1

أهدي هذا العمل الرمز مشفوعا بولائي لسيدي صاحب الزمان الحجة /عج/  الى قوة الله الحسنى على الأرض في القرن العشرين روح الله الإمام الموسوي الخميني قدس سره الشريف ومحمولا بيمين القائد الولي الإمام الخامنئي الحسيني دام ظله  ويعبأ هذا العمل سيدي الإمام المجاهد السيد حسن نصر الله أيده الله .          فهم الشرف والعزة والمجد والفخر في هذا الزمن الأخير لكل المسلمين ولا ضير فيمن يتنكر لهم وقديما وفي كل وقت تنكر لآبائهم وجدهم رسول الله الظالمون .

 


بسم الله الرحمن الرحيم
السنة الخامسة والثلاثين هجرية
الحمد لله رب العالمين .والصلاة والسلام على النبي المسدد  ابي القاسم محمد وآله الطاهرين .
قال الله تعالى : {يَحْلِفُونَ بِاللّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْراً لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللّهُ عَذَاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ }التوبة74.
في الخامسة والثلاثين من هجرة النبي الكريم محمد/ص /وفي موسم الحج , جرت أحداث بين المسلمين تستدعي الوقوف معها لفائدتها الكبرى في تحسين ظروف الأمة  الحالية .
فعندما نقف على حدث ما بأسبابه وتفاعلاته يتطلب هذا تفهما وتنبيها لدوافع الانسان نحو الحدث كوسيلة فاضلة  وكغاية يرجى  منها رضى رب العالمين .
هذا الحدث هو إغتيال الحاكم  الاسلامي الثالث  عثمان بن عفان  ,ففي موسم الحج هذا كانت مؤامرة إسرائيلية بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى ولم يكن لبعض الصحابة الذين ضعف ايمانهم وقدموا دنياهم على دينهم دورا في هذه الأحداث  إلا أنهم كانوا أداة طيعة لأعداء الإسلام  ووقعوا في شرك الذين لم يرق لهم الدين الجديد وذلك منهم عن سذاجة ومنهم لغايات شيطانية وأحقاد جاهلية لاريب .فانتهزوا مع أعدائهم  النهج التربوي السمح للإسلام فكادوا به  ,فجرى ماجرى .
فالصحابة الذين جاهدوا باموالهم وأنفسهم  لايبتغون  الا الله والرسول والاسلام  لايصدق ان يكون هدفهم الا الاصلاح  ولكن الفتنة ومن ورائها كان أقوى منهم  فالغالبية العظمى منهم لم تعنِ القيادة لهم شيئا امام تدينهم المتين القوي .وأن الضعيف فيهم استهوته الحكومة  و لم يظن أن ألأمور ستؤول إلى هذا الحد .فينبغي أن يكون هذا التنازع والإختلاف عرضا زائلا يرضي الله ويصلح الأمة .
ولما كان القرآن هو النهج النظري والسلوك العملي للمسلمين , وعليه فإن الهداية تكون من المواقف السلبية والايجابية كلاهما فيما ينفع الأمة بالنمو والازدهار , فالصحابة الذين خلت مسيرتهم من الخطأ

