العبارة
بسم الله الرحمن الرحيم
أحمده حمد موحد قال بالتوحيد مقالته إذ قال
بقول امير المؤمنين علي عليه السلام في خطبه : /الحمد لله الذي لاتدركه الشواهد0
ولاتحويه المشاهد 0ولاتراه النواظر0 ولاتحجبه السواتر0 الدال على قدمه بحدوث خلقه0
وبحدوث خلقه على وجوده0 وباشتباههم على أن لاشبه له 0الذي صدق في ميعاده0 وارتفع
عن ظلم عباده0 وقام بالقسط أزليته0 وبماوسمها من العجز على قدرته0 وبما اضطرها
إليه من الفناء على دوامه0 واحد لابعدد0 ودائم لابأمد0 وقائم لابعمد 0تتلقاه
الأذهان لابمعاشرة0 وتشهد له المرائي لابمحاضرة0 لم تحط به الأوهام0 بل تجلى لها
0وبها امتنع منها0 وإليها حاكمها 0ليس بذي كبر امتدت به النهايات فكبرته تجسيما0
ولابذي عظم تناهت به الغايات فعظمته تجسيدا0 /وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الصفي
وأمينه الرضي صلى الله عليه وآله وأرسله بوجوب الحجج وظهور الفلج وإيضاح المنهج
فبلغ الرسالة صادعا بها وحمل على المحجة دالا عليها وأقام أعلام الإهتداء ومنار
الضياء وجعل أمراس الإسلام متينة وعرى الإيمان وثيقة وبعد :
طلب
مني الشيخ محمود علي خليل أن أكتب في
عبارة منشورة عن الشيخ الخصيبي في مقدمة الراستباشية 0وهي /اللهم صل على بابك في
ملكك ونورك في كل خلقك /.
فاستجبت للعبارة ولم استجب للرسالة وصاحبها
لأني وجدتها مسايرة للقرآن المجيد ودالة على النبوة والولاية حيث قيدني فضل الطالب
باليمين والشمال وإن اعتذرت لانهياضي في الموضوع
يردني ما أملك من الحرارة في العرفان
فاتكلت وشرعت وسميتها /العبارة/ وبعد........
إذا أمعن المؤمن المستقي من معين قدس المعرفة
يتبين له من هذه الصلاة ما يستحق من الإقبال لأنها جامعة واسعة فيها الكثير لكل ذي
لب بصير وتحمل مضامين عرفانية خالية من الشطحات وعفونة التصوفات وان كانت كتابتي
في العرفان معدومة لخوفي من الإنزلاق في رواسب التصوف واوهامه وخرافاته وبعده عن
الدين وما رايت العرفان الا طريقا عابرا للصوفية المتوحلة والوعرة والقفرة.
ولايستطيع جنان لهذه العبارة أن يحويها
ولابيان أن يحكيها ولابنان أن يحصيها فهي حرز الأرضين وما عليها كما أن /بسم الله
الرحمن الرحيم /حرز السموات وما فيها حيث أن الصلوات بأنواعها وتعدد معانيها وكثرة
مبانيها تقوم على مسار الحمد والشكر لله صلة الإتصال بين السماء والأرض هذا المسار
المشاهد بنوعيه إلى اليمين وإلى العلى عليه تعبر العقائد والعبادات التي قبلت من
الله بكل زمان ومكان فاليمين يشغله النور والعلى يشغله الملك والإنشغال بالحالين
جوهري أحدي أزلي لايتحقق بالعرفان لولا انتشار النور بالملك وانغمار الملك في
النور .والشمال والأدنى جحود ونصب وضلال0
ولما كانت المعارف الإلهية بالتنزيه والتجريد
والتوحيد والتفريد تقوم على الخاصتين العامتين الإضافة وخاصة النفي فالإضافة
مسندها النور من حيث هو مسنود والنفي معدنه الملك من حيث هو موجود فوجب أن يكون
العارف بالنفي مجيباً للحق من حيث وجهته باتجاه الحق وبنفس هذه الحالة يكون مضافاً
للحق من حيث تعلقه فصار واحداً بالميثاق الحق فيتحقق قوله تعالى /الذين قالوا ربنا
الله ثم استقاموا/ فصح العلم بالولاية والعمل بالهداية .
ولايمكن الإتجاه إلى الملك إلا من باب فوجبت
الإضافة في باب كل الملك والدخول يلزمه النور فوجب أن يكون في كل الخلق والباب في
الجوهر أحدي وفي المنظر واحدي وفي المعبر وحداني والخلق في الكثرة من حيث هم مخلوقون
من الخالق وهذه المعاني الدقيقة والمباني الوثيقة تستوجب الوصل والفصل فالجوهر
البابي المتوحد في الصراط المستقيم عين الجوهر النوري المتكثر في صراط الذين أنعمت
عليهم وكلاهما في الحقيقة ذات الحضور والشهود في إياك نعبد وإياك نستعين
ومن الضرورة قبل التعمق والتفصيل في هذه
العبارة ينبغي شرح مفرداتها لغة ومعرفة لأن ذلك ينقلنا من البداية بثبات وأناة
فلقد وردت بمقدمة الراسباشية للخصيبي بقوله فيها /أحمد إليكم الله الذي لاإله إلا
هو وأسأله أن يصلي على الأسم الأجل الذي به يدعى ......إلى قوله وعلى باب رحمته
ومبدي حكمته ومخرج مشيئته ومشرع إرادته ومقتبس حقيقته بابه في ملكه ونوره في خلقه
.....إلى نهاية المقدمة /
وعليه فالقول المنظور إليه بإمعان والكل فيه
واجب الإعتبار إلا أن الأشياء لاتؤخذ وتعطى دفعة واحدة بيد واحدة هذا القول هو
/بابه في ملكه ونوره في كل خلقه/وماهي الصلاة وكيفيتها في كل حين وكل محل أينما
وقعت حدودها في التوحيد والتنزيه .
وقبل الشروع مما أعطينيه ربي في هذا المجال
وكلي لمجده العلي لابد من تفسير معاني مفردات القول لغة واصطلاحا فنجد صلى الله
على رسوله أي بارك عليه وأحسن عليه الثناء والصلاة من الله الرحمة ومن الملائكة
استغفار ومن المؤمنين دعاء في الخير فقط وهي خير الدعاء ومكانها يسمى مصلى لقوله
تعالى /واتخذو امن مقام ابراهيم مصلى / وجمعه مصليات وليس مصالي لأن المصليات لله
والمصالي للشيطان /والمعنى الذي نحن بصدده بألفاظ متعددة موقعة في الصلاة والباب
هو المحل للأشياء بشكل عام ومن هنا جاء قول رسول الله /ص/ في الحديث الشريف /أنا
مدينة العلم وعلي بابها /والباب عند أهل الطرق التوبة لأنها مدخل السالك إلى الله
والنور عند هؤلاء وارد يطرد الكون عن القلب وفي المعنى العام كيفية تدركها الباصرة
فتدرك الأشياء بها والأنوار في السماء لها ما يماثلها في قلب الإنسان حيث يقول
أحدهم .
ثلاثة أنوار تضيء من السما وفي سر قلبي مثلهن مصور
والملك والخلق مفهومان دالان على المكونات
السماوية والأرضية وما بينهما وسيأتي الكلام بهما عند تفصيلهما نسأل الله السداد
في الحكمة والعلم والمعرفة وأشهد ربي أني عن الخطأ أتوب وللمغفرة والرحمة أنيب وهو
صاحب المشيئة والإرادة الله رب العالمين .
ولما كانت الوحدة الجامعة للوجود كله باعتبار
العدم والوجود كلاهما موجود إذ لو لم يكن
العدم موجوداً لما عرف أنه عدم الوجود وهذه الوحدة الجامعة مضافة إلى بابها لقوله
تعالى /ولله ملك السموات والأرض/ فأصبحت الوحدة مدينة محمدية مانعة لسوى بابها
العلوي وهذه الغيرية في المحل لاتعني التباين بل هي الإتصال بالوحدانية في الحقيقة
والجوهر وكل بناء عند العارفين هيولى وللهيولى صورة وللصورة مثال وللمثال باب وما
ليس بباب أصم يمتنع الولوج إليه فهو هيولى وصورة بلا هيئة وباب الملك جوهر متوحد
لكل الملك باجتماع الجوهر وافتراق الهيئات والنور في كل الخلق مضاف إلى المنير ولو
لم يكن المنير يستغرق النور لما صدر عنه /والله نور السموات والأرض /والنور العلوي
المحمدي المتناقل في الأصلاب لعبد المطلب فافترق نورين في أبي طالب وعبد الله
دلالة واضحة أن النور في الخلق المحمدي ثابت بالهيئة في كل الملك فهو في المنير
ذاتي وفي غيره عرضي فالأول معروف فيه والثاني معروف منه فكان أحدها أحدا والآخر
واحداً وكثرة فيما تلا الوحدانية فالحق في الأحد أن ينير وفي غيره أن يستنير
والعرض المجازي في هذه الحالة حقيقة لأنه جنس لأنواع أدنى منه فيسمى نوع الأقل
جنسا إليه ونوع الجنس أرقى منه وهكذا تغدوا الحقائق مجازيات والمجازيات حقائقا
وعلى هذا يمكن أن نسمي المنير نورا والمستنير نورا والنور منيرا ومستنيرا أيضا
وشواهد ذلك من القرآن المجيد إذ قال جل وعلا /والقمر نورا//وجعل فيها سراجاً
وقمراً منيرا //ومن لم يجعل له نورا فما له من نور//يوم ترى المؤمنين والمؤمنات
يسعى نورهم بين أيديهم /وجعلنا له نورا يمشي به في الناس/ففي هذه الآيات وجدنا
النور والمنير شيئ واحد والنور مستنير والمستنير نور فكان لزاماً علينا الإقناع
بإطلاق المسميات على قيدياتها دون الخطأ والضلال ومن هنا قول الشيخ /ونوره في كل
خلقه/.
وأما ماهية الصلاة على باب الملك ونور الخلق
فهي من القديم إلى المحدث حقيقة ومن المحدث إلى القديم حقيقة المجاز وبهذا تتنوع
في الإتجاه حيث تكون من الخالق للخلق ومن الخلق للخالق فالأولى إفاضة وفي الثانية
انتشار و في كليهما الاتصال ويشترط في الأخيرة العقل والإيمان والعمل الصالح وفي
الثانية الأخوة والتقوى والولاء و اليقين والحق والقبول وتجري إلى الخلق استشفاعا
لقوله تعالى/يومئذ لاتنفع الشفاعة إلا لمن أذن له الرحمن /وتجري من الخلق استعفافا لقوله تعالى /وإن
تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم / وهنا اجتماع الصلاة في الخلق جاءت
الآية لتجمع أنواعها العفو بالشفاعة والصفح بالمغفرة كما نراها تجري في الخلق
استغفارا في الحالة الثانية لقوله تعالى /قل للذين آمنوا يغفروا للذين لايرجون
أيام الله / وإذا ما غضبوا هم يغفرون /.
وهذه الأنواع الثلاثةعندما نعد الإتصال منها
واحدا مستقلا تكون متداخلة في بعضها البعض في الأنا الواحدة والأنوات المتعددة
فالمستشفع مستعفا ومستغفرا حيث أن ماهية التوزيع والترتيب تقتضي اختصاصيات الباري
سبحانه وتعالى فلا يستوي اثنان في درجة واحدة و هذا التنويع من باب التجريد ليس من
باب التحديد والتعليل وفي حدود الأنا نراجع رسالة /قبس البشرى/ حيث تمسك بالمشكاة
والمصباح لتصل إلى سنا نور الهيولى بالنص /الحمد لله الظاهر بالمشكاة والمصباح
الذي من سنا نور هيولاه كل ما في الوجود الذي هو الملك المقصود /
وأن المشكاة التي هي الصورة المتلألئة في
المصباح المعبر عن إفاضة النور المعاين بالصورة حيث الشدة المنفطرة عن الهيولى في
الضيائية هي صورة النور القائم بالجوهر المنير والحاضر بجوهر الهيئة فانبعث الوجود
من هيولاه فكان ما فيه قائم بالنور متجوهر بالموجود على الصراط المستقيم القابل
للإشراق والإصباح حيث أفاض وجوبا من الذات وممكنا من غيرها فتعين في الوجوب التأحد
والإفراد وفي الممكن التعدد والإكثار فتطابق النور بالملك وبدت حقيقة النور في
المفرد في حقيقة الملك المتعددة وتواصل العطاء بالوصل والفيض واختص العلي سبحانه
بالمنة والفضل واستغرق الموجود في مفهوم الوجود بصورة القبض الأعلى الملقى إكليلا
بالصبغة اللاهوتية/ ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون /ومن حيث الأنا تتعدد
أوجه محلاتها ضمنها /أنالإنسان بالحقيقة والوهم /إشارة إلى الهدى والضلال فجاءت من
المحل الأدنى حيث هي اهتداء بذاتها واهتداء بغيرها .
ومنها/أنا الحيرة/إشارة إلى الوقفة بالإختيار
بعد التعين في دلالة الحضورية بالمشاهدة الحسية والمعنوية لأن السمع والبصر
والفؤاد كل أؤلئك كان عنه مسؤولا .
ومنها /أنا العبد الضعيف الفقير الذي هو غير
كامل بأوصافه وهو في الغفلة /ليعرض علينا أيضا الفراسة والمكاشفة بالدوام والعرضية
والمشاركة بالإنقطاع فالدائم بالفراسة مكاشف دائم وعرضي والمكاشف الدائم متفرس
ودائم ودوام المشاهدة بدوام الكشف فيها .
فمن هذه الشواهد نجد أنا العبد أمام المعبود
جوهر واحد الأولى ممحوة بالثانية السرمدية وتم المحو في النور ويوافق هذا القول
شعر للأمير المكزون في ديوانه
/ولغيبتي بي عن عياني شهيدتي أشكو النؤى ولها الفؤاد مقام /
ومن الضرورة والحديث عن الملك والنور يبدأ من
كون الألوان في الذات الأزلية للباري عبر السر الساري والفيض الجاري في
الظهورات والحجب الذاتية والمعنوية
والإسمية لتبيين التجليات والنداء في الذرو الأول والنور والضياء والظل والصفات
واصلة عند إمام العصر وحجة الزمان حيث بتعددها في الإشعاع ليست متباينة بالجوهر
إلا أن الإختلاف فيها بالزمان والمكان فكلما امتد الحوض واتسع ازداد النور انتشارا
و ضياء فالجوهر واحد لاكثرة فيه وبهذا العرض الموجز يتوجب أن نبين الماهيات
والكيفيات من حيث الصلاة( الإتصال ) والباب (العفو) والنور (الشفاعة ) ليتضح بقدر
الإمكان مفهوم العبارة في الصلاة على باب الملك ونور الخلق واستقينا هذه الأمور من
آيات الذكر الحكيم .
الباب الأول: الصلاة.
وفيها سبعة أنواع مفردة ونوعان بالكثرة
نذكرها مع شاهدها بحول الله :
أولا :صلاة النهي.
لقوله تعالى/ {وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ
مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ
بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ }التوبة84
فهذه الصلاة جاءت بالنهي شرط عدم الإتصال
بالفسق والكفر والفاسق هتك حدود الله ورفض الولاية والكافر لبس الباطل ثوبا دون
الحق على علم منه فإقامة هذا النوع من الصلاة اعلان الحق وأتباعه لقول مولانا أمير
المؤمنين عليه السلام /سأنتزع الحق من خاصرة الباطل /
ثانياً .صلاة المحراب :
لقوله تعالى{فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ
وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـى
مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً مِّنَ
الصَّالِحِينَ }آل عمران39
هذه الصلاة الوسطى حيث المحراب موضع العروج
في الظلية ولايولج للمسجد إلا من بابه للصلاة في المحراب الذي هو قبلة الإتجاه
ومرتقى الإنتباه فكانت الوسطى بالمزج النوري الضيائي في عين التنزيه المشار إليه
بالنوع الواحد للقديم والمحدث حيث لامحراب بدون مسجد ولامسجد بدون باب .
ثالثاً : صلاة الطير.
لقوله تعالى
{أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ
وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ }النور41
وهي صلاة الأرواح لأنها تقوم بالعلم والوفاق
حيث تسقط التكاليف بسقوط الأجسام فتصبح الطاعة عبادة لأن العبد صار يسمع ويرى
وينطق بنور الله وهي المدد المشرق لمشاكي الأنوار في الملك فتوجب أن يكون علمها
بالإضافة كوجود الهاء في صلاته وتسليمه ليعلن فضل السابق على اللاحق وفضل الأعلى
على الأدنى المتميز بالأرواح لا بالأجسام .
رابعاً : صلاة الياء .
{قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ
وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }الأنعام162
وهي للإتصال خالصة فكانت واجبة في الإتجاه
لمبتغى العروج بقصد الشفاعة والفيض بقصد العفو ففي هذه الصلاة تتكامل الأنواع
الثلاثة بالإتصال والباب والنور خالصة لله في الطاعة في الحياة والمماة
فهذه صلاة المتكلم المجيب في النداء وقد حصلت
في الأثير وأفاضها لأهل التقرير وهي صلة الروح الروحانية في الحضرة الإلهية .
خامساً : صلاة السلام .
{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ
عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا
تَسْلِيماً }الأحزاب56
فهذه صلة السجود للمعبود في حجابية الملك
باصطباح النور فأضيفت باللام باتصال الفيض الشافع مع الوجود الظلي العفوي فجاء
الأمر لازما بالتسليم بغية الأذن والأنس لنوال الإجابة في محل القدس .
سادساً : صلاة الهو .
{هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ
وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ
بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً }الأحزاب43
هذه الصلاة المقصودة بقوله /وما خلقت الجن
والإنس إلا ليعبدون /وهي الأمر الجامع في القوة لينتقل منها للفعل ليتعين الإخلاص
بالعبادة في التنزيه بقل هو الله أحد وحضور إياك نعبد للقلب وإياك نستعين للعمل ويميزها المؤمن بعلمه ونفسه
وعينه وحقه .
سابعا صلاة الغيب :
{الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ
وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ }البقرة3
فهذه صلاة الجماعة في المحل الأوسط لقوله
تعالى /وجعلناكم أمة وسطا لتكونو شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا /فهي
تقوم بالحوض المورود في قبول الفيض الجاري فلا ينقطع الإتصال لقوله تعالى /وإذا
قلنالهم ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب سجدا وقولوا
حطة /
وهوباب الوجود العالي المعروف لمدينة العلم
وهذا الباب الأحدي المأمور بالسجود والعبادة منه وبه وإليه ليشغل الحركة المناسبة
للإنتقال من الصلوات المفردة الى الصلوات المتكثرة في سنخ المخلوق بتكليف الخالق
له 0انتهت الصلوات المفردة السبعة وبعدها صلاتي الكثرة وهما :
ثامناً : صلوات الرب .
{أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن
رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ }البقرة157
وهي
صلوات الفروض على كل الخلق في النور من المحل المضاء بالملك في الحضور على جميع الجهات وفي كل
الأوقات .
تاسعاً : صلوات الرسول .
{وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِاللّهِ
وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ اللّهِ وَصَلَوَاتِ
الرَّسُولِ أَلا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللّهُ فِي رَحْمَتِهِ
إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }التوبة99
وهذه صلوات النوافل وفيها رحمة كما في صلوات
الرب عين الرحمة ذاتها فلها من الإفاضة عن المحل العالي ذات الإجابة في النظرة
المثلية وبها ينعم الباري على خلقه في كل ملكه .
وبعد هذا التفقيط البسيط لهذه الصلوات نستدل
على أن الصلوات تقابل التجليات فلقد وجدنا الصلاة على الشيء والصلاة بالشيئ
والصلاة من الشيء والصلاة للشيء والصلاة إلى الشيء والصلاة في الشيء والصلاة
كالشيء والصلاة عن الشيء والصلاة والشيئ
.فهي تسعة تجليات وليست ستة ولا سبعة
وبهذه المعرفة نسأله أن يصلي على بابه في
ملكه ونوره في خلقه فمن وقف على هذه الأسرار بعقله وقلبه ولسانه يعتبرها وإن قصر
عنها فباب الفرج في الملك لمن له بصيرة النور في الخلق 0
الباب الثاني : الباب .
أولاً . باب القرية :
{وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُواْ هَـذِهِ
الْقَرْيَةَ وَكُلُواْ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُواْ حِطَّةٌ وَادْخُلُواْ
الْبَابَ سُجَّداً نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ
}الأعراف161
هذه القرية مدينة العلم المحمدية التي لايدخل اليها الا من باب الولاية العلوية
بالطاعة وطلب المغفره للجاحدين بعد توبتهم والتعهد بالميثاق المعهود لصاحب الزمان
وزيادة في المقربة والإتصال للمنتظرين ظهوره بالفرج وما نكثوا العهد وما احدثوا
بعد الغياب 0
ثانياً باب الطور .
لقوله تعالى
{وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ
ادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّداً وَقُلْنَا لَهُمْ لاَ تَعْدُواْ فِي السَّبْتِ
وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً }النساء154 /
فهذا باب المثلالأعلى في الظل الأدنى المشار
إليه بالميثاق عند سبات الطور المرفوع في
حضرة ضياء النور عند التواصل بالعروة الوثقى فمن وصل اتصل ومن فصل انفصل .
ثالثا باب الغلبة
لقوله تعالى {قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ
يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُواْ عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا
دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم
مُّؤْمِنِينَ }المائدة23
وهذا باب الحق المأمور بالصدع فيه لينتشر
النور بأمر الحق في الباب الحاضر فكان الناطق والصامت بألأمر والولاية والناهي عن
الأبليسية لمن ادعى ماليس له ولو ناله 0
رابعا .باب السيد .
{وَاسُتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ
مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاء مَنْ
أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوَءاً إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }يوسف25
وهذا باب المحشرالمحمدي المتسابق عليه في
الولاء العلوي لنوال الرضا بالإتصال الممنوع عن الإحاطة والإدراك فهو مجزء
بالتمكين كلي بالإمكان فجرى الإستباق بواسطة الضياء للإنشغال بالنور المذكور عند
الباب والإستباق من السكون والإنقداد بالحركة فكملت الشفاعة والمغفرة والصلاة كل
بصفتها وموقعها وتنزه المعبود عن كل الوجود بالإنفراج
خامسا باب الملائكة :
{جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ
صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ
يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ }الرعد23
هذا باب محل الوحدانية لاختصاص الكوثر
المنفطم عن الظالمين فكانت الرحمة بملازمة
الملائكة لهذا التكاثر المستمر في الحياة الفاعلة وبطلان الجحود الميت عند
الشانئين على كل الأبواب 0
سادسا باب النور :
{يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ
وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ
ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ
بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ }الحديد13
هذا الباب الموصود أمام المنافق بخاصتين
متقابلتين وفي كليتيهما نور فظاهر هذا الباب عذاب يلتمسه المنافق في الدرك الأسفل
وباطنه الرحمة التي ينالها الذين وليهم الله ورسوله والمؤمنين الذين آتوا الزكاة
وهم راكعون .
سابعا باب السماء.
{وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مِّنَ
السَّمَاءِ فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ }الحجر14
هذا باب السماء الذي جاء الأمر بالتبليغ اليه
واشترطت فيه العصمة ولايقبل عمل بدونه ففتح للموالي لمن والاه وللمعادي لمن عاداه
ولا رخصة للناصب الفاقد المودة فامتنع عروجه سواء استغفرت لهم ام لم تستغفر لهم لن
يغفر الله لهم فامتنع فتح باب العروج لهم لامتناع الولاية فيهم
ثامنا باب العذاب :
{حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً
ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ }المؤمنون77
هذا باب محنة الولاء فمن أقر بالولاية اقر
بالقدرة وبلغ التراقي وكان ناجحا أما المنكر الجاحد فقد باض أبليس فيه فأبلس عقله
ولبه وجعل الإقرار بالقدرة وانكر الولاية فاعترف بالهلاك والضلال دونها في القدرة
فكان اعترافه لغير الوصية الحقة باطلا فهذا هو باب العذاب والأبلسة .
تاسعا الأبواب المتفرقة :
{وَقَالَ يَا بَنِيَّ لاَ تَدْخُلُواْ مِن
بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُواْ مِنْ أَبْوَابٍ مُّتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنكُم
مِّنَ اللّهِ مِن شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ
وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ }يوسف67
وهي الأعين الإثني عشر المنتخبة من المنهل
المشار إليها بالماء المنهمر من السماء العالية الأزلية في ظل الكوثر الممدود
وفيها الأنواع الثلاثة المشار اليها في هذا الموضع للدخول الممنوع من الباب الواحد
والمسموح من الابواب الإثني عشر المتفرقة بعد التوكل على قرآن الحاكم المطلق وعلى احكام مدينة العلم
المحمدية المتأطرة بمصداق العترة في الغيبة الكبرى .
عاشرا .أبواب الأجزاء .
إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ
سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ{42} وَإِنَّ جَهَنَّمَ
لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ{43} لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِّكُلِّ بَابٍ
مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ{44} إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ{45}
وهي أبواب الجحود في أي صورة صبغت الزمان في
السموات السبع والمكان في الأرضين السبع
فموعدهم جهنم فمن ظلم هناك ظلم هنا ولوقام وصلى وعبد الله ليلا ونهاراومها كثر
مريدوه ومناصروه فالجاحد لحب المودة مكب على وجهه ومنخريه وهو كظيم لايرقى لحضورية
الشهود فمن أنكر له جزء مقسوم القياس والهوى ولو ادعى فان الهزيمة والذل
والإنكسارلموعدهم اجمعين0
حادي عشر . أبواب جهنم .
{فَادْخُلُواْ أَبْوَابَ جَهَنَّمَ
خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ }النحل29
هذه أبواب العقبات المزاجية والامراء الظالمين التي هي منطلق الإعتداء على الصفاء
طلبا للشفاء حيث فرضت من الحيرة والمكابرة فقالت بالتردد والتكرار وباءت بالخسران
المبين حيث الإساءة والسوء فلانقلة منها 0
ثاني عشر. أبواب الجنان
{جَنَّاتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ
الْأَبْوَابُ }ص50
وهي أبواب ظلال الأنوار في الحضرة الإمامية
المرسومة في مركز الوجود والموسومة بالفيض الوحداني والتي لايمكن دخولها إلامن باب
اليقين لقوله تعالى/ثم لترونها عين اليقين ثم لتسألن يومئذ عن النعيم/ وهذا سر
دقيق يعلمه كل مؤمن في حق اليقين
ثالث
عشر أبواب الماء:
{فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاء بِمَاء
مُّنْهَمِرٍ }القمر11
وهي سبل الباب التي كانت في مفهوم الهيئة
المحمدية من حيث التعدد في مصداق أبواب الوحدانية وهي في ابوة النور وامومة الصلاة
0
رابع عشر /الأبواب المغلقة ك
{وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا
عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ
اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ
}يوسف23
هذه الأبواب لا تفتح بجمالية المنطق دون حركية الأعمال في المكان الواحد شطر
المسجد الحرام والزمان الواحد من دلوك
الشمس الى غسق الليل وقرآن الفجر المشهود بخاتمية النبوة والوصية إنما تتابع في الصبح المنشود حتى الأمل الموعود
فهي واحدة الضياء متعددة الظلال حكمها حكم الماء المنهمر يبدو متصلا وقطرته منفصلة
لا تتمتزج نقطة بأخرى من السحاب الذي يغطي الشمس ولا يفقد نورها المضيء على الأرض
المؤمنة فيغيب الأول ويصبح الثاني أولا ويحل الثالث ثانيا وهكذا في كل
انهمار بذوبة النور المحمدية للعالم بالإقرار حتى نهاية الأدوار والأعصار 0
خامس عشر أبواب البيوت :
{وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً وَسُرُراً
عَلَيْهَا يَتَّكِؤُونَ }الزخرف34
هذه أبواب المحنة والإختلاف التي قال فيها
/وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا/فالذين كفروا بالرحمن لم يلجوا باب الإقرار
التوحيد بعد ان جاءتهم الأنبياء بل قالوا هؤلاء أمثالنا لم يتميزو بالشهادة
فتميزوا بالإنكار والجحود والذين قبلوا الإمتحان بالإقرار والتوحيد بالنبوة في
مكوناتها بالخلق فامتاز المؤمن عن الكافر بقدس المعارف الإلهية والبيوت النبوية و
الأقفاص الجسدية وأبوابها العلوية فامتزجت الألوان بطباعها في البيت الواحد لوجود
العلة في البيوت واتصالها بالصفاء فيقبضها بالجوهرية ويفصلها بالشقاء ويبسطها
بالعرضية .
سادس عشر : أبواب السماء .
{إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا
وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاء وَلاَ
يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ
نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ }الأعراف40
وهي أبواب المعارف للحجب النورية في المدينة
المحمدية فالمقرون بالشهود والحضور على العهد المقطوع في البيعة موسومون بالصبغة
وهم لها موالون والكفرة الناكرون لها مؤجلون بالبرزخية مع شرالدواب حتى يلج كبيرهم الطاغوتي في سم الخياط هبابا وذرات فيعرض عليهم النداء
بالرجعة تجسبدا لجحودهم ولاتفتح لهم أبواب السماء في نهاية الدورة وان جهنم
للطاغين مآبا
سابع عشر . أبواب البر .
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ
مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوْاْ الْبُيُوتَ
مِن ظُهُورِهَا وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ
أَبْوَابِهَا وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }البقرة189
فالبيوت هنا مراكز الإحسان في المدينة للفطرة والمشيئة والإرادة والعلم والقدرة
واللطف الخفي في المركزية الظلية ولاتؤتي هذه البيوت إلا من أبوابها من قبل أن
اتقى وأتى الله بقلب سليم وألأئمة هم
ابواب الله ومدينة علمه.
ثامن عشر
: أبواب الخزنة .
{وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ
زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا
أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ
وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ
كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ }الزمر71
هذه أبواب الخزنة التي مفاتيحها الصلوات
فالويل لمن لا يقيمها بطهر وولاءقربة لله بمودة المدينة وابوابها /قالت الأعراب
آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا/فهي للمسلمين بلا إيمان حركات بلا آذان فلا تفتح
الخزنة لهم الا أبواب جهنم لنكرانهم المعبود بتعطيلهم الناصب فما استحقوا إلا
العذاب والذين آمنوا مسلمين بالولاء والإخلاص والعصمة صلواتهم وقراءتهم وحركاتهم
لله ولمن اصطفى فتفتح الخزنة لهم أبواب الجنان وقليل ماهم سلام ورضوان لهم فالخزنة
ظلال نورية لسر الحضرة الإلهية .
تاسع : أبواب كل شيء .
{فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ
فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا
أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ }الأنعام44
هذه أبواب الهيئات الصورية /وجعلنا من الماء كل
شيء حي/ فهي مترادفة في الوجود ليدل آخرها على أولها فأصبحت قائمة بالتجريد لدى
العقل المقابل بالتحريك فاللطف الخفي هيئة لصورة العلم والعلم هيئة لصورة القدرة
والقدرة هيئة لصورة الإرادة والإرادة هيئة لصورة المشيئة فمن اللطف علم اليقين ومن العلم عين اليقين ومن
القدرة حق اليقين ومن الإرادة حقيقة حق اليقين ومن المشيئة الحضورية والمشاهدة
يومئذ عن النعيم .
وبهذا نكون قد بينا ما امكنناالباري عليه من
باب الباب عليها تسعة عشر نفعنا الله بما
فيها من الأسرار وحسن المآب وفوق كل ذي علم عليم .
الباب الثالث النور :
أولا النور المنزل
{فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ
الَّذِي أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }التغابن8
هذا النور المنزل بالإحقاق لأهل الإستحقاق
بالمنة والتوفيق الإلهيين بعد قيام الفعل الموجب بالإقرار والإشارة والعبودية
للوجودية الحاضرة للفعل وهو النور الجاعل فيه سراجا وقمرا منيرا وداعيا إلى الله
بإذنه وسراجا منيرا .
ثانيا نور المشكاة .
{اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ
الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ
زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ
لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ
وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
}النور35
هذا نور المثال المشهود المدلول عليه
بالجوهرية والوجود فكان هو هو بالجوهر والغاية وليس هو هو بالعرض والمصداق فقد
عاينه المقدور بالقدرة الفاعلة فيه فعاين المصنوع بالنطق الجاري منه إيجادا من حيث
هو وإقرار من حيث الفعل برفع حجاب اللزوم عن المخلوق حقا لايقينا لقوله تعالى
/فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى ياتيك اليقين/ .
ثالثا نور الله :
{يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ
رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ
وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ
}المائدة15
هذا لأهل النور المتجلي بالديمومة بلا أمد
وبلا أبد لقوله تعالى /يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم / وهو صادر للكثرة
بالخطاب حجة مبينة في الكتاب مجرى النطق اللفظي ومسرى العرف الحسي بالمفهوم المجرد
والنور والكتاب صورتان لوجود واحد بالجوهر كالحرف دلالة على تلازم اللفظ بمظهره
المادي والمعنوي سبحانه وتعالى عما يقول الواصفون .
رابعا نور التوارة :
{إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا
هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ
هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ
اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ
تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ
فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ }المائدة44
هذا النور هو النور المخصوص بالمظهرالواجب
الوجود عند المقرين به من حيث زمانه ومكانه ولمن قبلها بالإكتفاء به وامتدادا لما
بعده لقوله تعالى /قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا وهدى للناس /وخص
بالأداء المعاينة وبالقضاء لمن عاين المظاهر التالية بعده وبذلك بما استحفظه الإسم
ولم يلزم الاقرار لمن يقبل المعنى وليس
العكس اللازم لأن الإقرار يشترط المشاهدة والحضور بالجوهر والصورة .
خامسا نور الإنجيل .
{وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعَيسَى
ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ
الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ
التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ }المائدة46
هذا النور المخصوص بما فيه من لزوم البعدية السرمدية ولم يلزم
القبلية الأبدية فكان مخصوصاً بالأزلية من
حيث دلالة العجز على القدرة والحدث على القدم والفناء على البقاء من حيث التجريد
فلا تدركه الشواهد ولا تحويه المشاهد ولا تراه النواظر ولا تحجبه السواتر 0
سادسا النور المطلق :
{الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ
كَفَرُواْ بِرَبِّهِم يَعْدِلُونَ }الأنعام1
هذا النور المجرد المقصود بالركوع والسجود
والمعاين بالنظر والشهود المثال المضروب المعبر عن الغاية التي جعلته مثالا وعقلا
فرأيناه من حيثنا ورآنا من حيثه فتعددت الرؤيا بتعدد الإستحقاق كل يراه بعينه
متأحد بالأمر الصادر عنه سبحانه بالمشاهدة /ومن لم يجعل له نورا فما له من نور/ .
سابعا نور الرب
{وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا
وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم
بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ }الزمر69
هذا النور العام المنتشر بالملك لكل الخلق
بميزان الحق المنبثق عن الفيض الكوني المتحرك من كنه الذات العالية يهتدي من يهتدي
بالإختيار ويضل من يضل بالأختبار وهو نور النداء الأول بقوله ألست بربكم ؟ وتمت
الإجابة هناك لمن ثقلت موازينه واما من خفت موازينه فأمه هاوية ومن تعادلت موازينه
امتزج بالخير والشر لوجوب قابلية النبوة والولاية من الأرقى للأدنى حيث قال تعالى
/أفمن شرح صدره للإيمان فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم /
هؤلاء الذين غلبت شهوة الغضب والإستكبار فيهم
فلاذوا بالجحود والإنكار .
ثامنا النور التام :
{يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ
بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ }الصف8
هذا النور هو العقل الصادر عن الفاعل التام
المنقضي بالأمر والحكمة من القادر رغم المعاند والمكابر والفاجر فهو مركز في الوحي
والإلهام لأهل الكشف والتفرس والشهود في كل عصر وزمان وبهذا النور يكون سمعهم
وبصرهم ونطقهم لأنه الشاهد المسؤول في السمع والبصر والفؤاد
تاسعا النور المبين:
{يَا
أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا
إِلَيْكُمْ نُوراً مُّبِيناً }النساء174
هذا النور الواضح بالحجة والمحجة والبيان
الجاري عليها ومنها فمن أنكر العقل وصدق القول كانت له زينة يستنير منها على هواه
ومن أنكر العقل والقول تاه وعمي عن الصراط المستقيم ومن صدق القول والعقل صار
البرهان بين عينيه وفاز بجنات النعيم
عاشرا نور الميت :
{أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ
وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي
الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا
كَانُواْ يَعْمَلُونَ }الأنعام122
هذا النور مرشد الفعل يضيء سبيل المقلد
للهدى جعله للمحجوبين في غشاوة التعددية
والإكثار يمشون به في الناس يغطيهم الجلال والوقارلا يقارنون بمن مضمونهم الجحود
والإنكار فهو بالإعتراف زينة وبالإغتراف شينة مضاره التوهم والقياس واراء الهوى
فغاب عن أفعالهم فراحوا بالقصد للزمان الغابر ووقفوا معطلين بالزمان الحاضر
فانتقضت الشهادة بالشهود فعبدوا التشخيص والتجسيم
فهم والمعطلة سواء و أشركوا
بالأغيار الصنمية عن فعل غيرها فالقصد دائما للحاضر والمشهود المشار إليها
بالركوع والسجود والظاهر باللطف والباطن بالجود
حادي عشر نور القمر :
{هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء
وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ
وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ
لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }يونس5
المجعولان هما الشمس بالضياء والقمر بالنور
والجاعل هو فهما فعلان من صاحب الأمر للمأمور بالإنفعال بترتيب الفيوضات فالأول
منبثق والثاني مفاض فهما ممكنان للواجب فاقتضى أمره أن يكونا محدثان وهو قديم
لايجري عليه السكون والحركة وتجريان عليهماولاتقوم آية المصنوع فيه بل فيهما وخرج بسلطان من أين يؤثر فيه ما يؤثر في غير ه
لايتبدل في الأحوال ولا تبليه الليالي والأيام ولايغيره الضياء والظلام ولايقال له
حد ولانهاية ولاانقطاع ولاغاية سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا
لتعلم وتفصل بما تعلم وتتصل بما تعمل0
ثاني عشر نور الهداية
{اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ
الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ
زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ
لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ
وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
}النور35
هذا الروح القدس المختص بالمؤمنين والممتنع
عن الكافرين لقوله تعالى /فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك جاؤوا بالبينات والزبر
والكتاب المنير /وهذا النور قوامه الغلب الإيماني والعقل العرفاني المتصل
بالقابلية والفيض الجاري بالفضل والمنه والتوفيق والمشيئه الإلهية لقوله تعالى/ما
كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا /ففيه
حقيقة الحق لمن أطاع عند السماع فاستوت الطاعات متى صارت التكاليف لديه عبادات
فاستغرقه الطهر والصدق فناله العبد واعد العدة ثم لترون الجحيم ثم لتسالن يومئذ عن
النعيم .
ثالث عشر نور القبس:
{يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ
وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ
ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ
بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ }الحديد13
لقد ذكرنا عن هذا السور في باب النور فرأيناه
نور النار التي هي بردا وسلاما على المؤمنين وجحيما مستطيرا على الكافرين فكان
الباطن رحمة والظاهر منها العذاب فصفة الحرق غير ذات النار بل هي فعل مستحدث بأمر
الواحد القهار فكل نار تنير وليس كل منير نار فهي للمؤمنين قبس فوق الطور
وللكافرين يصيبهم فيها اللهب فإذا قبض
الفاعل الفعل الحارق منها بسط الفعل النوري فيها والعكس بالعكس فهي صارت بالفعل
موجودة كوجود الصورة وهي موجودة بغيرها فالصورة أيضا موجودة في غيرها فالمؤمن
مقتبس من حوض النعمة والكافر مصاب من موقد النقمة وشتان ما بين المحترق والمستنير
رابع عشر نور السعاية
{يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ
وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم
بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ
فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ }الحديد12
هذا نور المثال الإلهي الحاضر المشهود
بالوجود لكل مؤمن يراه بما ينفعه هو عليه فهو بين أيديهم المتضرعة بالدعاء قابلا
إياه وعن أيمانهم جزاء أعمالهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر استقامة وأداء
للتكاليف والمعارف والعبادات وهو في الحالتين عن الإيمان وبين الأيدي كناية الحضور
والشهود والمراقبة للتعدديه كأننا نراه لقوله تعالى /يوم ترى المؤمنين والمؤمنات
يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم /.
