبقت على هذا الطريق المستقيم ولم ينقطع سر الله مهما تقادم الدهر وتقاول البشر ومن هنا جاء عن الثقاة العارفين والسادة الموحدين أن أمام صلاة في مقام امام الزمان فدل ذلك على أن الرسالة والنبوة والإمامة مواقع على العرش وفي سماء دينية تواصلت إلى الأرض دينية دنياوية بآن واحد وإلا أين محل الحرية التخيير وهذا التواصل استلهام للعقيدة والعبادة وما من شخص في عالم النور إلا وله مثال في عالم البشر كما أورد الموحدون السابقون ولكل قدر معلوم متبين فيه المحفوظ من المعصوم فشمعة تضي في الفناء تذكر بالشمس في السماء والنور ومادته الضياء للشمعة وللشمس على السواء ويشترك المحفوظ والمعصوم في حدود العصمة ضمن مجالها من الأدنى إلى الأعلى فالعصمة في المعصوم يسودها الحب تغمره السعادة عند الألم واللذة وهذه في عالم تتوجها الحرية والإختيار .
أما العصمة في المحفوظ يسودها الواجب فيغمره الشعور بالسعادة والعمل على هذه السعادة دائما في الألم وفي اللذة وهذا عند المؤمنين يتوجها الإستعداد والإختيار .
إذن فالعصمة في المحفوظ يعزوها العمل باستمرار وفي المعصوم تشملها الراحة بعد العمل والله غني عن العالمين .
فيتوجب أن يكون المؤمن رسولا عندما يرسل نبيا عندما يتوجب العمل لديه وإماما عندما يفيض الأنس عليه وهذه المنازل أمثال ورموز لمحلها الأصلي والأساسي لتدل في مظاهرها على حقائقها وإلا كيف نخلص بقوله عز وجل اذكروا الله كذكركم آبائكم .....
ويجب على المؤمن أن لا يخلط بين مواقع الرسالة والنبوة والأمامة وبين معايير الرسالة والنبوة والإمامة فهي في الحالة الأولى غايات وفي الثانية طرقات والأ كيف يكون المؤمن بالله يرضيه ما يرضي الله ومن هنا من عرف مواقع الصفة بلغ قرار المعرفة .
وفي الرابعة الوصية ومن هو الوصي وقبل الوقوف عندها لابد من التنبيه أن الحس مصدر الرسالة وهو والفعل مصدر النبوة وهما والقوة مصدر الإمامة وإن ذلك باتصال وثيق بين الأعلى الذي هو صفة الباري سبحانه والأدنى الذي هو المؤمن المقر بالإجابة منذ الذرو للعامل بالأسوة الحسنة ولكن كل على قدر معلوم كما قلت سابقا وألا من أين أتت مسؤولية كل منا في هذا المجال وكيف تستطيع الذات تأدية واجبها بصدق ووفاء لترتفع الدرجات في التضحية والعطاء مع الحب والوفاء .
فالدلالة الرابعة هي الوصية وحدها مصدر تكوين القوة وكيفيتها فهي واجبة الوجود والإمكان والحضور لذاتها فكانت نقطة متكاملة صماء جوهرية معنوية تبعث النور وتفيض الإمداد لكل ما عداها تتجلى فيها اكتمالات المثل والصفات بحرية واختيار ذاتية الحب والسيادة ضمنية الإرادة والمشيئة والعلم والقدرة واللطف الخفي غيرية مع غيرها بمظهرها وصورها لا بحقيقتها وجوهرها فهي تقدر القوة بكمها وكيفها ومكانها وزمنها والقوة تتحد بربها وهي بالأحدية والصمدية لا تتعدد ولا تتنوع ولا تتباين في الجوهر والمباينة في الشكل والمنظر تباين أمكنة وأزمنة عرفت فيها هذه القوة وبكل استخدام للوصية لغير الوصي وهم لا حيقة فيه  ويعتبر استخداما مجازيا مهما نزلت درجة الإستخدام فالمؤمن العارف العادي وصي في المجازية وهذه المجازية لاتخرج عن حدود التعلق بالحبل الوثيق إنما هي مجازية لها أساس قامت لديه وبنيان شيدت عليه فكانت المجازية في الجوهر أما هي حقيقة في المكان والزمان والحال والملك والفعل والإنفعال والكم والكيف والإضافة فهي في الباري موضوعية ذاتية وفي الخلق كل حسب درجته وقدره  محمولة غيرية وذلك في عالم النور وفي عالم البشر من المؤمنين الموحدين فالوصية في الحقيقة هي محل القدرة الساكن الذي يقدر القوة الصماء التي تحرك الفعل فيدرك ويحس وهذا المحل لايتفق إلا مع الوصي الحقيقي فهناك قول لأحد الثقاة يستشهد به كثيرا دون العمق بفهمه عندالبعض أحيانا مفاده أينما وجدت القدرة فهناك القادر .