2
هم الأولى بالإقتداء من غيرهم , والذين غلبت أخطاؤهم على سلوكهم لايقتدى بهم ولا حمايةللصحبة فيما يغاير السلوك النبوي القرآني الا من الشتم والسباب فلا يجوز ذلك  لحرمة رسول الله
محمد /ص/ودينه الحنيف الذي ما زال طريا ويؤكد ذلك قول الامام علي /ع/ : لقد رأيت أصحاب محمد /ص/ كأن بين أعينهم ركب المعزى من طول سجودهم إذا ذكر الله هملت أعينهم حتى تبل جيوبهم ومادوا كما يميدالشجر يوم الريح العاصف خوفا من العقاب ورجاء الثواب /.
هذه صفة أصحاب محمد /ص/فما كان بينهم من إختلاف أو إتفاق نستفيد منه نحن اليوم اذا تم توظيفه سبيلا قويا راحما مؤاخيا مطورا للامة ليحق لها أن تكون خير أمة أخرجت للناس.
ويجب أن نعلم ان الخصومة بين أنصار أي قائد لاتسيء للقائد قطعا , قال علي /ع/ لما بويع عثمان بالخلافة  :/الحمد لله الذي اختار محمدا نبيا وابتعثه إلينا رسولا فنحن أهل بيت النبوة ومعدن الحكمة . أمان لأهل الارض ونجاة لمن طلب .إن لنا حقا إن نعطه نأخذه وإن نمنعه نكب أعجازالإبل وإن طال السرى /.هذه هي  الحقيقة فمن جاوزها وسلك غيرها يتهم نفسه لا غيره .
هذا الكلام الذي اقترن بالفعل حقا في تسلسل الاحداث هو وعد قطعه علي /ع/ على نفسه . فعمل كل جهده لخير هذه الرسالة الاسلامية فكان موقفه واضحا منذ تولي أبي بكر الحكومة. وقد جاء شخص العمالة الاسرائيلية الاول أبو سفيان بعد أن فقد سطوته الطاغيةعلى من حوله من الضعفاء وظنها لحظات مناسبة لتسلله بين الصفوف يخرب فيها دين الإسلام  .وخاطب عليا :/ يا علي ابسط يدك أبايعك .والله إن شئت لأملأنها على أبي فضيل /أبو بكر /خيلا ورجلا /.  وهو يعلم أن لاخيل له ولارجل ولكنه تسلح بحب الناس لعلي /ع/ وضعف ابي بكر فتختلف الامة بين راي أبي سفيان الذي لايقبل عند الامة انذاك و وقيعة لعلي بقبول رأي عدو الإسلام  الأزلي وكانت فرصة ليستمسك أبو بكر بالخلافة وليس من خيار أمام علي إلا  رفض طرح العدوالماكر وقبول الواقع الضعيف حيث كان أبو بكر شيخا ضعيفا ومن أسرة ضعيفة استمد كل قوته من حرمة رسول الله /ص/ في حياته واستغلها بوفاته ضد أقرب الخلق إليه أخوه وصنوه ووصيه وأبوسبطيه وصهره الوحيد .ولما يئس أبو سفيان من علي /ع  مضى للسقيفة ليداهن ويماكر فوجد مقعدا في صدر الحكومة الجديدة  التي أديرت فعليا من قبله.
فمن البداية هذا موقف علي /ع/ وقد أعلنه للجميع لأن رهان القوم كان إما دين بهذه الحكومة  وأما مواجهة مع علي والدين مازال طريا فيقاتل أتباع محمد بعضهم بعضاعلما أن هذه المواجهة لابد حاصلة هذا ما يتيقن به علي ولهذا خاض هذه المواجهة في الجمل وصفين والنهروان شخصيا في حينها وقاده بعده الحسين /ع / في كربلاء لاحقا . لكنه استمهل ذلك قرابة ثلاثين سنة ليتقوى الدين قي القلوب المؤمنة وتكون حالة الردة التي تجد نفوسا مهيئة لها مفضوحة وهذا عامل أدى بعلي /ع/

3
أن يسكت عن حروب الردة الظالمة بأسبابها المطروحة فكان موقفه /ع/ ارشاديا لاحقا بالمفهوم الذي ليس له مصداق في الواقع ليكون ذلك رادعا عند المراهنين من جهة وضعفاء النفوس من جهة أخرى.
  وعليه فقد اقتصرت هذه المواجهة على معارضة سلمية رافضة لممارسات السلطة التي تضر بمصلحة الدين العامة وبغض النظر عن ضررها للمسلمين حيث كان يرى علي /ع/ أنه سيسوى بعد حين ووهؤلاء المظلومين مأجورون  و بغض النظر عن الأشخاص وهذا ما كان في إعلام  الحكام من موافقة علي لسلطتهم ومن ذلك ما كان يقوله عن عثمان :/والله لو وجدته قد تزوج به النساء وملك به الاماء
لر ددته فإن في العدل سعة ومن ضاق به العدل فالجور عليه أضيق /. فمن لايريد للحاكم الاالعدل ويقف لجانبه في الحماية  ولا يمكن أن يتربص به أو ينقم عليه وخصوصا إذا كان علي /ع/الذى تربى في حضن رسول الله محمد /ص/ ذي الخلق العظيم  ومن يقول غير هذا يطعن في رسول الله  ومع ذلك كان من الصحابة من يتفرج على الأفعى تتململ بينهم وترش السم فيهم وما بين ساكت ومساعد وراغب يزيد خطر هذه الافعى مع كل وهن وضعف حتى تسللت في كل جانب .
وأركز في هذه المطارحة على الجانب المادي الإقتصادي لأن الأساس الثقافي ينطوي في المنهج الإسلامي ولم يخترق بوضوح الا من هذه الزاوية التي يبرع فيها الأمويون ومن وراؤهم من اليهود والنصارى .فكان الفساد مدمرا في العطاءات المغرية بدون ضوابط شرعية لطلقاء المصطفى وقد انتهز هؤلاء قرابتهم من الحاكم ليشوهوا هذا الدين بما يستطيعون إليه سبيلا .
ففي فتح أرمينية وهب خمس الغنائم لأشد الناس حقدا على رسول الله /مروان بن الحكم /الذي قال فيه رسول الله /ص/:ويل لك وويل لأمة محمد منك ومن بنيك إذا شاب صدغاك /.ومروان هذا استشعر لأمه يوما فقال :
إني أرى فتنة تغلي مراجلها     والملك بعد أبي ليلى لمن غلبا .
وأعاد عثمان للحكم بن العاص طريد رسول الله /ص/ والذي رفض ولم يقبل عودته للمدينة  أبو بكر ولا عمر وأعطاه بعد رده مئة ألف درهم واغتصب ميراث فاطمة /ع/ ومنحه الى مروان بن الحكم وأعطى عبدالله بن السرح كل فيء فتوحات أفريقيا في المغرب من طرابلس الغرب إلى طنجة في مراكش دون أن يشرك معه أحد . واعطى مروان وأبا سفيان مئة ألف لكل منهما من بيت مال المسلمين وأمثال هذا كثير من المخالفات الشرعية ولا ضرورة للاجتهاد فيه باجماع الصحابة وحصوصا أن ذلك استغل من قبل أعداء الاسلام وساندهم الانتهازيون الأمويون والمنافقون من خلال ضعف وعاطفة الحاكم  ووكانت العوامل المالية هذه  هي الأخطر بل كل الخطر  في الفتنة بين المسلمين .ولما كان


4

حرمان أهل الحقوق و التباين في التوزيع أكبر مداخل التحسس بين الناس وهو الأداة المميزة بيد الإسرائيليين على الإطلاق للفساد والإفساد والتشفي في صفوف المسلمين .
أما في الجانب الإجتماعي فوجدت الفتنة فيه عاملا أخر ,إذ نجد ابن عباس حبر الأمة وتلميذ الإمام علي /ع/يقول في نهاية كلام طويل له وشرح مفيض عن عثمان:/ وقد سلم الأخير عنانه إلى ابن عمه مروان يصرفه كيف يشاء حيث شاء فالخلافة في المعنى لمروان وفي الاسم لعثمان / .وعندما عرض هذا الكلام على صحابي أخر أنشد موافقا على قول ابن عباس :
/ إذا قالت حزام فصدقوها      فإن القول ما قالت حزام / ,
وسجل أول اعتراض على عثمان من صاحب بيت المال زيد بن أرقم إذ قال : /والله لو أعطي ابن مروان مئة درهم لكان كثيرا /. وألقى زيد هذا مفاتيح بيت مال المسلمين بيد عثمان فأخذها وقال له / سنجد غيرك /وهنا تحقق أول حلم لأعداء الإسلام وتنامت  الأحداث عمليا مع ذلك الإسلوب الذي تدار به من قبل ولاة عثمان. إذ كان الاستنكار شاملا في كل البلاد ومن جميع الجوانب ومن أجل هذا استقدم عثمان هؤلاء الأمراء ليشاورهم في الوضع فقال لهم : /....وإنكم وزرائي ونصحائي وأهل ثقتي وقد صنع الناس ما قد رأيتم وطلبوا إلي أن أعزل عمالي وأن أرجع عن جميع ما يكرهون إلى ما يحبون فاجتهدوا رأيكم /.
فلم يحاول هؤلاء الأمراء تفهم السؤال وتجاهلوه رغم تيقنهم من مقصد الحاكم وماينبغي عمله ! فالذي حدث العكس من قبل الولاة وهم على علم أنهم أساس البلاءومنهم من كان يعمل ضد عثمان علنا كعمروبن العاص ومروان بن الحكم ومنهم من كان يريدها لنفسه كمعاوية وأبيه وطلحة والزبير ومنهم من كان يريدها لغيره كعائشة  .
فهل خفف الولاة افراطهم في سبيل حماية الدولة أو فسادهم . طبعا   لا  كما بينت الأحداث وأجابوا الحاكم  بأباطيل يتمسكون من خلالها بامصارهم وعلى سبيل المثال أشار معاوية باشغال المسلمين بالحروب ( وفي الحرب ينجوبعورته ). وأشار مروان بقتل وجهاء الامصار , وأشار ابن ابي سرح بإعطاء أموال بيت مال المسلمين للرشوة وأغرب المشورات  مكيدة عمروبن العاص الموجعة فخاطب الخليفة قائلا : /يا أمير المؤمنين إنك أن ركبت الناس ببني أمية فقلت وقالوا وزغت وزاغوا فاعتدل أو اعتزل ؛! فإن أبيت فاعزم عزما وامض قدما ،فرد عثمان :مالك؟ قمَّل فروك أهذا نجد منك ؟؟/فسكت عمرو حتى تفرق القوم ولم يبق الا الخليفة فقال له / لأنت أكرم علي من ذلك ولكني علمت أن بالباب من يبلغ الناس قول كل منا فأردت أن يبلغهم قولي فيثقوا بي /.