خامس عشر النور الذاهب
{مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ
نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ
فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ }البقرة17
هذا النو رالجزئي المعبر عن الغاية الكلية
والجزئية غير منفصلة بل هي متصلة حتى أنه عندما يعود يغيب تحت التلألؤ الكلي فالذي
حدد الغاية وقوفا عنده في الطاعة والعبادة لحظة الإشراق صار والناصبة بالعداء سواء
لعدم تصديق ما رآه عن أسه ومصدره منبثقا فالحجة والمعجزة والبرهان هم أمثال لهذا
النور فمن وقف نفسه عند هذه الأمثال وعطل بوقفته النص من المثال الديني ذهب الله
بنوره وتركه في ظلمات لايبصر كالمستوقد نارا إذا ذهب الله بمددها لم تعد الا رمادا
فهو موصول بلا ممازجة ومفصول بلا مباينة ليس من قبل التناقض والضدية بل من قبل
الثالث المرفوع كالنقطة الثالثة في الثاء فهي ليست من نقطة اليمين ولامن اليسار
إنما مرفوعه فوقها أمثال لهذا التكوين الذاتي النوري الضيائي الكلي وشهداء الظلال
بنور الشهادة لقوله تعالى والذين آمنوا بالله ورسوله أولئك هم الصادقون والشهداء
عند ربهم لهم أجرهم ونورهم /وهذه أسرار دقيقة يجب التأني عند الوقوف على معانيها
من أهل الحقيقة .
سادس عشر نور النار
{اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ
الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ
زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ
لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ
وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ
}النور35
هذا نور التجريد المعاين بالغير الناري
ومعرفته بواسطةالتنزيه والتوحيد اختبارا فكان تجريده عين توحيده وتوحيده علم
تنزيهه وتنزيهه حق تفريده وتفريده حقيقة
حق تجريده فامتنع وجود النور بامتناع نور الظهور وهو الفعل الذي أقر به المعاند
عند قيام الأمر كقول أبليس فبعزتك لأغوينهم أجمعين فهذه كانت بالقول إرغاما بالفعل
عندما بهرهم الحق بالفصل فلا نار بدون نور
فكانت لهم النظرة حق بالقول الذي قالوه والغواية بالجبت حق للفعل الذي فعلوه وما
الله بظلام للعبيد .
وبعد هذا التبويب والتقسيم للصلاة والباب
والنور يتبين بحول الله وطوله ماهية اتحاد هذه الأنواع ببعضها لتعرف معنى العبارة
المطلوب العمل بها والمستقاة من المعين العالي مولانا أمير المؤمنين بقوله /اللهم
اجعل شرائف صلواتك ونوامي بركاتك على محمد عبدك ورسولك الخاتم لما سبق والفاتح لما
انغلق /ويتطلب الموضوع الدليل المفروض علينا في أداء الصلاة وقضائها بالنص الوارد
عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام بسؤاله للسيد محمد رسول الله صلى الله عليه
وآله كيف أصلي بهم صل بهم؟ قال صل بهم كصلاة أضعفهم /والمؤمن المقر بالشهود وهو
العبودية فاعبد الله كأنك تراه بالطاعة
وبالحضور فان لم تكن تراه فانه يراك
بالعرفان والإيمان واليقين فجاز له أن يستقي ويسقى من مصدر الإلهام والعطاء
للقيام بما يتحصل لديه من اشراق وتدقيق واحاطة وتحقيق للعارفين العالمين الصالحين
في كل مكان وعصر وحين ومن ثم نذكر الصلاة لنختم الموضوع ان شاء الله
أولا ماهية صلاة النهي
إن أبواب الصلاة هي الأبواب المتفرقة وأبواب
السماء والأبواب المغلقة والأبواب المفتحة
والنور فيها نور التوراة ونور الإنجيل ونور الميت
ثانيا ماهية صلاة المحراب
الأبواب فيها هي باب القرية وباب الطور وباب
الملائكة وباب الجنان وأبواب السماء وأبواب البيوت والنور فيها نور المشكاة ونور
القمر ونور القبس .
ثالثا ماهية صلاة الياء
الأبواب فيها هي باب السيد وباب الواحد
وأبواب كل شيء والنور فيها نور الرب ونور الهداية
رابعا ماهية صلاة السلام
الباب فيها باب الغلبة وأبواب الجزاء وباب
العذاب والنور فيها نور النار ونورالسعي
والنور الذاهب .
خامسا ماهية صلاة الهو
أبوابها هي أبواب الماء وأبواب البر وأبواب
الخزنة والنور فيها النور التام والنور المنزل والنور المطلق
سادسا ماهية صلاة الله
الأبواب فيها أبواب الجنان والنور فيها
نورالله والنور المبين .
سابعا ماهية صلوات الرب
هذه صلوات للرب أبوابها كل الأبواب وأنوارها
كل الأنوار لأن الجوهر واحد في النور
ثامنا ماهية صلوات الرسول
هذه صلوات الكثرة للرسول أبوابها كل أبواب
الكثرة وأنوارها كل أنوار الكثرةلأن الجوهر واحد في النور والإشارة في كل هذه الصلوات متعلقة بالأبواب من
جهة الملك وبالأنوار من جهة الصلاة حيثما وقعت ومن أي جهة قابلة صدرت .
وبهذا البسط نسأل الله أن يكون مفيدا يخلص
لمدلول هذه العبارة المفروضة على كل العباد المسلم والمؤمن فالأول يقولها بلا عرف
والثاني بعرف وفيها من السر الدقيق ما جعلها حرز الأرضين في كل الملك وكل الخلق .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
طرطوس عيد الفطر السعيد 1423هـ سلمان آل
سليمان
تعليقات
إرسال تعليق