فالقول لا معارضة فيه ولكن يستلزم وقفة عنده نستوضح العبارة بألفاظها الكاملة الحقيقية لا المجازية فنرى أن كلمة أينما دلت على المكان وكلمة /وجدت /دلت على الموجود والواجد وكلمة /القدرة/ المعرفة دلت على الكلية لا الجزئية ودلت على حقيقة القدرة لاعلى مظهرها والفارق بينهما كبير فالقدرة بجوهرها وحقيقتها قبل حدوث الفعل أما في مظهرها فهي بعد حدوث الفعل فالأولى واجبة الوجود والثانية ممكنة الوجود فالأولى مخصصة بحضورية الباري وهنا محل حضورها يستلزم رؤية الباري العينية لأن كلمة هناك تدل على المخاطب البعيد لكنه المنظور المشاهد وكلمة القادر دلت على مقام التجلي الذي بان عنه الفعل ويترفع مقامه الأعلى عن حسه الرائي وعلى السواء النوراني أم البشري والفصل التام عن تحديد  النوعية للباري وجنسية ذاته أما القدرات الظاهر بالظاهرية التي ظهرت للكائنات على عرف المظهر بالصفات لحاجة المخلوقات فتظهر على المخلوقات فهي دلالة قدرية ورسالة مقدسة حكيمة من محل القدرة الحقيقي لمحلها المقبول لذلك جازت ان لاتجري القدرة الا على يد المؤمن المقر بها لأن الحكمة لاتختار إلا ما لها فهي كرامة بشكلها الترابي لهدايته وعلى بني جنسه وموعظة ودليل لسواه فعدم الإمعان والتروي بالإختيار في هذه الأقوال يسوق البعض للمفاخرة أحيانا والمأساة إذا لم نهتد ونعود للرشاد فقد اخترنا بالمكابرة السفه عندما سمعنا الهوتف الغيبية وصرخنا رافعين يد البطش وأجلسنا أنفسنا في محل الوصي قسيم الجنة والنار وجعلنا أنفسنا أوصياء مدافعين وحكام وقضاة عادلين لكي نقتص وكان من الأجدر والاقوى والأسلم بنا ان نجلس طالبين للبينة فالإستغراب كبا بالجواد ونبا بالسيف والرفض وضع موضع ذواتنا أمام الوهم ولا يجب أن أصدق سواي لأني صدقت ذاتي ولاأظن من هواحرص على الاعتقاد والتبين اذا ما تتوفر شروط الاقناع في امرما والاسراع الى المجابهة وخصوصا اذا توفرت قوى المجابهة المادية والمعنوية والفكرية  وإن العقل والدين من خلال وثائق هذا البيت مفهومان تجريديان جوهريان مترابطان ممتزجان فيبدوان للعيان كأنهما شيء واحد وذلك لالتقائهما الشديد وأصلهما الوحيد وحدة الله سبحانه وتعالى ومادتها العمل المخلص المتقن المدروس الموحد الذي يتجلى في اللسان الواحد والقول الواحد والفعل الواحد وأي فصل في ذلك عملية تعزز أوضاعا بعيدة عن الدين والإنسان وانقطاعا عن حب الله وطاعته لا يكفرها عمل كان فإذا لم نكن أحرارا في تفكيرنا وأنقياء في سرائرنا وما لم نكن مهيئين نفسيا وروحيا وعقليا للحب يبقى الدين حلما جميلا يراودنا ليس إلا وهذا من سقط المتاع ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين
كل قول يثير الحساسية يجب ابطاله أو على الأقل يجب ابطانه وقهره حتى يموت ولانريد للفواجع أن تعود
ومن يحسب أن توصل للقناعة في موقف عدائي ما فهو أجهل من الذي لايعرف عن هذا العداء شيئاً ولو عاد لنفسه لما وجد فيها مع ذلك الشعور العدائي إلا الأنانية وحب الظهور واللذين يطوقانه قلبا وقالبا ولا أثر للحقيقة في هذا الواقع أو ذاك
إذن العبادة القائمة على حضورية الباري تستلزم وجود هذه الحضورية لأنه مصدرها فهل يكون الحضور بالغيبة وإلا فما التوفيق في ذلك إذا الباري دائم الحضورية لدوام المدد والإتصال منه فالمؤمن متصل بحبله بأن هذا الحضور هو السر الساري والفيض الجاري وعلى ذلك الأساس يبنى قواعد متينة ترتبط بميثاق هذا البيت ارتباطا وثيقا فلا يعاب المؤمن إذا جاء بما لايحتمل التصديق فقد سمعنا بالمكاشفة وعاصر مراجعنا وآباؤنا وأجدادنا المؤمنين لهذه الدرجة بما يعود إلى كثافة المزاج فيطرحون هذه الكتابة على الأرض إلى أن يقول فالأسلم للجميع الصمت والحمد الكثير .
فوجب الصمت ووجب الحمد وبعد هذه العجالة المستمدة من أقوال وأفكار الصالحين أريد الإيضاح لمسلك هام لايتعدى حدود التوبة وان كل شيء في السماء له مثال في الأرض فهل ينقطع المثال في الأرض ويبقى مثاله في السماء أم أن الدائم في السماء يعني دوامه في الأرض وعلى هذا نستطيع القول أن عوالم  النور لهم أمثال وأشخاص  في هذه الأرض لايخلوا منها مكان ولازمان إن نحن عرفناهم فهذه نعمة وإن لم نعرفهم لا نقع في الجحود والنكران فالله وحده السميع البصير القوي الخبير

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
طرطوس في 27/رمضان /1410هـ
الموافق 23/نيسان /1990 م
الشيخ سلمان آل سليمان
  


















 




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة