المستعمر
الإسلامي
(الفتوحات
الإسلامية )
ما
بين داريوس الفارسي والإسكندر الإغريقي ومحمد العربي
((اليوم يئس الذين كفروا من
دينكم فلا تخشوهم و اخشون")) هذا قرآن نزل
ونزل معه ((لا اكراه في الدين)) فأهم سؤال هو لماذا كانت الفتوحات الإسلامية
أللدين ام للسياسة ؟ فإن كانت للدين فموسى وهارون انتشرت اليهودية بهما دون حروب
وعيسى واثني عشر حواري نشروا المسيحية دون حروب ايضا فلماذا محمد واربعة وعشرون
الف صحابي على الأقل استلوا سيوفهم لنشر الإسلام بالإكراه او الجزية وكانت الجزية
المفضلة عند من يسمون الفاتحين في اقصى الأرض شرقا وغربا ووسطا وفي هذا السؤال الف
الف تساؤل واستفهام تبدأ ولا تنتهي وعلى الله الإتكال :
تشير المصادر التاريخية عند
اليهود الي ان "نبوخذنصر" قام بهدم اورشليم و فلسطين بعد ان استولي
عليهما، و أوقع باليهود قتلا ذريعا، حتي لم يبق منهم سوي شرذمة قليلة لاذت بالفرار
و تفرقت و اندثرت، و انعدم ذكر التوراة لسنوات عديدة حتي جاء "داريوس" فقام باعادة بناء
اورشليم بوصية من "كورش"، فرجع اليهود اليها، و قام عزرا الكاهن بكتابة
التوراة و عرضها علي اليهود، و عليه يعود سند التوراة الي "عزرا
الكاهن"وذلك أن بني إسرائيل بعد أن قضوا نيفا وأربعين سنة في أسر البابليين
وتابوا إلى الله وندموا على ما فرط منهم سلط الله ملوك فارس على ملوك بابل
الأشورين فإن الملك " كورش " ملك فارس حارب البابليين وهزمهم فضعف
سلطانهم ثم نزل بهم " داريوس " ملك فارس وفتح بابل سنة 538 قبل المسيح وأذن لليهود في
سنة 530 قبل المسيح أن يرجعوا إلى أورشليم ويجددوا دولتهم . وذلك نصر انتصروه على
البابليين إذ كانوا أعوانا للفرس عليهم
والوعد بهذا النصر ورد أيضا في كتاب أشعيا في
الإصحاحات : العاشر والحادي عشر والثاني عشر وغيرها وفي كتاب أرميا في الإصحاح
الثامن والعشرين والإصحاح التاسع والعشرين
وقوله ( وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر
نفيرا ) هو من جملة المقضي الموعود به . ووقع في الإصحاح التاسع والعشرين من كتاب
أرميا " هكذا قال الرب إله إسرائيل لكل الذي سبيته من أورشليم إلى بابل :
ابنوا بيوتا واسكنوا واغرسوا جنات وكلوا ثمرها خذوا نساء ولدوا بنين وبنات واكثروا
هناك ولا تقلوا "
أن اليهود بعد أن عادوا إلى
أورشليم وجددوا ملكهم ومسجدهم في زمن " داريوس " وأطلق لهم التصرف في بلادهم
التي غلبهم عليها البابليون وكانوا تحت نفوذ مملكة فارس فمكثوا على ذلك مائتي سنة
من سنة 530 إلى سنة 330 قبل المسيح ثم أخذ ملكهم في الانحلال بهجوم البطالسة ملوك
مصر على أورشليم فصاروا تحت سلطانهم إلى سنة 166 قبل المسيح إذ قام قائد من
إسرائيل اسمه " ميثيا " وكان من اللاويين فانتصر لليهود وتولى الأمر
عليهم وتسلسل الملك بعده في أبنائه في زمن مليء بالفتن إلى سنة أربعين قبل المسيح
. دخلت المملكة تحت نفوذ الرومانيين وأقاموا عليها أمراء من اليهود كان أشهرهم
" هيرودس " ثم تمردوا للخروج على الرومانيين فأرسل قيصر رومية القائد
" سيسيانوس " مع ابنه القائد " طيطوس " بالجيوش في حدود سنة
أربعين بعد المسيح فخربت أورشليم واحترق المسجد وأسر " طيطوس " نيفا
وتسعين ألفا من اليهود وقتل من اليهود في تلك الحروب نحو ألف ألف ثم استعادوا
المدينة وبقي منهم شرذمة قليلة بها إلى أن وافاهم الأمبراطور الروماني "
أدريانوي " فهدمها وخربها ورمى قناطير الملح على أرضها كيلا تعود صالحة
للزراعة وذلك سنة 135 للمسيح . وبذلك انتهى أمر اليهود وانقرض وتفرقوا في الأرض
ولم تخرج أورشليم من حكم الرومان إلا حين فتحتها المسلمون في زمن عمر بن الخطاب
سنة 16 صلحا مع أهلها وهي تسمى يومئذ " أيلياء "يلاحظ أنه يوجد شخص آخر
اسمه (زكريا بن برخيا) له كتاب قانوني عند النصارى ، وكان في زمن (داريوس) قبل زمن
المسيح عليه السلام بما يقرب من ثلاثة قرون 536 ... وفاة داريوس المادي خال قوش وخلافة
قورش مكانه على مادي وفارس وإطلاقه اليهود وإذنه لهم بالرجوع إلى اليهودية
خطر حينا للنبيين زكريا
وحجاي في أواخر القرن السادس قبل الميلاد أن زرابابل -والي يهوذا- هو المسيح
المنتظر . لأنه أعاد بناء البيت في السنة الثانية للملك داريوساسم الله المهيمن ورد في
القرآن الكريم في قوله تعالى :
(هُوَ اللهُ الذِي لا
إِلَهَ إِلا هُوَ المَلِكُ القُدُّوسُ السَّلامُ المُؤْمِنُ المُهَيْمِنُ
العَزِيزُ الجَبَّارُ المُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23)
القرآن الكريم سورة
الحشرولم يرد الاسم في موضع آخر من القرآن، وهو في هذا النص موجود بحروفه عبر هذه
القرون الطويلة من يوم أن نزل به روح القدس على محمد صلى الله عليه وسلم، ومن يوم
أن أمر محمد صلى الله عليه وسلم كتاب الوحي بتدوينه وبإشرافه المباشر صلى الله
عليه وسلم إلى وقتنا هذا .
والاسم لم يرد أيضا في
الكتاب المقدس إلا في موضع واحد مضافا وهو قول الكتاب المقدس في طبعته السادسة سنة
1995 في القاهرة في جي سي سنتر بمصر الجديدة:
(في ذَلِكَ الحِينِ
تَنَبَّأَ النَّبِيَّانِ حَجَّي وَزَكَرِيَّا بْنُ عِدُّوَ لِليَهُودِ المُقِيمِينَ
فِي أُورُشَلِيمَ وَيَهُوذَا بِاسْمِ الرب إِلَهِ إِسْرَائِيلَ المُهَيْمِنِ
عَلَيْهِمْ. 2فَقَامَ زَرُبَّابِلُ بْنُ شَأَلتِيئِيلَ وَيَشُوعُ بْنُ
يُوصَادُوقَ، وَشَرَعَا فِي اسْتِكْمَالِ بِنَاءِ هَيْكَلِ الله الذِي فِي
أُورُشَلِيمَ، بِمَعُونَةِ نَبِيَّيِ اللهِ، 3فَجَاءَهُمْ تَتْنَايُ وَالِي عَبْرِ
النَّهْرِ وَشَتَرْبُوزْنَايُ وَرُفَقَاؤُهُمَا وَسَأَلُوهُمْ: «مَنْ أَمَرَكُمْ
بِإِعَادَةِ بِنَاءِ هَذَا الهَيْكَلِ وَاسْتِكْمَالِ السُّورِ؟» 4ثُمَّ طَلَبُوا
قَائِمَةً بِأَسْمَاءِ الرِّجَالِ المُسَاهِمِينَ فِي بِنَاءِ الهَيْكَلِ.
5وَلَكِنْ كَانَتْ عَيْنُ إِلَهِ قَادَةِ اليَهُودِ تَرْعَاهُمْ، فَلَمْ
يُوْقِفُوهُمْ عَنِ العَمَلِ حَتَّى يَتِمَّ رَفْعُ الأَمْرِ إِلَى دَارِيُوسَ
وَيَتَلَقَّوْا رَدَّهُ عَلَيْهَا ) . ثُمَّ كَتَبَ المَلِكُ دَارِيُّوسُ إِلَى
كُلِّ الشُّعُوبِ وَالأُمَمِ وَالأَلسِنَةِ السَّاكِنِينَ فِي الأَرْضِ كُلِّهَا:
«لِيَكْثُرْ سَلاَمُكُمْ. 26مِنْ قِبَلِي صَدَرَ أَمْرٌ بِأَنَّهُ فِي كُلِّ
سُلطَانِ مَمْلَكَتِي يَرْتَعِدُونَ وَيَخَافُونَ قُدَّامَ إِلهِ دَانِيآلَ،
لأَنَّهُ هُوَ الإِلهُ الحَيُّ القَيُّومُ إِلَى الأَبَدِ، وَمَلَكُوتُهُ لَنْ
يَزُولَ وَسُلطَانُهُ إِلَى المُنْتَهَى. 27هُوَ يُنَجِّي وَيُنْقِذُ وَيَعْمَلُ
الآيَاتِ وَالعَجَائِبَ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ. هُوَ الذِي نَجَّى
دَانِيآلَ مِنْ يَدِ الأُسُودِفكانَ دانيالُ ناجحًا في عَهدِ داريوسَ وفي عَهدِ كورَشَ
الفارِسيِّصورة الرسالة التي ارسلها تتناي والي عبر النهر و شتر بوزناي و رفقاؤهما
الافرسكيين الذين في عبر النهر الى داريوس الملك
5: 7 ارسلوا اليه رسالة و
كان مكتوبا فيها هكذا لداريوس الملك كل سلام
5: 8 ليكن معلوما لدى الملك
اننا ذهبنا الى بلاد يهوذا الى بيت الاله العظيم و اذا به يبنى بحجارة عظيمة و
يوضع خشب في الحيطان و هذا العمل يعمل بسرعة و ينجح في ايديهم
5: 9 حينئذ سالنا اولئك
الشيوخ و قلنا لهم هكذا من امركم ببناء هذا البيت و تكميل هذه الاسوار
5: 10 و سالناهم ايضا عن
اسمائهم لنعلمك و كتبنا اسماء الرجال رؤوسهم
5: 11 و بمثل هذا الجواب
جاوبوا قائلين نحن عبيد اله السماء و الارض و نبني هذا البيت الذي بني قبل هذه
السنين الكثيرة و قد بناه ملك عظيم لاسرائيل و اكمله
5: 12 و لكن بعد ان اسخط
اباؤنا اله السماء دفعهم ليد نبوخذنصر ملك بابل الكلداني الذي هدم هذا البيت و سبى
الشعب الى بابل
5: 13 على انه في السنة
الاولى لكورش ملك بابل اصدر كورش الملك امرا ببناء بيت الله هذا
5: 14 حتى ان انية بيت الله
هذا التي من ذهب و فضة التي اخرجها نبوخذنصر من الهيكل الذي في اورشليم و اتى بها
الى الهيكل الذي في بابل اخرجها كورش الملك من الهيكل الذي في بابل و اعطيت لواحد
اسمه شيشبصر الذي جعله واليا
و قال له خذ هذه الانية و
اذهب و احملها الى الهيكل الذي في اورشليم و ليبن بيت الله في مكانه
5: 16 حينئذ جاء شيشبصر هذا
و وضع اساس بيت الله الذي في اورشليم و من ذلك الوقت الى الان يبنى و لما يكمل
5: 17 و الان اذا حسن عند
الملك فليفتش في بيت خزائن الملك الذي هو هناك في بابل هل كان قد صدر امر من كورش
الملك ببناء بيت الله هذا في اورشليم و ليرسل الملك الينا مراده في ذلك
6: 1 حينئذ امر داريوس
الملك ففتشوا في بيت الاسفار حيث كانت الخزائن موضوعة في بابل
و قد صدر مني امر ان كل
انسان يغير هذا الكلام تسحب خشبة من بيته و يعلق مصلوبا عليها و يجعل بيته مزبلة
من اجل هذا
6: 12 و الله الذي اسكن
اسمه هناك يهلك كل ملك و شعب يمد يده لتغيير او لهدم بيت الله هذا الذي في اورشليم
انا داريوس قد امرت فليفعل عاجلا
6: 13 حينئذ تتناي والي عبر
النهر و شتر بوزناي و رفقاؤهما عملوا عاجلا حسبما ارسل داريوس الملك
6: 14 و كان شيوخ اليهود
يبنون و ينجحون حسب نبوة حجي النبي و زكريا ابن عدو فبنوا و اكملوا حسب امر اله
اسرائيل و امر كورش و داريوس و ارتحششتا ملك فارس
6: 15 و كمل هذا البيت في
اليوم الثالث من شهر اذار في السنة السادسة من ملك داريوس الملك
6: 16 و بنو اسرائيل الكهنة
و اللاويون و باقي بني السبي دشنوا بيت الله هذا بفرح
6: 17 و قربوا تدشينا لبيت
الله هذا مئة ثور و مئتي كبش و اربع مئة خروف و اثني عشر تيس معزى ذبيحة خطية عن
جميع اسرائيل حسب عدد اسباط اسرائيل
6: 18 و اقاموا الكهنة في
فرقهم و اللاويين في اقسامهم على خدمة الله التي في اورشليم كما هو مكتوب في سفر
موسى
6: 19 و عمل بنو السبي
الفصح في الرابع عشر من الشهر الاول
6: 20 لان الكهنة و
اللاويين تطهروا جميعا كانوا كلهم طاهرين و ذبحوا الفصح لجميع بني السبي و لاخوتهم
الكهنة و لانفسهم
6: 21 و اكله بنو اسرائيل
الراجعون من السبي مع جميع الذين انفصلوا اليهم من رجاسة امم الارض ليطلبوا الرب
اله اسرائيل
6: 22 و عملوا عيد الفطير
سبعة ايام بفرح لان الرب فرحهم و حول قلب ملك اشور نحوهم لتقوية ايديهم في عمل بيت
الله اله اسرائيل
فاخذ المملكة داريوس المادي و هو ابن اثنتين و
ستين سنة
6: 1 حسن عند داريوس ان يولي على المملكة مئة و
عشرين مرزبانا يكونون على المملكة كلها
6: 2 و على هؤلاء ثلاثة
وزراء احدهم دانيال لتؤدي المرازبة اليهم الحساب فلا تصيب الملك خسارة
6: 3 ففاق دانيال هذا على
الوزراء و المرازبة لان فيه روحا فاضلة و فكر الملك في ان يوليه على المملكة كلها
وقد ورد في بعض الموارد أن
العرب قدموا الأسلحة والملابس إلى الجيش المقدوني1، وأن الإسكندر تمكن من قهر
العرب2. كما ذكر أن عربيًّا انقض على الإسكندر وفي يده اليمنى سيف مسدد نحو رقبته،
قاصدًا قتله في أثناء معركة حامية، غير أن الإسكندر تجنب الضربة بسرعة فائقة فنجا.
وكان هذا العربي في جيش "دارا" "داريوسولما استولى "دارا" "داريوس" على مصر، قرر إعادة
ذلك المشروع المصري القديم، الذي كان قد اندثر وأكلته الرمال، بأن أمر بشق قناة
تصل النيل بالبحر الأحمر عن طريق الفرع البلوزي أحد فروع النيل القديمة، بالقرب من
الزقازيق، مخترقة وادي الطميلات ثم البحيرات إلى السويس. وهو مشروع يدل على ذكاء
ذلك الملك وإدراكه لأهمية ربط البحرين بطريق مائي، وإلى ما فيه من فوائد في
السياسة وفي الاقتصاد وفي الناحية العسكرية.
ووضع "الإسكندر"
الأكبر مشروعًا خطيرًا آخر يفوق كل ما وضع من قبله من مشاريع. فقد وضع خطة السيطرة
على المياه الدافئة بالسيطرة على سواحل جزيرة العرب، وذلك بالاستيلاء عليها، ويكون
بذلك ملك أكبر انبراطورية عرفت حتى ذلك اليوم تمتد من الهند إلى مصر وما وراء مصر
من أرضين1. وقد كلف قواده بالالتفاف حول جزيرة العرب، وباشروا بتنفيذ الأمر بالفعل،
وقد رأينا قائده "نيرخوس" "Nearchus"
على رأس أسطول ضخم، لعله أعظم أسطول شاهده الخليج والبحر العربي حتى ذلك العهد.
وقد رأينا كيف قرر الإحاطة بجزيرة العرب من الجنوب والغرب بالسيطرة على سواحلها
وإنشاء أسطول يمخر المياه المحيطة بها، بعد أن هيمن على السواحل الشرقية. وقد
استعاننفسه بخبرة الفينيقيين وعلمهم بالبحر. نقلهم إلى هذه المياه وكلفهم بناء
السفن له، وبإدارتها له. ولو قدر للإسكندر أن يعيش طويلًا لتحقق مشروعه الضخم،
ولكن القدر قضى عليه مبكرًا، فمات مشروعه معه، ولم يكن لخلفائه ما كان لسيدهم من
عزم، فتركوا المشروع، ولم يتحمسوا لهثم ملك دارا بن دارا بن بهمن بن إسفنديار بن
يستاسف بن بهراسف والفرس تسمى دارا هذا باللغة الأولى من لغاتهم داريوس، وهو الذي قتله الإِسكندر
بن فليبس المقدوني، وكان ملكه إلى أن قتل ثلاثين سنة.وقد ذكر أن منوشهر حين انهزم
من حرب فراسياب التركي سار إلى جبل طبرستان فتحضَنَ به، ثم ثاب بعد ذلك ومعه خيل،
فحارب فراسياب التركي، وقد وطىء العراق، وغلب على الأقاليم، فهرب إلى أرض الترك،
وأن الملك صار بعد منوشهر إلى أخوين، وقيل: بل كانا شَرِيكين في الملك متظافرين
متعاونين على عمارة الأرض وما خَرَّبه فراسياب: أحدهما بهماسف بن كنجهر بن ورزق بن
هوسف بن واحدسك بن دوس بن منوشهر، والآخر كرشاسف بن يمار بن طماهسف بن آشك بن
فرسين بن أرج بن منوشهر، وكان كرشاسف محارباً لفراسياب، ومنازلاً له، والآخر وهو
زاب بالعراق: يعمر ما خربه فراسياب من الأرض، واحتفر النهرين المعروفين بالزابين
الصغير والكبير، على ما قدمنا من ذكرهما في هذا الكتاب، الخارجَيْنِ من بلاد
أرمينية الصابَّيْنِ في دجلة: الأكبر بين الموصلِ والحديثة، والاخر ببلاد السن
وسماهما باسمه، وحفر بسواد العراق نهراَ آخره وسماه بالزاب، وجعل على هذا النهر
بالعراق ثلاث طساسيج من الضياع والعمائر وأسماها الزوابي، وما ذكرنا فهو باق إلى
هذه الغاية، وأن مملكتهما كانت ثلاث سنين، وأن كيخسرو لما قتل جده ببلاد السرو
والران من بلاد أذربيجان وهو فراسياب بن بشنك بن نبت بن نشمربن ترك، وترك هذا جد
سائر الترك عند طائفة من الناس مِنْ ولد يسب بن طوح بن أفريدن، وقد قدمنا وجهاً من
الرواية في نسبة فيما سلف من هذا الكتاب، وسار كيخسرو في البلاد، ووطىء الممالك،
وانتهى إلى بلاد الصين، فبنى هناك مدينة عظيمة، وسماها كنكدر، وقد نزلها خلق من
ملوك الصين كنزولهم أنموا وغيرها من مدنهم، وقد قيل: إن كنكدر هي أنموا بعينها،
وقد قيل: إن كيقاوس بنى مدينة قشمير المقدم ذكرها بأرض السند، وإن سياوخس بنى في
حياة أبيه كيقوس مدينة القندهار من أرض السند المقدم ذكرها فيما سلف من هذا
الكتابفلما أن كان من أمر الِإسكندر بن فيلبس وهو الملك الماضي النيى هو أول ملوك
اليونانيين على ما ذكره بطليموس ما كان من ظهوره وهمته بعث إليه داريوس ملك فارس، وهو دارا بن
دارا، يطالبه بما جرى من الرسم، فبعث إليه الِإسكندر: إني قد ذبحت تلك الدجاجة
التي كانت تبيض بيض الذهب، وأكلتها، فكان من حروبهم ما دعا الِإسكندر إلى الخروج
إلى أرض الشام والعراق، فاصطلم من كان بها من الملوك، وقتل دارا بن دارا ملك
الفرس، وقد أتينا على خبر مقتله ومقتل غيره من ملوك الهند، ومن لحق بهم من ملوك
الشرق في الكتاب الأوسط. أخمينيون . وكلمة أخمينيد لقب أسرة ملكية فارسية كونت لها
إمبراطورية في فارس عام 559 ق.م. واستولت علي ليديا وبابل وإيران وفلسطين ومصر .
وأشهر ملوكها دارا(داريوس ) الذي حاول غزو أثينا باليونان فهزم (أنظر: أثينا ) . وأسقط
الإسكندر الأكبر هذه الإمبراطورية عام 331 ق.م. و من ملوكها قمبيز وقورش (سيروس) .
وتعتبر فترة حكم هذه الإمبراطورية هي فترة الحضارة الفارسية .
أخمينيون
أنظر أخمينيديون . أخمينيون
: في القرن السادس قبل الميلاد انشأ الأخمينيون إمبراطوريتهم التي امتدت في أوجها
إلى جميع أرجاء الشرق الأدنى، من وادي السند إلى ليبيا، وشمالاً حتى مقدونيا.
وهكذا فقد تمكنوا من السيطرة على جميع الطرق التجارية المؤدية إلى البحر الأبيض
المتوسط عبر البر والبحر؛ وقام ملوك الأخمينيين بإعادة بناء الطريق من منطقة
{السوس Susa في
إيران} إلى { سارديز Sardis} بالقرب من أفسس
وسميرنا.
إصطخر: Perspolisمدينة تاريخية أقامها
الإمبراطور الفارسي دارا(داريوس)عام 518 ق.م بفارس.لتكون عاصمة لإمبراطورية الإخمدينيتين(مادة)
. دمرها إسكندر الأكبر عام 331ق.م. . وكان بها القصور وإيوان الأعمدة . وكانت
مدينة حصينة عند سفح صخرة بجنوب شرق إيران . أضاحي : Sacrifices كانت
إحتفالات المايا تتركز علي تقديم الأضاحي البشرية لنيل مرضاة الآلهة . وكانت تمارس
عادة التضحية فوق الأهرامات
وظل داريوس في حرب مع الإغرق حتي
وفاته عام 486ق.م. وكان قد أخضع المدن الإغريقية في آسيا الصغريوفي عام 522ق.م،
أصبح داريوس الأول ملكًا وازدهرت
الإمبراطورية في ظل حكمه. فقد شق داريوس الطرق، وأنشأ خطوط الشحن البحرية وأدخل
استعمال العملات الذهبية والفضية. وفي عام 500ق.م، بلغت الإمبراطورية ذروتها،
واتّسعَت غربًا حتى شملت ما يعرف الآن بليبيا وامتدت شرقًا حتى موقع باكستان الآن،
ومن خليج عمان في الجنوب إلى بحر آرال في الشمال.
توسعت الإمبراطورية
الفارسية بسرعة، وتمكنت من هزيمة العديد من الدول الإغريقية في آسيا الصغرى خلال
القرن السادس قبل الميلاد. وفي الفترة الواقعة بين عامي 499 و 494 ق.م، تمردت تلك
الدول على الحكم الفارسي، فما كان من الملك داريوس الأول إلا أن شن حملة عسكرية كبيرة،
تمكنت من سحق الثورة، ومن ثم تابعت قواته التقدم باتجاه أثينا، لتأديبها، بسبب
دعمها للثائرين الإغريق. وسرعان ما ورث هذه الإمبراطورية الفرس الأخمينيون في
القرن السادس قبل الميلاد، وضموا إليها مصر عام 525ق.م. فأصبح العالم القديم كله
في الشرق الأدنى إمبراطورية واحدة لأول مرة في التاريخفي عام 507 ق.م طلب شعب
أثينا من الملك داريوس الأول ملك فارس (إيران حاليًا) أن يتحالف معهم ضد أسبرطة التي
كانت دولة قويَّة باليونان الجنوبيَّة، ومن أجل تشكيل التّحالف قام ممثلو أثينا
بتقديم الوعود بطاعة الشعب لداريوس. وقامت حكومة أثينا فيما بعد برفض الاتفاق،
ولكنَّ داريوس استمر في اعتبار نفسه
الحاكم الحقيقي لأثينا.
وفي أوائل سنة 499 ق.م،
تمرّد اليونانيون الذين كانوا تحت الحكم الفارسي في آسيا الصُّغرى (تركيا الآن) ضد
داريوس، وأرسل شعب أثينا الجنود
وعشرين سفينة لمساعدة المتمردين، ثم قامت القوات اليونانية بمهاجمة سارديس
وإحراقها حيث كانت المدينة التي كان يتَّخذها داريوس عاصمة له بآسيا الصُّغرى، فأقسم داريوس أن ينتقم من شعب أثينا بأن
يقهر أثينا ويحرقها.
داريوس الأول (550 ؟ - 486ق.م).
حاكم الإمبراطورية الفارسية من سنة 522 ق.م إلى وفاته، يعرف باسم داريوس الأكبر. قام بتوسيع
الإمبراطورية الفارسية التي كانت أساسًا بالجنوب الغربي لآسيا، نحو الشرق إلى ما
يُسمى الآن جنوبي باكستان، ونحو الغرب إلى الجنوب الشرقي لأوروبا. حاول الاستيلاء
على اليونان إلا أنه مُني بالفشل.
في سنة 522 ق.م، قتل مساعد داريوس وأخوه أرتفرنيس بارديا ملك
الفرس، بعد ذلك استولى داريوس على العرش، واستطاعت جيوش داريوس أن تخمد ثورة بمصر سنة 519 ق.م. وأن
تحتل ثريس جنوب شرقي أوروبا سنة 513 ق.م. بعدها بسنوات، احتلت القوات الفارسية ما
يسمى الآن بجنوبي باكستان. حكم داريوس إمبراطوريته الشاسعة بنجاح عن طريق تقسيمها إلى أقاليم
كبيرة. من بين الأعمال التي قام بها العمال الذين اختارهم داريوس لإدارة هذه الأقاليم،
الزيادة في الضرائب المحلية من أجل الخزائن الملكية، ومد داريوس بالجند.
خلال العقد الأخير من القرن
الخامس قبل الميلاد لم ينجح اليونانيون بآسيا الصغرى (تركيا حاليًا) في ثورتهم ضد
الحكم الفارسي. وفي سنة 492 ق.م فشل الفرس في محاولتهم الاستيلاء على اليونان، وقد
حطت الجيوش بالشمال الشرقي لأثينا على سهل ماراثون، ورغم قلة عدد اليونانيين إلا
أنهم استطاعوا هزيمة الفرس.
مات داريوس قبل أن ينظم حملة أخرى نحو
اليونان، خلفه فيها ابنه أحشورش الأول.
سوسا كانت في الماضي عاصمة
مملكة عيلام، والإمبراطورية الفارسية، ويقع الجزء غير المُكْتَشف من بقايا هذه
المدينة في إقليم خوزستان في جنوب غربي إيران.
وذُكرَت سوسا عدة مرات في
الإنجيل حيث سُمِّيت شوشان، وتعني الثلج نصف الذائب كما ذُكرت أيضًا في قصة
الميثاق القديم التي وقعت أحداثها في سوسا، ويقال إن قبر دانيال موجود في سوسا.
ولقد وجد علماء الآثار قوانين حمورابي الشهيرة، وهي مجموعة من القوانين البابلية،
في عام 1901م.
انتعشت سوسا واستمرت حتى
عام 640ق.م عندما نهبها الآشوريون. وبنى داريوس الأول قصورًا في المدينة أواخر القرن
السادس قبل الميلاد، وجعلها عاصمة للإمبراطورية الفارسية. وتدهورت سوسا بعد أن
غزاها الإسكندر الأكبر في أواخر القرن الرابع قبل الميلادأعاد داريوس تنظيم الحكومة بنظام
المرزبانيات، وأقام السلطة المطلقة للشَّاهان شاه، كما طوّر نظامًا مُحكمًا
للضرائب. كذلك بنى القصور في عاصمتين من عواصمه هما برسيبوليس وسوسا. ووسّع داريوس الإمبراطورية الفارسية
داخل جنوب شرقي أوروبا وداخل مايسمى الآن جنوب الباكستان.
والروم تؤرخ بزمن الاسكندر([57]) ثم عدلوا إلى ميلاد
المسيحإكمال الدين بإسناده إلى عبد الله بن سليمان و كان قارئا للكتب قال قرأت في
بعض كتب الله عز و جل أن ذا القرنين كان رجلا من أهل الإسكندرية و أمه عجوز من
عجائزهم ليس لها ولد غيره يقال له إسكندر و كان له أدب و خلق و عفة من وقت ما كان
فيه غلاما إلى أن بلغ رجلا و كان رأى في المنام كأنه دنا من الشمس حتى أخذ بقرنيها
و شرقها و غربها فلما قص رؤياه على قومه سموه ذا القرنين هذه الرؤيا بعدت همته و
علا صوته و عز في قومه و كان أول ما أجمع عليه أمره أن أسلم لله و دعا قومه إلى
الإسلام فأسلموا هيبة له ثم أمرهم أن يبنوا له مسجدا فأجابوه إلى ذلك فأمر أن يجعل
طوله أربعمائة ذراع و عرض حائطه اثنين و عشرين ذراعا و علوه إلى السماء مائة ذراع
فقالوا له يا ذا القرنين كيف لك بخشب يبلغ ما بين الحائطين قال فاكبسوه بالتراب
حتى يستوي الكبس مع حيطان المسجد فإذا فرغتم من ذلك فرضتم على كل رجل من المؤمنين
على قدره من الذهب و الفضة ثم قطعتموه مثل قلامة الظفر و خلطتموه مع ذلك الكبس و
عملتم له خشبا من نحاس و صفائح تذيبون ذلك و أنتم متمكنون من العمل كيف شئتم على
أرض مستوية فإذا فرغتم من ذلك دعوتم قصص الأنبياءللجزائري ص : 145المساكين لنقل
ذلك التراب فيسارعون فيه من أجل ما فيه من الذهب و الفضة فبنوا المسجد و أخرج
المساكين ذلك التراب و قد استقل السقف بما فيه و استغنى المساكين فجندهم أربعة
أجناد في كل جند عشرة آلاف ثم نشرهم في البلاد و حدث نفسه بالسير فاجتمع إليه قومه
فقالوا ننشدك بالله لا تؤثر علينا بنفسك غيرنا فنحن أحق برؤيتك و فينا كان مسقط
رأسك و هذه أموالنا و أنفسنا فأنت الحاكم فيها و هذه أمك عجوز كبيرة و هي أعظم خلق
الله عليك حقا فلا تخالفها فقال إن القول لقولكم و إن الرأي لرأيكم و لكنني بمنزلة
المأخوذ بقلبه و سمعه و بصره و يقاد و يدفع من خلفه لا يدري أين يؤخذ به و لكن
هلموا معشر قومي فادخلوا هذا المسجد و أسلموا
على آخركم و لا تخالفوا علي
فتهلكوا ثم دعا دهقان الإسكندرية فقال له اعمر مسجدي و عز عني أمي فلما رأى
الدهقان جزع أمه و طول بكائها احتال ليعزيها بما أصاب الناس قبلها و بعدها من
المصائب و البلاء فيصنع عيدا عظيما ثم أذن مؤذنه أيها الناس إن الدهقان يدعوكم أن
تحضروا يوم كذا و كذا فلما كان ذلك اليوم أذن مؤذنه أسرعوا و احذروا أن يحضر هذا
العيد إلا رجل قد عري من البلاء و المصائب فاحتبس الناس كلهم فقالوا ليس فينا أحد
عري من البلاء ما منا أحد إلا و قد أصيب ببلاء أو بموت حميم فسمعت أم ذي القرنين
فأعجبها و لم تدر ما أراد الدهقان ثم إن الدهقان أمر مناديا ينادي فقال يا أيها
الناس إن الدهقان قد أمركم أن تحضروا يوم كذا و كذا و لا يحضر إلا رجل قد ابتلي و
أصيب و فجع و لا يحضره أحد عري من البلاء فإنه لا خير فيمن لا يصيبه البلاء فلما
فعل ذلك قال الناس هذا رجل قد بخل ثم ندم و استحيا فتدارك أمره و محا عيبه فلما
اجتمعوا خطبهم ثم قال إني لم أجمعكم لما دعوتكم له و لكني جمعتكم لأكلمكم في ذي
القرنين و فيما فجعنا به من فقده و فراقه فذكروا آدم إن الله خلقه بيده و نفخ فيه
من روحه و أسجد له ملائكته و أسكنه جنته ثم ابتلاه بأن عظم بليته و هو الخروج من
الجنة ثم ابتلي إبراهيم بالحريق و ابتلي ابنه بالذبح و يعقوب بالحزن و البكاء و
يوسف بالرق و أيوب بالسقم و يحيى بالذبح و زكريا بالقتل و عيسى بالأسر و خلقا من
خلق الله كثيرا لا يحصيهم إلا الله عز و جل فلما فرغ من هذا الكلام قال لهم
انطلقوا فعزوا أم الإسكندر لننظر كيف صبرها فإنها أعظم مصيبة في ابنها فلما دخلوا
عليها قالوا لها هل حضرت الجمع اليوم و سمعت الكلام قالت لهم ما غاب علي من
أمركمقصص الأنبياءللجزائري ص : 146شي ء و ما كان فيكم أحد أعظم مصيبة بالإسكندر
مني و لقد صبرني الله و أرضاني و ربط على قلبي فلما رأوا حسن عزائها انصرفوا عنها
و انطلق ذو القرنين يسير على وجهه حتى أمعن في البلاد يؤم المغرب و جنوده يومئذ
المساكين فأوحى الله جل جلاله إليه يا ذا القرنين إنك حجتي على جميع الخلائق ما
بين الخافقين من مطلع الشمس إلى مغربها و هذا تأويل رؤياك فقال ذو القرنين إلهي
إنك ندبتني لأمر عظيم لا يقدر قدره غيرك فأخبرني عن هذه الأمة بأي قوم أكاثرهم و
بأي عدد أغلبهم و بأية حيلة أكيدهم و بأي لسان أكلمهم و كيف لي بأن أعرف لغاتهم
فأوحى الله تعالى إليه أشرح لك صدرك فتسمع كل شي ء و أشرح لك فهمك فتفقه كل شي ء و
أحفظ عليك فلا يعزب منك شي ء و أشد ظهرك فلا يهولك شي ء و أسخر لك النور و الظلمة
أجعلهما جندين من جنودك النور يهديك و الظلمة تحوطك و تحوش عليك الأمم من ورائك
فانطلق ذو القرنين برسالة ربه عز و جل فمر بمغرب الشمس فلا يمر بأمه من الأمم إلا
دعاهم إلى الله عز و جل فإن أجابوه قبل منهم و إن لم يجيبوه أغشاهم الظلمة فأظلمت
مدنهم و قراهم و حصونهم و بيوتهم و أغشت أبصارهم و دخلت على أفواههم و آنافهم فلا
يزالون فيها متحيرين حتى يستجيبوا لله عز و جل حَتَّى إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ
الشَّمْسِ... وَجَدَ عِنْدَها الآية
التي ذكرها الله عز و جل في كتابه ففعل بهم مع غيرهم حتى فرغ مما بينه و بين
المغرب ثم مشى على الظلمة ثمانية أيام و ثمان ليال و أصحابه ينظرونه حتى انتهى إلى
الجبل الذي هو محيط بالأرض كلها فإذا بملك من الملائكة قابض على الجبل و هو يسبح
الله فخر ذو القرنين ساجدا فلما رفع رأسه قال له الملك كيف قويت يا ابن آدم على أن
تبلغ هذا الموضع و لم يبلغه أحد من ولد آدم قبلك قال ذو القرنين قواني على ذلك
الذي قواك على قبض هذا الجبل و هو محيط بالأرض كلها قال له الملك صدقت لو لا هذا
الجبل لانكفأتالأرض بأهلها و ليس على وجه الأرض جبل أعظم منه و هو أول جبل أسسه
الله عز و جل فرأسه ملصق بالسماء الدنيا و أسفله بالأرض السابعة السفلى و هو محيط
بها كالحلقة و ليس على وجه الأرض مدينة إلا و لها عرق إلى هذا الجبل فإذا أراد
الله عز و جل أن يزلزل مدينة فأوحى الله إلي فحركت العرق الذي يليها فزلزلتها ثم
رجع ذو القرنين إلى أصحابه ثم عطف بهم نحو المشرق يستقرئ ما بينه و بين
قصص الأنبياءللجزائري ص :
147المشرق من الأمم فيفعل بهم ما فعل بأمم المغرب حتى إذا فرق ما بين المشرق و
المغرب عطف نحو الروم الذي ذكره الله عز و جل في كتابه فإذا هو بأمة لا يَكادُونَ
يَفْقَهُونَ قَوْلًا و إذا ما بينه و بين الروم مشحون من أمة يقال لها يأجوج و
مأجوج أشباه البهائم يأكلون و يشربون و يتوالدون و هم ذكور و إناث و فيهم مشابهة
من الناس الوجوه و الأجساد و الخلقة و لكنهم قد نقصوا في الأبدان نقصا شديدا و هم
في طول الغلمان لا يتجاوزون خمسة أشبار و هم على مقدار واحد في الخلق و الصور عراة
حفاة لا يغزلون و لا يلبسون و لا يحتذون عليهم وبر كوبر الإبل يواريهم و يسترهم من
الحر و البرد و لكل واحد منهم أذنان إحداهما ذات شعر و الأخرى ذات وبر ظاهرهما و
باطنهما و لهم مخالب في موضع الأظفار و أضراس و أنياب كالسباع و إذا نام أحدهم
افترش إحدى أذنيه و التحف الأخرى فتسعه لحافا و هم يرزقون نون البحر كل عام يقذفه
عليهم السحاب فيعيشون به و يستمطرون في أيامه كما يستمطر الناس المطر في أيامه
فإذا قذفوا به أخصبوا و سمنوا و توالدوا و أكثروا فأكلوا منه إلى الحول المقبل و
لا يأكلون معه شيئا غيره و إذا أخطأهم النون جاعوا و ساحوا في البلاد فلا يدعون
شيئا أتوا عليه إلا أفسدوه و أكلوه و هم أشد فسادا من الجراد و الآفات و إذا
أقبلوا من أرض إلى أرض جلا أهلها عنها و ليس يغلبون و لا يدفعون حتى لا يجد أحد من
خلق الله موضعا لقدمه و لا يستطيع أحد أن
يدنو منهم لنجاستهم و
قذارتهم فبذلك غلبوا و إذا أقبلوا إلى الأرض يسمع حسهم من مسيرة مائة فرسخ لكثرت
كما يسمع حس الريح البعيدة و لهم همهمة إذا وقعوا في البلاد كهمهمة النحل إلا أنه
أشد و أعلى و إذا أقبلوا إلى الأرض حاشوا وحوشها و سباعها حتى لا يبقى فيها شي ء
لأنهم يملئون ما بين أقطارها و لا يتخلف وراءهم من ساكن الأرض شي ء فيه روح إلا
اجتلبوه و ليس فيهم أحد إلا و عرف متى يموت و ذلك من قبل أنه لا يموت منهم ذكر حتى
يولد له ألف ولد و لا تموت أنثى حتى تلد ألف ولد فإذا ولدوا الألف برزوا للموت و
تركوا طلب المعيشة ثم إنهم أجفلوا في زمان ذي القرنين يدورون أرضا أرضا و أمة أمة
و إذا توجهوا لوجه لم يعدلوا عنه أبدا فلما أحست تلك الأمم بهم و سمعوا همهمتهم
استغاثوا بذي القرنين و هو نازل في ناحيتهم قالوا له فقد بلغنا ما آتاك الله من
الملك و السلطان و ما أيدك به من الجنود و من النور و الظلمة و إنا جيران يأجوج و
مأجوج و ليس بيننا و بينهم سوى هذه الجبال و ليس لهم إلينا طريق إلا من هذين
الجبلين لو مالوا علينا أجلونا من بلادنا و يأكلون
يفرسون الدواب و الوحوش كما
يفرسها السباع و يأكلون حشرات الأرض كلها من الحيات و العقارب و كل ذي روح و لا
نشك أنهم يملئون الأرض و يجلون أهلها منها و نحن نخشى كل حين أن يطلع علينا
أوائلهم من هذين الجبلين و قد آتاك الحيلة و القوة فاجعل بيننا و بينهم سدا قال آتُونِي
زُبَرَ الْحَدِيدِ ثم إنه دلهم على معدن الحديد و النحاس فضرب لهم في جبلين حتى
فتقهما و استخرج منهما معدنين من الحديد و النحاس قالوا فبأي قوة نقطع هذا الحديد
و النحاس فاستخرج لهم من تحت الأرض معدنا آخر يقال له السامور و هو أشد شي ء بياضا
و ليس شي ء منه يوضع على شي ء إلا ذاب تحته فصنع لهم منه أداة يعملون بها و به قطع
سليمان بن داود أساطين بيت المقدس و صخوره جاءت بها الشياطين من تلك المعادن
فجمعوا من ذلك ما اكتفوا به فأوقدوا على الحديد النار حتى صنعوا منه زبرا مثل
الصخور فجعل حجارته من حديد ثم أذاب النحاس فجعله كالطين لتلك الحجارة ثم بنى و
قاس ما بين الجبلين فوجده ثلاثة أميال فحفروا له أساسا حتى كاد يبلغ الماء و جعل
عرضه ميلا و جعل حشوه زبر الحديد و أذاب النحاس فجعله خلال الحديد فجعل طبقة من
نحاس و أخرى من حديد ثم ساوى الردم بطول الصدفين فصار كأنه برد حبرة من صفرة
النحاس و حمرته و سواد الحديد فيأجوج يأتونه في كل سنة مرة و ذلك أنهم يسيحون في
بلادهم حتى إذا وقعوا إلى الردم حبسهم فرجعوا يسيحون في بلادهم فلا يزالون كذلك
حتى تقرب الساعة فإذا جاء أشراطها و هو قيام القائم عجل الله فرجه فتحه الله عز و
جل لهم فلما فرغ ذو القرنين من عمل السد انطلق على وجهه فبينا هو يسير إذ وقع على
الأمة العالمة الذين منهم قوم موسى الذين يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ
يَعْدِلُونَ فأقام عندهم حتى قبض و لم يكن له فيهم عمر و كان قد بلغ السن فأدركه
الكبر و كان عدة ما سار في البلاد من يوم بعثه الله عز و جل إلى يوم قبضخمسمائة
عام
قصص الأنبياء للراوندي
بإسناده إلى أبي جعفر ع قال حج ذو القرنين في ستمائة ألف فارس فلما دخل الحرم شيعه
بعض أصحابه إلى البيت فلما انصرف قال رأيت رجلا ما رأيت أكثر نورا منه قالوا ذاك
خليل الرحمن ص قال أسرجوا فأسرجوا ستمائة ألف دابة في مقدار ما يسرج دابة واحدة ثم
قال لا بل نمشي إلى خليل الرحمن فمشى و مشى معه أصحابه حتى التقيا قال قصص
الأنبياءللجزائري ص : 149إبراهيم ع بم قطعت الدهر قال بإحدى عشرة كلمة سبحان من هو
باق لا يفنى سبحان من هو عالم لا ينسى سبحان من هو حافظ لا يسقط سبحان من هو بصير
لا يرتاب سبحان من هو قيوم لا ينام سبحان من هو ملك لا يرام سبحان من هو عزيز لا
يضام سبحان من هو محتجب لا يرى سبحان من هو واسع لا يتكلف سبحان من هو قائم لا
يلهو سبحان من هو دائم لا يسهوفلما ثبت بالقرآن أن ذا القرنين ملك الأرض كلها و
ثبت بعلم التواريخ أن الذي هذا شأنه ما كان إلا الإسكندر وجب القطع بأن المراد بذي
القرنين هو الإسكندر بن فيلقوس اليونانيقول أبي الريحان البيروني المنجم في كتابه الذي سماه
بالآثار الباقية من القرون الخالية. قيل إن ذا القرنين هو أبو كرب شمر بن عمير بن
أفريقش الحميري و هو الذي بلغ ملكه مشارق الأرض و مغاربها و هو الذي افتخر به
الشعراء من حمير ثم قال أبو الريحان و يشبه أن يكون هذا القول أقرب لأن الأذواء
كانوا من اليمن و هم الذين لا تخلو أساميهم من ذي كذي المنار و ذي قواس و ذي
النون. و الثالث أنه كان عبدا صالحا ملكه الله الأرض و أعطاه العلم و الحكمة و
ألبسه الهيبة و إن كنا لا نعرف من هو ثم ذكروا في تسميته بذي القرنين وجوها. الأول
ما روي أن ابن الكواء سأل عليا ع عن ذي القرنين و قال أ ملك هو أو نبي قال لا ملكا
و لا نبيا كان عبدا صالحا ضرب على قرنه الأيمن فمات ثم بعثه الله تعالى فضرب على
قرنه الأيسر فمات فبعثه الله فسمي ذا القرنين و فيكم مثله. الثاني سمي بذي القرنين
لأنه انقرض في وقته قرنان من الناس. الثالث قيل كان صفحة رأسه من نحاس. الرابع كان
على رأسه ما يشبه القرنين. ذكر عن عبد الله بن الصامت، قال: وجهني أبو بكر الصديق
رضي الله عنه - (1) سنة استخلف إلى ملك الروم، لأدعوه إلى الإسلام أو آذنه بحرب،
قال، فسرت حتى أتيت القسطنطينية، فأذن لنا عظيم الروم، فدخلنا عليه، فجلسنا، ولم
نسلم، ثم سألنا عن أشياء من أمر الإسلام، ثم صرفنا يومنا ذلك، ثم دعا بنا يوما
آخر، ودعا خادما له، فكلمه بشئ، فانطلق، فأتاه بعتيده (2)، فيها
بيوت كثيرة، وعلى كل بيت
باب صغير، ففتح بابا، فاستخرج خرقة سوداء، فيها صورة بيضاء، كهيئة رجل أجمل ما
يكون من الناس وجها، مثل دارة القمر ليلة البدر، فقال: أتعرفون هذا ؟ قلنا: لا.
قال: هذا أبونا آدم عليه
السلام، ثم رده.
وفتح بابا آخر، فاستخرج
خرقة سوداء، فيها صورة بيضاء، كهيئة شيخ جميل الوجه، في وجهه تقطيب، كهيئة المحزون
المهموم، فقال: أتدرون من هذا ؟ قلنا: لا.
قال: هذا نوح، ثم فتح بابا
آخر، فاستخرج خرقة سوداء، فيها صورة بيضاء (3) على صورة نبينا محمد صلى الله عليه
وسلم، وعلى جميع الأنبياء،
فلما نظرنا إليه بكينا،
فقال: ما لكم ؟ فقلنا: هذه صورة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فقال: أ بدينكم،
إنها صورة نبيكم ؟ قلنا: نعم، هي صورة نبينا، كأنا نراه حيا، فطواها، وردها، وقال:
أما إنها آخر البيوت إلا إني أحببت أن أعلم ما عندكم، ثم فتح بابا آخر، فاستخرج
منه خرقة سوداء، فيها صورة بيضاء، أجمل ما يكون من الرجال، وأشبههم بنبينا محمد
صلى الله عليه وسلم، ثم قال: وهذا إبراهيم، ثم فتح بيتا آخر، فاستخرج صورة رجل
آدم، (1) كهيئة المحزون المفكر، ثم قال: هذا موسى بن عمران، ثم فتح بيتا آخر،
فاستخرج صورة رجل، له ضفيرتان، كان وجهه دارة القمر، ثم قال: وهذا داود، ثم فتح
بيتا آخر، فاستخرج صورة رجل جميل على فرس، له جناحان، ثم قال: وهذا سليمان (2)،
وهذه الريح تحمله، ثم فتح بيتا آخر، فاستخرج صورة شاب جميل الوجه، في يده عكازة،
وعليه مدرعة (3) صوف، ثم قال: وهذا عيسى،
روح الله، وكلمته، ثم قال:
إن هذه الصورة وقعت إلى الإسكندر، فتوارثها الملوك من بعده حتى أفضت إلي.
وكان الإسكندر جبارا
معجبا، وقد كان عتا في بدء
أمره عتوا شديدا، واستكبر(الإسكندر في مكة) ثم سار إلى تهامة، وسكان مكة يومئذ
خزاعة، قد غلبوا عليها، فدخل عليه النضر بن كنانة، فقال له الإسكندر: ما بال هذا
الحي من خزاعة نزولا بهذاالحرم ؟، ثم أخرج خزاعة عن مكة، وأخلصه للنضر، ولبنى
أبيه، وحج الإسكندر بيت الله الحرام، وفرق في ولد معد بن عدنان، القاطنين بالحرم،
صلات وجوائز.
ثم قطع البحر من جدة يؤم
بلاد المغربفتجهز الإسكندر إليها، ومضى في جنوده، حتى انتهى إلى مدينة القيروان (1) - وهي
من مصر على شهر - فافتتحها بالمجانيق (2)، ثم سار إلى القنداقة، فكانت له ولها قصص
وأنباء، فعاهدها على الموادعة و المسالمة، وألا يطور بسلطانها وشئ مما في مملكتها.
ثم سار من هناك قاصدا
الظلمة التي في الشمال، حتى دخلها، فسار فيها ما شاء الله، ثم انكفأ راجعا حتى إذا
صار في تخوم أرض الروم ابتنى هناك مدينتين، يقال لإحداهما، قافونية، وللأخرى
سورية. (نهاية الإسكندر) ثم هلك الإسكندر ببيت المقدس، وقد ملك ثلاثين سنة، جال الأرض منها أربعا وعشرين
سنة، وأقام بالإسكندرية في مبتدإ أمره ثلاث سنين، وبالشام عند انصرافه ثلاث سنين،
فجعل في تابوت من ذهب، وحمل إلى الإسكندرية. ولما توفي الإسكندر حمى كل رجل من أولئك الذين
ملكهم حيزه (2)، ودفعوا الحرب، فلم يكن يغلب أحدهم صاحبه إلا بالحكمة والآداب،
يتراسلون بالمسائل، فإن أصاب المسئول حمل إليه السائل، وإن بغى أحد منهم على
الآخر، وانتقصه شيئا من حيزه أنكروا جميعا ذلك عليه، فإن تمادى أجمعوا على حربه،
فسموا بذلك ملوك الطوائف. وكان الملك منهم إذا مات قام بالملك بعده ابنه أو حميمه،
وكان جميع ملوك الطوائف يقرون لاردوان ملك الجبل بفضله، لاختصاص الإسكندر إياه دونهم بفضل الملك،
وكان مسكنه بمدينة نهاوند (3) العتيقة.
قالوا: وفي ذلك العصر بعث
المسيح عيسى بن مريم عليه السلام. ولما ملك الاسكندر وقهر الفرس وعظمت مملكة اليونان
صار إسرائيل وغيرهم تحت طاعتهم وتوالت ملوك اليونان بعد الاسكندر وكان يقال لكل واحد منهم
بطليوسوكان الاسكندر إذا التبس عليه أمر أمر بالغناء، وإذا توجه له الرأي قطعهقال حمزة الأصبهاني
في كتابه تواريخ الأمم وما رواه القصاص من إن الإسكندر بنى بأرض إيران عدة مدن
منها أصبهان ومرو وهراة وسمرقند فحديث لا أصل له لأن الرجل كان مخربا لا عامرا اه
فأما عمر رضي الله عنه فإنه لما استولت جيوشه على أكثر المعمور صرف ممالكها طوع
أمره حتى جبي إليه خراجها وثبتت استقامتها وزال اعوجاجها أقوى ما كانوا شوكة وأشد
قوة واكثر حامية ولم يمت رحمه الله حتى انتهت خيله في جهة الشرق إلى نهر بلخ وفي
جهة الشمال إلى البيضاء على مائتي فرسخ من بلنجر وفي جهة المغرب إلى تخوم الروم
وبلاد برقة وطرابلس الغرب كل ذلك في مدة يسيرة لم يجاوز معظمها الثلاث سنين وهو مع
ذلك في جوف بيته متردد فيما بين منزله ومسجده لم يستعمل لذلك كثير أسباب ولا أجلب
بنفسه بخيل ولا ركاب إنما هو الرأي الميمون والنصر المضمون والأمر الجاري بين
الكاف والنون والوعد المنجز
أبوبكر بن أبى قُحافة. ولد
بمكّة سنه 51 قبل الهجرة، ونشأ بها حتي أصبح من زُعماء وأثرياء قريش فى الجاهلية. بعد
وفاة النبى تصدّرلحكم المسلمين، وبدأت الفتوحات الإسلامية، فافتتحت فى عهده بلاد
الشام وأكثر العراق. فى أيام حُكمه حدثت حوادث مؤلمة وفجائع رهيبة مع المسلمين
وذرية النبي وقبل شروعه بحملاته الإستعمارية كاغتصابه الخلافة من على بن أبى طالب وانتزاع
فدك من فاطمة بنت النبي والإستيلاء على ارزاقهما وهجوم القوم علي دارها ومعهم الحطب يريدون حرقه،
ثم دخولهم الدار وترويعهم فاطمة وضربها وإيلامها وكسر ضلعها وإسقاط جنينها، ثم
إلقاء القبض زوجها علي في اليوم الرابع من اموت ابيها محمد وكانا خلدا الى النوم
في فراشهما بعد افرهاق الذي الم بهما وبمن معهما من مراسم دفن الرسول وفراقه وابو
بكر هذا وعصابته في السقيفة يتشاجرون على الحكومة وغير مبالين بالدين ولا بمن جاء
به ولا بكتابه القرآن فالمهم السياسة وبعد السقيفة احتل مسجد النبي بصورة مُهينة؛
لأخذ البيعة له، ياأيّها الذين آمنوا لا تتّخذوا اليهود والنصاري أولياء
فلمّا خرج النبى يوم
الأحزاب لمقارعة المشركين قال عُبادة بن الصامت ( الذي رفض معاوية بن ابي سفيان
مساكنته في بلاد الشام وقتل غيلة بظروف غامضة بعد السقيفة فقال عمر بن الخطاب
قتلته الجن وحدث ما حدث من السخرية واللغط فتخلصوا منه ليحلوا محله في مواددة
وموالاة اليهود ): يانبىّ اللّه! معى خمسمائة رجل من اليهود، وقد رأيت أن يخرجوا
معى، فاستظهر بهم علي العدوّ، وقال يوماً للنبى ْ: يارسول اللّه! إنّ اليهود
كثيرون، ولهم نفوذ وسطوة، وهم حلفاء لى، ولكنّى لا أعتمد عليهم، واعتمادى علي
اللّه وعليك، وكان بينه وبين بنى قينقاع اليهود حلف،ومن اهم الآثار السيئة التي
حلت باللغة العربية لغة القرآن أنها فقدت
الفصاحة والبلاغة في القرن الأول الهجري على أثر الفتوحات الاسلامية وخلط العرب بغيرهم من
الأعاجم والبعيدين عن اللغة واصبحت لغة التخاطب العربية كبقية اللغات فاقدة ذلك
الاشراق البلاغي وتلك اللمعة المضيئة فأكرهوا الناس على الإسلام واكرهوا على تهجين
لغتهم ولو كان الأدعوة بالحب والعمل الصالح والأخلاق النيرة بدون سيف وجزية لفرضت
اللغة حسنها على الجميع وانتشرت مع الإسلام سواءا بسواء ولما حقدت الشعوب على
اللغة والأسلام من جراء حقدهم على الأعراب المستعمرين وكانت الأمور الإنحلالية
والتحريفية ووصلت الى القرآن لولا ان سبق الامام علي غيره في الإحساس بضرورة اتخاذ
هذه الضمانات، فانصرف عقيب وفاة النبي (ص) مباشرة الى جمع القرآن.حين رأى من الناس
عند وفاة النبي ما رأى أقسم أنه لا يضع عن عاتقه رداءه حتى يجمع القرآن، فجلس في
بيته ثلاثة أيام، حتى جمع القرآن وبسبب الفتوحات الاسلامية والغزوات والحروب، انتشرت
حملة الفقة والحديث في جميع الاقطار التي غزاهاالاسلام وازداد التفرق والإختلاف
وظهرت عشرات المذاهب الفقهية وهي في الحقيقة مذاهب ومناهج سياسية تخدم السلطات
المتنوعة جغرافيا وعرقيا وقبليا وطائفيا فكل يغني اسلامه على هوى ليلاه لأن المهم
عند هه الحكومات المستعمرة السلطة والمال و عمدة ما كان في بيوت الاموال في عصر
الخلفاء و لا سيما الاموية و العباسية كان من المغانم و الصفايا و خراج الارضين و
الجزايا لكثرة الفتوحات الاسلامية في تلك الاعصار، و هم كانوا يستبدون في
هذه الاموال و يستأثرون بها علي حسب
آرائهم و شهواتهم . وأنّ
عهد عمر بن الخطاب كان عصر الانتصارات والفتوحات على صعيد السياسة خارج البلاد
الإسلامية فتم لهم نيل ما لا يحصى من الغنائم المادية، الأمر الذي جعل هذه
الفتوحات تغطي على ضعف الجبهة الداخلية والفوضى التي كانت سائدة آنذاك، وهو المعنى
الذي نلمسه اليوم بوضوح في السياسة المتبعة في العصر الراهن، فقد يؤدي الانتصار
الذي تحرزه الدولة على صعيد السياسة الخارجية إلى التغطية على كل شيء ولا سيما
المشاكل والمعضلات التي تعيشها على مستوى الداخل، ومن هنا نرى سياسة المستعمرين
الذين يحاولون التغطية على مشاكلهم الداخلية باخماد فورتها من خلال اللجوء إلى
عدّة أنشطة بما فيها شن الحروب الخارجية وهذا مافعله عمر لسببين رئيسيين هما اشغال
خصومه السياسيين في الحروب والتخلص منهم واشغال الرأي العام بابنائه المقاتلين
واعطاء صورة مكرهة عن نشر الدعوة الإسلامية وتحويلها الى رسالة سيطرة اسماء بدلا
من رسالة محبة سماء. ولا سيما بعد الفتوحات الإسلامية الكبرى التي جرت لهم ما لا
يحصى من الغنائم النفيسة والتعود على الحياة الوادعة المرفهة خاصة تلك التي ظهرت
أبان خلافة عثمان ـ جعلتهم يؤثرون الدنيا على الدين ويبيعون الحقيقة بالخرافة
ويضحون بالدار الآخرة ويزهدون فيها بعكس ما جاءت فيه رسائل السماء التي تدعو للزهد
والعبادة وقد أدت بهم الثروات العظيمة التي أفرزتها الفتوحات الإسلامية واتساع رقعة البلاد إلى
التكالب على الدنيا والتهافت على زينتها والحرص على جمع الأموال وحب الجاه والمقام
وتناسي القيم والمبادئ.فما هو الفارق بين هذا الإستعمار والإمراطورية التي لا تغيب
عنها الشمس بريطانيا المستعمره بالعكس الأخيرة خير منها لأنها اعلنت صراحة استعمارها
واغتصابها بينما المستعمر الإسلامي اخفى باسم الفتوحات من اجل الله استعماره
الفظيع وعلي انبأ بحكومة معاوية وما تفضي إليه هذه الحكومة من مفاسد فقال: أما
إنّه سيظهر عليكم بعدي رجل رحب، البلعوم مندحق البطن، ياكل ما يجد ويطلب ما لايجد
وقد شهد عصر علي وما سبقه
بعض الفتوحات الإسلامية التي درت على المجتمع
الإسلامي ما لا يحصى من الغنائم والثروات والإمكانات; الأمر الذي جعل أفراد
الاُمّة تعيش حالة من السباق للتكالب على هذا الحطام، وهذا ما أفرز حالة من
الانحراف والاختلاف والتشتت والابتعاد عن التواضع في الحياة والاقبال على الراحة
والدعة والضعف أمام العدو من خلال التقاعس عن الجهاد، ومن هنا كان لايرى أدنى فرصة
إلاّ واغتنمها من أجل إعادة الاُمّة إلى مسارها الإسلامي الصحيح. وقد وعظهم بسيرته
وحياته قبل وعظهم بلسانه.ولابد من الإشارة ان علي منذ البداية لم يكن متحمسا الى
هذه الفتوحات لأنه لم يقاتل مع محمد فاتحا انما كان مقاوما ممانعا مدافعا وخصوصا
انه يعلم يقينا ان هذه الفتوحات ليست للدين ونشره انما هي لتغطية الباطل الذي
مارسه الفاتحون عليه من استلاب حقوقه وملكه وارثه الطبيعي وهي من القذى والشجى
اللذين ملآا قلبه قيحا مع هؤلاء المستعمرين الفاتحين وكان مع من يؤيده رغم قلتهم
قادرون على نشر الإسلام في كل الأصقاع بالمحبة والتسامح الذي عرف فيه الإسلام بعهد
محمد حيث ترك الولد اباه والوالد ابنه والزوجة فارقت زوجها والزوج فارق زوجتها حبا
بهذا الإسلام واريحيته وليس هارون وحواري عيسى باقدر من علي وعمار وسلمان والمقداد
وبلال وامثالهم لنشر رحمة وسماحة وحب واستقامة هذا الإسلام لكن المنظومة
الإسرائيلية بطرفيها واعداءالدين من المنافقين الذين وضعوا هبل على صدورهم اجتمعوا
واتفقوا على شطب النهج المحمدي الأصيل وعاثوا فسادا متعاونين لتشويهه عسكريا
وسياسيا واعلاميا حتى لم يبقى منه اليوم الا الوهابية والتكفيرية وكان الخوارج
قبلهم ويهتفون كذبا عن نبي الإسلام انه ارسل بالذبح فراحوا يذبحون ويقتلون ويرعبون
بما يخدم اسقاط الإسلام من العقول والقلوب واساس ذلك مايسمى بالفتوحات الإسلامية
وهي افظع استعمار مر على البشرية وأنّ العصر الذي عاشه علي قد أعقب تلك الفتوحات الإسلامية والتي جرت ثروات طائلة على
البلاد الإسلامية، حتى كانت آثار السلاطين والملوك النفسية من بين الغنائم التي
كان تحصل عليها الجيوش الإسلامية; الأمر الذي شد أنظار أغلب الأفراد إلى الدنيا،
وهذا ما أدى بالتالي إلى فساد المجتمع الإسلامي. وبغية إعادة الاُمّة إلى مسارها
الإسلامي الصحيح الذي رسمه محمد الى أنّ يعتمد تلك الحياة الزاهدة المتواضعة من
جهة، ويلقي بكلماته الروحية ليوقظ تلك القلوب الغافلة من جهة أخرى. ولكن الحكام
جرفوا الناس الى الفساد والعبث فافسدوا الدين لولا انوار تنوس هنا ونواويس هناك
لما بقيت من الإسلام هذه الجزوة التي نتأمل ان تحييه وبعد ان اتسعت الفتوحات الاسلامية وازدادالاختلاط اخذ اللحن
يشيع تدريجيا على الالسنة نتيجة لاتساع اختلاط العرب مع غيرهم والقرآن ميز اللغة
العربية عن غيرها ولم يميز العرب فصار الإعرابي نافجا شدقيه ونافشا ريشه على سواه بنزعة عصبية حرقت الإسلام والقرآن معا
وهذا ما جناه الإستعمار العربي فنشات مذاهب جديدة طغت على بعضها الخرافات والبدع فلقد
كان عثمان بن عفان احد ابرز المستعمرين العرب او كما يقولون الفاتحين وليس مستغرب
منهم لأن العثمانيين الأتراك سموهم فاتحين ويدرسون الفتح العثماني وهل مر في
التاريخ افظع وابشع من المغول والأتراك والتتار اذن كان عثمان بن عفان يغلّف بعض
تصرفاته المرفوضة من قبل الشعب بغطاء شرعي، يبرر به انتهاكات بعض ولاته، إلاّ أنّ
الأمويين ما كانوا بحاجة إلى التمرير والتغطية، وإنما كانوا حكّاماً تسلطوا على
الناس بقوة السيف، ويجب أن ينهبوا ما يشاءون ما دام السيف بيدهم.ومن هنا فقد كان
الحكّام الأمويون يغتصبون المقاطعات من أهلها الشرعيين، في الفتوحات الإسلامية، ويضعون نِسَباً عالية في
أخذ الخراج من الناس حتى المسلمين، بالإضافة إلى الضرائب، والأتاوات
الكبيرة التي كانوا
يفرضونها على الزراعة والتجارة، حتى كان البعض تهرباً من ذلك يلجأ إلى تسجيل
مقاطعاته باسم أحد الحكّام، أو أحد أقرباء الدولة، لكنها كانت تتحوّل تدريجياً إلى
جيب ذلك الشخص القريب من جهاز الدولة ومن هنا عاش الشعب فقيراً، حتى المال الذي
كدح سنيناً من أجل أن يحصل عليه، كان يؤخذ منه على شكل ضرائب، أو غير ذلك، وهكذا
عاش الناس في ظل الحكم الأموي دينياً بالإرهاب الفكري وأزمة الانتهاكات.وسياسيّاً:
بتصفية العناصر الثورية. واجتماعياً: بالتلاعب بالأموال، وحرمان الشعب ونسأل عن
أحد اهم الفاتحين المسلمين او الأصح المستعمرين لماذا تمنى هذه الأمنية وهي بماروى
أحد العمريين الأشداء وهوالمُتَّقي الهندي في كنز العمال ، عن الضحَّاك أنَّه قال
:قال عمر : يا ليتني كنتُ كبشَ أهلي ، سمنَّوني ما بدا لهم ، حتَّى إذا كنتُ أسمن
ما أكون ، زارهم بعض مَن يُحبِّون ، فجعلوا بعضي شِواءً وبعضي قَديداً ، ثمَّ
أكلوني ، فأخرجوني عَذرةً ولم أكنْ بَشراً .إذن يريد ان لا يكون بشرا فما تعنيه
هذه الحالة النفسية السيئة والقاسية عند هذا الفاتح المعروف بفظاظته وجلافته وهو
موضع التفاخر الكبير عند المستعمرين ونضطر لنقول حتى يعرفوا الفاتحين فلو كان
العمل صالحا والفتح نفخرة هل تمنى عمر ان يكون عذرة!!!
وزحفت هذه القبائل العربية
الإسلامية لكي تهز عروش قيصر وكسرى وليس لنشر الرسالة السمحاء بين الشعوب هم
تحركوا ضد السلاطين من اجل المال والسلطة ولا عقة عندهم للدين كما يكتب معظم
مؤرخيهم مباهين عن سقوط كسرى وسقوط قيصر فما هو الفرق بين داريوس الفارسي
والإسكندر الإغريقي ومحمد العربي في نظر هؤلاء الفاتحين الإسلاميين بل على العكس
ان داريوس رافقه حكماء الفرس وشعرائهم والإسكندر رافقه حكماء الإغريق وفلاسفتهم
بينما محمد رافقه أجلاف العرب وجهالهم الين
تدخلوا بعد ذلك في الفتوحات لاهداف لا تتلاءم والتعاليم الاسلامية الحقة وأن خلافة
أبي بكر كانت نحو سنتين ، ولم يكن فيها إلا مقدمات الفتوحات , أما في خلافة عمر
فكان علي يشكل الخطر الكبير على عمر فأرسل تلاميذ علي ومؤيدوه الصادقين في
الفتوحات ليتخلص من أي قوة لعلي ، وكان
تلاميذه الفرسان عمدة القادة الميدانيين ، مثل عمار بن ياسر ، وحذيفة بن اليمان ،
وسلمان الفارسي ، وأبو ذر الغفاري ، والمقداد بن عمرو ، وحجر بن عدي ، ومالك الأشتر
، وهاشم المرقال ، وعبادة بن الصامت ، وخالد بن سعيد بن العاص وإخوته أبان وعمرو ،
وبريدة الأسلمي ، وبلال بن رباح ، وعبدالله بن خليفة البجلي، وعدي بن حاتم الطائي،
وبديل بن ورقاء الخزاعي والنعمان بن مقرن.. وغيرهم من الفرسان الذين كانوا من شيعة
علي والذين قامت على أكتافهم حروب الفتوحات .ويكفي أن نعرف أن المسلمين هزموا في
أول معركة لهم مع الفرس قرب الكوفة ، وهي التي تسمى (يوم القادسية ، ويوم الجسر ،
وقيس الناطف) حتى طمع الفرس في غزو المدينة ، وأعدوا جيشاً ذا عدد ، فخاف عمر وقد
اوقع نفسه في الطامة فلجا لعلي، فثبته علي ، وأشار عليه أن يقيم في المدينة ويرسل
مدداً للمسلمين ، واختار لمددهم عدداً من القادة الفرسان . ومن المعروف عن عمر أنه
كان خوافاً ولم يكن يوماً فارس حرب ، وقد وصفه أبا بكر صاحبه بالجبن والخور ففي
كنز العمال عن عمر قال: لما قبض رسول الله ارتد من ارتد من العرب ( ويجب ان نعلم ان هؤلاء المتهمين بالردة لم
يكونوا تاركي صلاة او حدود الإسلام انما كل ردتهم انهم رفضوا اعطاء زكوات بلادهم
الى مركز الحكم في مكة لأنهم اجتهدوا ان فقراءهم اولى بها من ابو بكر وحكومته
الغرقى في الأموال فاتهموهم بالردة وارسل لهم احد طغاة الإستعمار خالد بن الوليد
ليغدر بهم بعد ان عاهدهم على الحوار في هذا الموضوع لكن المستعمر هو عينه في كل
زمان غدرا وابتزازا ) اوقالوا: نصلي ولانزكي فأتيت أبا بكر فقلت: يا خليفة رسول
الله تألف الناس وارفق بهم فإنهم بمنزلة الوحش ، فقال: رجوت نصرك وجئتنى بخذلانك !
جبار في الجاهلية خوار في الإسلام ! ماذا عسيت أن أتألفهم بشعر مفتعل أو بسحر
مفترى؟! ( هذه العبارة في حقيقتها غمز
بالوحي وبالنبي والا لا محل لإدراجها ) هيهات هيهات مضى النبي وانقطع الوحي والله
لأجاهدنهم ما استمسك السيف في يدي وإن منعوني عقالاً ، قال عمر فوجدته في ذلك أمضى
مني وأصرم مني ، وأدب الناس على أمور هانت عليَّ كثير من مؤنتهم حين وليتهم وبعد
أن فتحوا أكثر العراق والبصرة والأهواز ، أوقف عمر الفتوحات قال الطبري: (قال عمر
حسبنا لأهل البصرة سوادهم والأهواز ، وددت أن بيننا وبين فارس جبلاً من نار
لايصلون إلينا منه ولانصل إليهم كما قال
لأهل الكوفة: وددت أن بينهم وبين الجبل جبلاً من نار لايصلون إلينا منه ولا نصل
إليهم وفي الطبري: (عن أبي الجنوب اليشكري عن علي بن أبي طالب قال: لما قدم على
عمر فتح خراسان قال لوددت أن بيننا وبينها بحراً من نار ، فقال علي وما يشتد عليك
من فتحها ، فإن ذلك لموضع سرور والأمر في فتح الشام كفتح العراق ، وهما أساس كل
الفتوحات الإسلامية ، فيكفي أن نعرف دور الفاتحين من تلاميذ علي مثل حذيفة ، وحجر
بن عدي ، وخالد بن سعيد بن العاص الذي كان أبو بكر كتب له مرسوم قيادة فتوحات
الشام ، وهاشم المرقال الذي كان قائد الرجالة ، ومالك الأشتر ، الذي غير الميزان
لمصلحة المسلمين في معركة اليرموك وهي أهم معارك المسلمين مع الروم عندما برز الى
قائد الروم وبطلهم (ماهان) فقتله فكان أول من برز إليه مالك النخعي ثم جاوله في
ميدان الحرب ، فقال له ماهان: أنت صاحب خالد بن الوليد؟ قال: لا ، أنا مالك النخعي
صاحب رسول الله ، فحمل على مالك وضربه بعموده على بيضته فغاصت البيضة في جبهته
فشترت عينه ، فمن ذلك اليوم سمي (الأشتر) وكان من فرسان العرب المذكورة ، فصبر
نفسه وحمل على ماهان والدم يسيل من جبهته
وأخذته أصوات المسلمين وضرب ماهان ضربة عظيمة فقطع سيفه في ماهان قطعاً غير
موهن ، فلما احس بحرارة الضربة ولى منهزماً حتى قتل، وفي عهد عثمان بن عفان، جهز جيشاً
بقيادة سعيد بن العاص وارسل فيه ولدي علي الحسن والحسين وعبد اللّه بن العباس
وغيرهم من شيعة علي لغزو طبرستان سنة ثلاثين من الهجرة وتم لهم الاستيلاء على تلك
المناطق والتغلب عليها وكان للصراع السياسي الحادّ الذي استمرّ خمسين عاماً في
ايران كبير أثر ساعد بدوره على تقدم الفتوحات الإسلامية.لأن دور سلمان الفارسي في
اعطاء صورة رائعة عن الإسلام بعده الحقيقي في استمالة واقناع الكثير من الشعوب
الفارسية بقبول الإسلام كمنقذ لحالة الصراع الطويلة تلك ولو حرص المسلمون على هذا
النوع من نشر الرسالة بالحب والخير وليس بالعنف والإكراه لبسط الإسلام نهجه على كل
شعوب العالم بأريحية وقبول دائمين وليس بتحين الفرصة من الشعوب المستعمرة حتى
تتخلص من هذا الإستعمار الإسلامي كما حدث في كثير من البلدان كالأندلس وغيرها وان الفتوحات الاسلامية تجب ان تكون فتحا الهيا
وظهورا روحانيا محفوفا بالايمان ومشفوعا بالتقوى لا مغالبة على الدنيا وطمعا في
السلطة والمال كما اراده علي حيث قال اللهم انك تعلم انه لم يكن الذى كان منا
منافسة في سلطان ولا التماس شئ من فضول الحطام ولكن لنرد المعالم عن دينك ونظهر
الاصلاح في بلادك وطريقة علي في الفتوحات الاسلامية على المنهج الواضح وان الخلفاء بعده
وقبله ضلوا عن منهجه الصحيح واوردوا المسلمين في الطرق الوعرة والمزلات المهلكةلقد
كانت الحركة الرسالية علما ينطوي تحته كل محروم ، والبلاد الاسلامية التي امتدت
على قسم كبير من الرقعة المعمورة في الارض كانت توجد فيها طوائف محرومة كثيرة
.فطائفة محرومة بسبب لونها ، واخرى بسبب لغتها ، واخرى بسبب حرفتها ، واخرى بسبب
مذهبها .كانت هناك تفرقة عنصرية وكان هناك تفاوت طبقي ، وظلم اجتماعي وارهاب فكري
، والامثلة عديدة فمثلا يرسل معاوية رسالة في آخر حياته الى واليه على البصرة يقول
فيها : اني رأيت هؤلاء العلوج قد كثروا في بلادنا ، فخذ هذا المقياس - وارسل له
خيطا من خمسة عقد - وانظر اذا كان احد من الموالي اطول منه فاضرب عنقه . وكلمة
(العلوج) تعني الكفار عموما وبالخصوص القوي الضخم منهم ، وهذا يبين فكرة الامويين
حول الجنسيات غير العربية ، بانها غير مسلمة اذ ان الدين الاسلامي للعرب فقط .فاذا
كان هناك رجل طويل ، فماذا ذنبه ان الله قد خلقه طويلا ، وهكذا لأول مرة في
التاريخ نرى ان الرجل من الموالي الاطول من الاخرين يجب ان يعطي نفسه ضريبة طوله
.في الوقت الذي جعل الاسلام لجبي الخراج قوانين دقيقة تلحض شروطاً عدة فيمن يجب ان
يعطي الخراج ، كما انه وضع شروطا قاسية فيمن يحب ان يجبي الخراج ، وحدد الموارد
التي تصرف فيها الاموال التي تجبى ، ولكن كانت الدولة الاموية تأخذ الخراج اضعافا
مضاعفة ، كما تقتضيه اهواء
الامراء والولاة الأمويين .اما الجزية التي امر الاسلام باسقاطها عن الانسان الذي
يتحول من دينه الى الاسلام حيث يجب عليه انئذ الزكاة والصدقات ، نجد ان الدولة
الاموية كانت تستمر في اخذ الجزية ولا تقبل اسلامهم ، وبذلك تفرض نوع من التفرقة
بين المسلم قديما ، وبين المسلم حديثا . فالذي اسلم قديما ، يكون باستطاعته ان
يشترك في الحرب والغنائم ، وان يمتلك الارض ويعمل ما يشاء ، بينما الشخص الذي اسلم
حديثا فأنه محروم من كل هذه الحقوق وكانت نتيجة ذلك الكثير من المآسي والويلات ،
والارتداد عن الدين ، وانكفاء الفتوحات الاسلامية بل وسقوط بعض المناطق التي اسلم
اهلها طوعا وارتدادهم ، بعد ان راوا في الدين الجديد اداة لتسلط من لا يتورع عن
ركوب أي محرم من اجل جمع المال . يقول الطبري في احداث سنة عشرة ومائة : "
فيها كان والياً على خراسان الاشرس بن عبد الله المسلمي في عهد هشام بن عبد الملك
فقال : ابغوني رجلا له ورع وفضل أوجهه الى من وراء النهر فيدعوهم الى الاسلام
فأشاروا عليه بابي الصيداء صالح بن ظريف مولى بني ضبة ( والشاعر يقول نحن بنو ضبة
اصحاب الجما أي الجمل الذين حاربوا علي بن ابي طالب !!!!)، فقال لست بالماهر
بالفارسية فضموا معه الربيع بن عمران التميمي ، فقال ابو الصيداء : اخرج على شريطة
ان من اسلم لم يأخذ منه الجزية ، قال الاشرس : نعم ، قال ابو الصيداء لاصحابه فاني
اخرج فأن لم يف الولاة أعنتموني عليهم ، قالوا نعم . فشخص الى سمرقند وعليها ابن
ابي العمرطه ، الكندي ، على حربها وخراجها ، فدعا ابو الصيداء اهل سمر قند ومن
حولها الى الاسلام على ان توضع عنهم الجزية فسارع الناس ، فكتب " غوزك "
الى اشرس ان الخراج قد انكسر ، فكتب اشرس الى ابن ابي العمرطة كتابا جاء فيه :
" فأنظر من اختتن منهم واقام الفرائض وحسن اسلامه وقرأ سورة من القرآن فارفع
عنه خراجه " . ثم عزل اشرس ابن ابي العمرطه عن الخراج وصيره الى هاني بن هاني
وضم اليه الاشحيذ فقال ابن ابي العمرطة لابي الصيداء لست من الخراج الان في شيء
فدونك هانئا والاشحيذ . فقام ابو الصيداء يمنعهم من اخذ الجزية ممن اسلم ، فكتب
هاني ان الناس قد اسلموا وبنوا المساجد ، فجاء دهاقين بخارى الى اشرس فقالوا ممن
تأخذ الخراج وقد صار الناس كلهم عربا ، فكتب اشرس الى هاني والى الولاة خذوا
الخراج ممن كنتم تأخذونه منهم ، فاعادوا الجزية على من اسلم ، فامتنعوا واعتزل من
اهل الصغد سبعة الآف فنزلوا على سبعة فراسخ من سمرقند وخرج اليهم ابو الصيداء
وربيع بن عمران التميمي والقاسم الشيباني وابو فاطمة الازدي وبشر بن جرموز الضبي
وخالد بن عبد الله النحوي وبشر بن زنبور الازدي وعابر بن بشير الخجندي وبيان
العنبري واسماعيل ابن عقبة لينصروهم ، قال فعزل اشرس ابن ابي العمرطة عن الحرب
واستعمل مكانه المجشر بن مزاحم السلمي وضم اليه عميرة بن سعد الشيباني ، قال فلما
قدم المجشر كتب الى ابي الصيداء يسأله ان يقدم عليه هو واصحابه ، فقدم ابو الصيداء
وثابت قطنة فحبسهما ، فقال ابو الصيداء :" غدرتم ورجعتم عما قلتم " . ثم
حمل ابا الصيداء الى الاشرس وحبس ثابت قطنة عنده ، فلما حمل ابو الصيداء اجتمع
اصحابه وولوا امرهم ابا فاطمة ليقاتل هانئا فقال لهم كفوا حتى اكتب الى اشرس
فيأتينا رأيه فنعمل بأمره فكتبوا الى اشرس ، فكتب اشرس : ضعوا عليهم الخراج ، فرجع
اصحاب ابي الصيداء فضعف امرهم ، فتتبعوا الرؤساء منهم فاخذوا وحملوا الى ( مرو )
وبقي ثابت محبوساً واشرك اشرس مع هاني سليمان بن ابي السري مولى بني عوانة في
الخراج فألح عاني والولاة في جباية الخراج ، واخذوا الجزية ممن اسلم من الضعفاء
فكفرت الصغد وبخارى واستجاشوا الترك " ولكن الاسلام وبناء المساجد ليسا مما
يرضيان والي الامويين ، وما المساجد وما العرب وما المسلمون والاسلام ، اذا كان
ذلك يحول دون سلب الشعوب واستصفاء اموالها ، فاصر الاشرس على أخذ الجزية ممن كانوا
يأخذونها ولو حال ذلك دون انتشار الاسلام واستعراب الناس .ومما يلفت النظر هنا ان
الدهاقين وهم مجوس كانوا من رأي الاشرس ، وهذا يؤكد انه قد هالهم انتشار الاسلام
وخافوا المستقبل وطغيان الدعوة الاسلامية هؤلاء الدهاقين المجوس الذين كان
الامويون يولونهم جباية الخراج ويمنعون العرب والمسلمين من ذلك ، الدهاقين يتفق
رأيهم كل الانفاق مع الرأي الاموي في منع انتشار الاسلام ، فيحرضون الأمويين
وعمالهم على هؤلاء الذين اسلموا ، فيقولون : ممن نأخذ الخراج وقد اصبح الناس كلهم
عرباً مسلمين . لقد احسوا الخطر قبل غيرهم وخافوا على مجوسيتهم ان يجرفها الاسلام
فتصايحوا مغضبين : لقد اصبح الناس كلهم عرباً ، وماذا يسوء الاشرس وسادته الامويين
اذا صار الناس كلهم مسلمين ؟ انه عجيب على من لم يعلم احداث هذه الدولة وموقفها
الصحيح من الاسلام ، ولكنه ليس بعجيب عند من يعلم ذلك ، ليس بعجيب ان يتفق رأي
الدهاقين المجوس مع رأي الامويين من انتصار الاسلام .ولا نستطيع الا ان نحيي (
الورع الفاضل ) ابا الصيداء وعصبته الخيرة الذين اخرجهم معه ليعينوه اذا لم يف
الولاة فانهم تضامنوا جميعا مع اهل الصغد وذهبوا الى السبعة الالاف الذين اعتزلوا
لينصروهم ويتفقوا معهم . ولكن الولاة استدرجوا هؤلاء الابرار فكان مصيرهم السجن
والنفي والتشريد .نعم ، السجن والنفي والتشريد للذين دعوا الى الاسلام ، للذين
اسلمت على ايديهم الافواج ، واستعربت بدعوتهم الالوف .ثم كانت النتيجة الحتمية لكل
ذلك ، النتيجة التي ارادها الامويون وولاتهم ، كانت النتيجة بنص الطبري : فكفرت
الصغد وبخاري واستجاشوا الترك .وقرت عيون الدولة ( الاسلامية ) فالدعاة الى
الاسلام في سجونها ومنافيها ، والناس يخرجون من الاسلام ويعودون الى مجوسيتهم
ووثنيتتهم ، وهل تريد الدولة غير ذلك ؟ولكن الامر لم ينته عند هذا الحد ، والبلاء
كان اقوى مما تتصور ، فان كفر الصغد وبخاري واستجاشتهم الترك لم تمض مضيا سهلا بل
دفع المسلمون الثمن غاليا ، دفعوه اكثر من سبعين الف قتيل .دفعوه هناك لسيوف الصغد
وبخارى وخاقان الترك على السفوح الفقراء والسهوب الجرداء والمفاوز المهلكة .فان
الصغديين والبخاريين قرروا ان يردوا على الاشرس رداً جباراً وتتابعت المعارك معركة
بعد معركة ، وفي كل منها تتساقط الوف الابطال صرعى في سبيل لا شيء ، وحسبك ان
معركة واحدة منها بقيادة سورة بن الحر التميمي كان فيها اثنا عشر الف شاب مسلم حين
التقى سورة وجيشه بخاقان الترك ، لم ينج من الجيش الاسلامي سوى الف وذهب الباقون
طعمة للسيوف وللنيران .نعم للنيران ، فان نيراناً قد أشعلت أمامهم في الحشائش
والغابات ، يقول الطبري : " وثار الغبار فلم يبصروا ومن وراء الترك اللهب
فسقطوا فيه ".
وقتل فيمن قتل سورة قائد
الجيش ، واستمرت المعارك وكان من اشدها هولاً معركة " الشعب " التي فني
فيها الجيش الاسلامي وقتل منه خمسون الف قتيل .
وفي ذلك يقول الشاعر :
اذكر يتامى بأرض الترك
ضائعة هربى كأنهم في الحائط الحجل
وارحم والا فهبها امة دمرت
لا انفس بقيت فيها ولا ثقل
لا قوا كتائب من خاقان
معلمة عنهم يضيق فضاء السهل والجبل
بهذه الابيات صور الشاعر
ضياع الامة نفسها لا ضياع يتاماها فحسب . هذه السياسية التي سارت عليها الفتوحات
الاسلامية ، وهذه الاحداث التي رأينا
مثالا منها هي التي جعلت من نشر الإسلام حبيا بلا اكراه نموذجا عن اقسى انواع
الإستعمار والغزو من اجل المال والسلطة في
حكم الشعوب بدلا من معاملتها بالعدل وتطبيق رسالة الاسلام عليها . التطبيق الذي
اراده محمد بن عبد الله وكانت نقمة الشعب نقمة عامة ولكنه كان محكوما بالقهر ،
والسيف يسلط عليه ، وعندما كانت تحين له اول فرصة ، كان يعبر عن نقمته بشتى ألوان
التعبير، وعندما كان يجد للثورة المسلحة مجالا كان لا يتأخر عنها . وحول الكيفية
التي كان الامويون يعاملون بها اهل البلاد المفتوحة فنقلاً عن الطبري وهو يحدِّث
عن احدى الحملات على بلاد الاتراك ، وكان يقودها احد اركان العهد الاموي يزيد بن
المهلب :" دخل يزيد ابن المهلب دهستان فأخذ ما كان فيها من الاموال والكنوز
والسبي شيئا لا يحصى ، ثم قبض على اربعة عشر الف رجل تركي وقتلهم ، وكتب بذلك الى
الخليفة الاموي سليمان بن عبد الملك " .وتحدث الطبري في موضع آخر عن هجوم
يزيد هذا على جرجان فقال : "وقصد جرجان فاعطى الله عهدا لئن ظفر بأهلها ان لا
يتركهم ولا يرفع عنهم السيف حتى
يطحن بدمائهم ويخبز من ذلك
الطحين ويأكل منه " .ثم يضيف الطبري ما جرى بعد انتصار يزيد : " ونزل
اهل جرجان على حكم يزيد بن المهلب فسبى نساءهم واولادهم وقتل رجالهم ، وصلبهم فرسخين
عن يمين الطريق ويساره ، وساق منهم اثني عشر الف رجل الى وادي جرجان وقتلهم هناك
واجرى الماء في الوادي على الدم ، وكان فيه مطاحن ليطحن بدمائهم ، فطحن وخبز واكل
" .يقول الطبري : " قتل يزيد من اهل جرجان اربعين الفاً ".هذا ما
فعله حاكم اموي واحد في بلدتين اثنتين فقط ، واليك ما فعله حاكم خراسان ، قال
الطبري : انه قتل حاكمها نيزك بعدما آمنه وقتل معه اثني عشر الفاً . وقال الطبري
ايضا : " ان قتيبة لما تغلب على ملك ( خام جرد ) جيء اليه بأربعة الاف اسير
فقتلهم ، قتل امامه الف وعن يمينه الف وعن يساره ألف وخلف ظهره ألف ".ويقول
الطبري عن حاكم آخر من حكام الامويين هو قحطبة بن شبيب انه قتل من اهل جرجان زهاء
ثلاثين ألفاً .وقال الطبري ايضاً ان (الجراح الحكمي) غزا ارض الترك ففتح ( بلنجر )
وهزم الترك وغرقهم وعامة ذراريهم في الماء وسبوا ما شاؤوا .وقال الطبري ايضاً وهو
يروي عن الوالي الاموي ابن العمرطه في احدى غزواته لبلاد الترك :" لقد
اتيناهم وغلبناهم على امرهم واستعبدناهم ، ( لاحظ كلمة استعبدناهم ) ولما نجح
معاوية في التسلط على مقاليد الحكم مع بقية افراد بني أمية تطوّرت الفتوحات الاسلامية ولكن فقدت بريقها الاسلامي
فقد قال هشام بن عبد الملك لواليه على الهند:ثكلتك اُمُّك احلب الدر فإن انقطع
احلب الدم، وأصدر أمراً بأخذ الجزية من المشركين ولو اسلموا! فكفر معظم المسلمين
الهنود. وفي كتاب بين اهل السلفية بين اهل
السنة والإمامية للسيد محمد الكثيري يقول ونحن إذا رجعنا وتتبعنا غزوات الجيش
الوهابي سنجدها لا تختلف كثيراعن غزوات البدو الذين تكلمنا عنهم ووصف المؤرخون
حالتهم. بفارق واحد فقط هو إعطاء هذا الغزو والنهب صفة الجهاد في سبيل الله. أي
إعطاؤه المشروعية الدينية، هذه المشروعية التي تدعمه وتقويه وتضمن استمراره.( وهي الصفة عينها التي اتبعها المسلمون في الفتوحات الإسلامية )
فما كان لأهل الدرعية (
منطلق الدولة السعودية الوهابية ) وأتباع الشيخ ابن عبد الوهاب مثلا أن يستمروا في
غزواتهم الكثيرة لولا الخلفية الدينية الشرعية التي كان الشيخ يمدهم بها. فما
يقومون به ليس غزوا بدويا ظالما، وإنما هو الجهاد في سبيل الله. لذلك أطلق الشيخ
على أتباعه اسم " المسلمين " أو " الموحدين "، ووصف باقي
القبائل وأعراب البادية بأنهم كفار ومشركون حلالوا الدم والمال. وقد أوهم الشيخ
أتباعه بأنه يشبه الرسول (ص)، فقد بعثه الله لقوم يعبدون الأصنام والجن والملائكة
ويتخذونهم شفعاء وآلهة. فدعاهم إلى التوحيد أولا، ثم لما تمكن من محاربتهم وهدم
أصنامهم جهز الجيوش بمن معه من المؤمنين والمهاجرين وسلطهم على المشركين في غزوات
متتالية. فقتل رجالهم وسبى نساءهم وذراريهم وامتلك أموالهم. ووزعها على المحاربين
المسلمين.وهذا بالفعل ما قام به الشيخ وأقنع أتباعه بصحة المقارنة فانطلقت
الفتوحات الإسلامية من جديد ليس من المدينة المنورة هذه المرة ولكن من الدرعية في
بلاد نجد مسيلمة الكذاب....ونرجع لاستنطاق النصوص لمعرفة حقيقة هذا الادعاء.
يقول ابن بشر: سار عبد
العزيز ( جد السعوديين) غازيا بالمسلمين وقصد ناحية الجنوب فأغارعلى بوادي آل مرة
وأخذ عليهم إبلا كثيرة فتكاثرت عليهم أفزاع البوادي فرسانا وركبانا وصارت هزيمة
على المسلمين وهذا النص كما لا يلاحظ
القارئ ليس فيه إشارة أبدأ إلى ما يفيد أن الغزو كان في سبيل الله ومن أجل الدعوة
إلى التوحيد لأن الأمير أغار على البوادي وأخذ إبلهم فاجتمع أصحاب المال ومن
أنجدهم فاستخلصوا منه أموالهم وانهزم " المسلمون ". ولم يقل المؤرخ أنه
بعث لهم من يبشرهم بالعقيدة الصحيحة وأنهم أبوا وأعلنوا الحرب على " المسلمين
" فقام هؤلاء بالدفاع عن أنفسهم ( وهو عينه ما كان يجري في الفتوحات
الإسلامية )لقد دامت الحرب التي شنها الوهابيون على مدينة الرياض قرابة سبعة
وعشرين عاما، كان الجيش الوهابي يهاجم هذه المدينة ويحاصرها ويهدم أسوارها ويقطع
نخيلها ويحرق زروعها ويقتل كل من يوجد خارج أسوارها ساعة الغزو. لكن هذه المدينة
صمدت بصمود رئيسها دهام بن دواس، وكان الغرض من هجوم الوهابيين هو السيطرة على هذه
المدينة التي تقرب من الدرعية ليس إلا. فلا توجد نصوص تاريخية أخرى تفند رأينا
هذا. ويثبت من خلالها الدعوة الدينية أو إرسال المبشرين إلى هذه المدينة لدعوتهم
إلى التوحيد والإسلام. وإنما انطلقت الحروب والغزوات بغتة لكنها تميزت بإصرار
منقطع النظير من طرف أمير الدرعية لامتلاك هذه المدينة مهما كلف ذلك من خسائر أو
مظالم.
أنظر ما يقول ابن بشر في
تاريخه يصف سيطرة الوهابيين أخيرا على الرياض وكيف تمت. لما سمع دهام بن دواس رئيس
الرياض بقدوم عبد العزيز والجيش الوهابي غازيا الرياض للمرة الأخيرة، جمع عياله
وأهله وقرر الهروب من المدينة وقبل أن يغادرها طلع على الناس من قصره وخاطبهم
قائلا: " يا أهل الرياض إن هناك لي مدة سنين أحارب ابن سعود والآن سئمت من الحرب
وتركتها له. فمن أراد أن يتبعني فليفعل وإلا فليجلس مكانه في البلد.ففر أهل الرياض
في ساقته الرجال والنساء والأطفال لا يلوي أحد على أحد، هربوا على وجوههم إلى
البرية في السهباء قاصدين " الخرج " وذلك في فصل الصيف، فهلك منهم خلق
كثير جوعا وعطشا. ذكر لي " يقول ابن بشر " إن الرجل من أهل الرياض يأخذ
العرب ويجعل فيه ماء ويحمله على ظهره والعرب لا يمسك ماء والإبل عنده ولا يركبها
وتركوها خاوية على عروشها الطعام واللحم في قدوره والسواني واقفة في المناحي
وأبواب المنازل لم تغلق. وفي البلد من الأموال ما لا يحصى، فلما دخل عبد العزيز
الرياض وجدها خالية من أهلها إلا قليلا فساروا في أثرهم يقتلون ويغنمون. ثم إن عبد
العزيز جعل في البيوت ضباطا يحفظون ما فيها. وحاز جميع ما في البلد من الأموال
والسلاح والطعام والأمتاع وغير ذلك وملك بيوتها ونخيلها إلا قليلا هذا نموذج آخر
يصف أسلوب سيطرة " جيوش المسلمين " الوهابيين على المدن والقرى في نجد
وكيف كانوا يدعون إلى التوحيد والإسلام في مدن خاوية على عروشها هرب منها أهلها
خوفا من بطش " المسلمين " فابتلعتهم الصحراء وقتلهم العطش والجوع، لكنهم
مع ذلك لم يسلم متأخرهم من سيف الغزاة ؟ !.
(هذا هو الجهاد في سبيل
الله في الفتوحات الإسلامية كيف نفرقه عن الإستعمار)
هذا من جهة ومن جهة أخرى
بماذا يفسر هروب أهل الرياض قاطبة، النساء والأطفال حتى أدركهم الموت جوعا وعطشا
في البرية ؟ لو كان الغزو في سبيل الله لبعث " المسلمون الجدد " من يؤمن
الناس على أرواحهم ويدعوهم للإسلام والتوحيد. لكن الحقيقة أن أهل الرياض كانوا
يعرفون شراسة الجيش الوهابي ووحشيته، ( لأنهم يعلمون جيدا اول فتح بكري عمري اموي
جرى بين ظهراني اسلافهم في هذه الديار ) ولا شك أن أخبار غزواتهم كانت تصلهم أولا بأول،
كما خبروهم مباشرة في حرب دامت سبعة وعشرين عاما.فالرعب والخوف هو الذي أخرج سكان
الرياض عن بكرة أبيهم وتركوا متاعهم للغزاة.ونحن هنا نتسائل واضعين علامة استفهام
كبيرة. حول قول المؤرخ " فساروا في أثرهم يقتلون ويغنمون " ؟ هل القانون
الإسلامي في الحرب يبيح قتل الهارب وتتبعه خصوصا إذا كانوا من الأطفال والنساء.
وأين هو الشيخ محمد بن عبد الوهاب، عالم السلف ومجدد الدين، هل كان يفتي بقتل
الهارب من الحرب، الأطفال والنساء، وقطع الأشجار وحرق الزروع ؟ !.
لقد تميزت الحروب الوهابية
بالشراسة والدموية ولم تكن تحترم فيها لا القوانين الإسلامية المتعارف عليها، ولا
غيرها من الأعراف الإنسانية. فليس هناك سوى الخضوع الفوري للغزاة وإما القتل
والنهب والسلب وإذا كانت بعض القرى والقبائل استسلمت بسرعة وبخسائر قليلة فإنما
يرجع ذلك إلى الرعب الذي كان ينشره " المسلمون الوهابيون " أثناء غزواتهم.
مثال ذلك، إنهم كانوا يباغتون القرى والمدن في الصباح الباكر ويقومون بإطلاق
الرصاص دفعة واحدة باتجاه القرية أو المدينة مما يحدث دويا هائلا يرتج معه الوضع
داخل القرية المحاصرة فيسود الخوف وتسقط الحوامل حملها. يقول ابن بشر: أتوا بلاد
حرمة في الليل وهم هاجعون... فلما انفجر الصبح أمر عبد الله على صاحب بندق يثورها، فثوروا
البنادق دفعة واحدة فارتجت البلد بأهلها وسقط بعض الحوامل، ففزعوا وإذا البلاد قد
ضبطت عليهم وليس لهم قدرة ولا مخرج
وهذه الطريقة في إرهاب سكان
المدن والقرى لم تكن نادرة حتى يقال إنما هي بعض من أخطاء الغزو والفتوحات. ولكنه
الأسلوب المفضل الذي سلكه رجال الغزو الجديد. وهذا ما وقع في غزوات بني أمية مثل
هجومهم على المدينة المنورة واستباحتها قتلا ونهبا وهتكا لأعراض النساء حتى ولدت
بنات الصحابة والتابعين من الزنا، فيما سمي بوقعة الحرة. أو غزو معاوية بن أبي سفيان
بعض المناطق الإسلامية عندما رفض بيعة الخليفة الشرعي، فقتل جنوده المسلمين
الأبرياء وذبحوا الأطفال في حجور أمهاتهم ونهبوا وسلبوا.
ولا فرق بين بني أمية
والجيش الوهابي أن بني أمية كانوا يفعلون ذلك في سبيل الملك والإمارة والسلطة
والمال وهذا عينه هدف الإستعمار، فكانوا لا يتورعون عن ارتكاب المجازر والفظائع
بحق العرب والمسلمين في سبيل هدفهم. وكانوا يعلنون ذلك صراحة، فلما دخل معاوية بن
أبي سفيان العراق خاطب أهلها قائلا: " إنما حاربتكم لأتأمر عليكم ".
وإذن فهي الحرب السياسية لتحصيل الملك والحكم واستعباد الجماهير العريضة
المستضعفة.والوهابيون فكانوا يدعون أن حربهم في سبيل الله ومن أجل الدعوة للتوحيد
والإسلام.وهذا شعار كل المستعمرين المسلمين في التاريخ ونحن اذ نعيش اليوم ما
يسمونه الربيع العربي في القرن العشرين ونعيش الأزمة السورية خصوصا والتي تطابق
هذه المؤمرات السابقة وتزيد عليها انها فاقت كل تصور في التاريخ بشهادة كل الإعلام
العربي وجميع المراقبين ومن قبل خوارج العصر وفاتحيه الحركة السعودية الوهابين ومن
معها من المنظومة الماسونية الإسرائيلية الأموية التي تستند على البكرية العمرية
والحديث يطول جدا جدا في ذلك ولكن للمقارنة )
إنطلاقا من الحقائق التي
ذكرها الباحثون والرحالة حول طبيعة البدوي وأنه طماح للسلب والنهب سواء انطلق من
شريعة أو دفعت به الحاجة والفاقة وحب الغنى إلى الهجوم على غيره من الغرباء
والأعداء. والمقارنة بين حروب البدو قبل إعلان محمد بن عبد الوهاب دعوته وحروب
أتباعه مع خصومهم من البدو بعد ذلك، يمكن أن نسجل مماثلة تامة في الأسلوب
والنتائج. و دخول العنصر الديني وإقحامه في هذه الحرب الظالمة لتبريرها وإلباسها
ثوب المشروعية لضمان استمراريتها. والتغطية على أنهار الدماء التي تراق أثناء
ذلك.وعليه يمكننا أن نجزم بكل صراحة واطمئنان تعضدنا وقائع الغزو الوهابي
ويومياته. بأن الحرب الوهابية التي أعلنها ابن عبد الوهاب وأتباعه على قبائل نجد
وقراها لم تكن حربا مقدسة وفي سبيل الله، لنشر التوحيد والإسلام بين المشركين
والكفار. وإنما كانت حربا بدوية على شاكلة الحروب البدوية السابقة، أولا، ثم أخدت
بعدا جديا بفضل أيديولوجية الشيخ الخاصة بالشرك والارتداد، ومحاولة نشر الإسلام من
جديد. لتوضع في خدمة تأسيس دولة سياسية جديدة تطمح للسيطرة على مجمل أراضي شبه
الجزيرة العربية.و يحدثنا التاريخ الإسلامي أن الصحابته كانوا يهجمون على القرى
والمدن، يقتلون الناس ويغنمون إبل القوم ومواشيهم ويحرقوا زروعهم ويقطعوا نخيلهم
ثم يرجعوا من حيث أتوا لتقسيم الغنائم، الخمس منها لبيت المال، ويقسم الباقي
للراجل سهم وللفارس سهمين. دون أن يكون للدعوة ونشر الإسلام أي مكان في هذا الغزو
والفتح. نستحضر بعض الوقائع التاريخية للغزو الوهابي ليتضح لنا انعدام الحس الدعوي
أو الديني في هذه الغزوات. يقول ابن بشر: " في رمضان صار سعود بن عبد العزيز
بالجنود المنصورة من جميع نواحي نجد وبواديها وقصد الشمال وأغار على سوق الشيوخ
وقتل منهم قتلى كثيرة وانهزم منهم أناس وغرقوا في الشط " ؟ !.وفي كتاب حجر بن
عدي جاء لقد كان عثمان يغلّف بعض تصرفاته (المرفوضة) من قبل الشعب بغطاء شرعي،
يبرر به انتهاكات بعض ولاته، إلاّ أنّ الأمويين ما كانوا بحاجة إلى التمرير
والتغطية، وإنما كانوا حكّاماً تسلطوا على الناس بقوة السيف، ويجب أن ينهبوا ما
يشاءون ما دام السيف بيدهم.ومن هنا فقد كان (الحكّام الأمويون يغتصبون المقاطعات
من أهلها الشرعيين، في الفتوحات الإسلامية، ويضعون نِسَباً عالية في أخذ الخراج
من المسلمين، بالإضافة إلى الضرائب، والأتاوات الكبيرة التي كانوا يفرضونها على
الزراعة والتجارة، حتى كان البعض ـ تهرباً من ذلك يلجأ إلى تسجيل مقاطعاته باسم
أحد الحكّام، أو أحد أقرباء الدولة، لكنها كانت تتحوّل تدريجياً إلى جيب ذلك الشخص
القريب من جهاز الدولة ومن هنا عاش الشعب فقيراً، حتى المال الذي كدح سنيناً من
أجل أن يحصل عليه، كان يؤخذ منه على شكل ضرائب، أو غير ذلك، وهكذا عاش الناس في ظل
الفتوحات الإسلامية فكيف نستطيع ان نميزها عن أي استعمار كان !!! وفي كتاب السلفية بين السنة والإمامية جاء
ايضا : فإذا كان الوهابيون يسبون النساء ويأخذونهن مغانم وملك يمين، فإن فروجهن لا
تحل لهؤلاء لأنهن مسلمات. ولا يصح الدخول بهن ومن فعل ذلك فإنه يكون زانيا ومعتديا
وأطفال هؤلاء المسلمات المقتول أزواجهن أو آبائهن ( بذريعة الجهاد والفتح ) ليسوا أبناء شرعيين.
وعليه يطرح سؤال عريض حول صحة أخبار السبايا في الغزوات الوهابية لأنه لو كان حصل
بالفعل فإن الكثير من أبناء " السلف في الجزيرة ستحوم حولهم الشبهات المتعلقة
بأصولهم وهل هي شرعية. ونحن نعتقد أن الشيخ ربما قد يكون انتبه لهذا المشكل العويص
لذلك منع من سبي النساء اللهم إلا ما كان يقع هنا وهناك بشكل عشوائي وغير منظم مما
يقع عادة أثناء الغزوات والحروب ؟
خصوصا إذا علمنا بانحصار الفتوحات الإسلامية. أما أن توجد سبع مائة
جارية وأمة في قصر زعيم الوهابية آنذاك وهو لم يتجاوز بجيشه وسط الجزيرة العربية
فإن الأمر يدعو للاستفهام وطرح التساؤل. فمن أين حصل هذا الأمير على هذا الكم
الهائل من الجواري، ونحن نعلم واقع الدرعية قبل بداية الفتوحات وكيف أن أهلها
كانوا يعيشون في ضنك العيش.أرجع لأؤكد على أن موضوع " الحريم " قد اكتنفه
الكثير من الغموض أثناء الفتوحات الوهابية انطلاقا من النظرية أو الحكم الشرعي
الذي أباح دماء الرجال وأموالهم فقط على حد ادعائهم، وعفى عن النساء والأطفال. مع
أن الكل، رجال ونساء وأطفالا، كانوا في حكم الكفار والمشركين ؟ !.لكن من كتب عن
الفتوحات ( الاسلامية ) الوهابية من أهل السنة والجماعة ذكر صراحة سبيهم للنساء،
يقول مفتي الشافعية في مكة المكرمة: " وقتلوا من الخلائق ما لا يحصون
واستباحوا
أموالهم وسبوا نساءهم
" انتهى الإقتباس فنقول جرى في الأزمة السورية ما يسمى جهاد النكاح فجيء
بالنساء من خارج سوريا للمناكحة من قبل تنظيم القاعدة وما يسمونه المجاهدين في
بلاد الشام سوريا ناهيك عن السوريات اللائي يسبين ويعرين ويوزعن على الرجال
الارهابيين داخل سوريا وخارجها باسم الجهاد وفتاوي التكفيريين شيوخ الوهابية وفي
الأخير تنكروا لفتاويهم كما تنكر سيدهم العتيق الأول ابن عبد الوهاب كما جاء في
المصدر السابق فهذه نماذج عن الفتوحات الإسلامية في الماضي والحاضر وفي الكتاب : دفاع عن الرسول (ص)تأليف : الكاتب المصري صالح
الورداني :وإن المتأمل في حركة الفتوحات الإسلامية سوف يتبين له أنها لم تسهم في إدخال
الناس في دين الله وأنها أسهمت في زيادة ثروات الحكام وكانت في حقيقتها صدام عسكري
بين حكم عربي وحكم آخر أسقط بالقوة بينما بقيت الشعوب على حالها وقد فرضت عليها
الجزية والخراج
تعليقات
إرسال تعليق