5
فالواضح من هذه المشورات أن الولاة لايريدون الخليفة ولايريدون أمان الدولة ,فمن يخدم هذا المناخ الا أعداء الدين الاسلامي وزادت الامور سوءا , واستبشر المنافقون و الاسرائليون بخططهم .
وعندما استدعى عثمان عليا وطلحة والزبير ليشاورهم في الامر وأحضر معاوية ومروان معهما وما أن بدأت المشورة للثلاثة قاطعه الاثنان معاوية ومروان بالكلام فزجرهما علي /ع/وقال لهما اانتما الخليفة أم هو ؟اانتما اللذين استدعيتمونا ؟ فسكتا وتحدث الخليفة فأشار الثلاثة عليه بعزل الولاة المستنكرين ورد المظالم ودفع الحقوق . وودعوه وبقي معاوية ومروان عنده فمنعاه من تنفيذ ذلك بل أراد معاوية أن يختصر البيعة لنفسه فورا إذ قال للخليفة :// اذهب معي الى الشام لاحميك هناك //فهذا أول عزل للخليفة من قبل معاوية ففيه أولا انتقال مركز الحكم ليد معاوية في الشام كما حدث عندما اغتصب الحكم من أهله,وفيه ثانيا ‘توبيخ  الخليفة بعجزه عن الحكم .وإلا أليس  في مقدور ه ارسال قوة لحمايته وهو في المدينة أم لغايات في نفس يعقوب ؟؟؟ ولكن عثمان رفض طرح معاوية وقال :/لاأترك جوار قبر رسول الله /ص/ واستفاق علي /ع/ للمؤامرة وخطب الناس مباشرة فقال :/أيها الناس شقوا أمواج الفتن بسفن النجاة .....الخ /
لنسرد بعض تصرفات هؤلاء الولاة الذين كانوا أد وات الفتنة الإسرائيلية .فعندما تولى ابن العاص على الكوفة كان يقول لسماره دوما / إن السواد (الأمصار ) بستان لقريش وبني أمية /.فرد عليه ذات يوم الأشتر النخعي بشدة يذكره بالقول / الناس سواسية كأسنان المشط / ومن هذا القول الذي كان ابن العاص يطبقه عملا تفاقمت الفتنة عند السواد . وعندما أرسل عثمان وجهاء أهل الكوفة لمعاوية ليطيب خاطرهم ويحل مسائلهم فما كان من معاوية هذا إلا أن عذبهم واحتقرهم وسبهم وكال عليهم الكلام حتى جن جنونهم وشاط غضبهم ولم يخف معاوية هذا العمل بل أعلنه ليزداد  أوار الفتنة على الخليفة وقد كتب له أيضا /إنه قدم علي قوم ليست لهم عقول ولا أديان أضجرهم العدل لايريدون الله بشئ ولا يتكلمون بحجة إنما همهم الفتنة والله مبتليهم وفاضحهم وليسوا بالذين نخاف نكايتهم /.
علما أنهم من أشراف الكوفة وخلص الصحابة . ثم طردهم من الشام ومنهم / الأشتر –صعصعة –علقمة –مالك –الأسود –كميل –عمروبن الحمق /فهل هؤلاء لاشأن لهم ولا شعب ولانكير أم أن لمعاوية مطامع انقلاب على الخليفة ليس إلا ...ولم يغب عن الخليفة أن العلة كلها معاوية ولكن تهذبا منه قال طيب خواطرهم وهو يقصد اعتذر منهم وخاطب شريكك عمرو في الكوفة أن يصالحهم ولكنهما وجدا الفرصة مناسبة لزعزعة الإستقرار في الدولة ولتدبيرهما الماكر ضد الخليفة وبالفعل تفاعلت الأحداث لصالحهما وضد عثمان وزاد على ذلك أن أبا سفيان والد معاوية أخذ شأنا في دار الخلافة أكثر من الخليفة نفسه وقول ابنه فيه مشهور / ولو أن أبا سفيان ولد الناس كلهم لكانوا حلماء / فرد عليه صعصعة / كذبت قد

6
ولدهم من هو خير من أبي سفيان من خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه وأمر الملائكة فسجدوا له وهو (آدم /ع/ ).ولا بد بعد هذاالنذر اليسير من التحريض ضد الخلافة لننقل قول الإمام علي /ع/جامعا لحكاية عثمان :/وأنا جامع لكم أمره . استأثر فأساء الأثرة ( يعني أنه خص أناسا بالمشورة والنصيحة والإمارة والمال فأساؤوا إليه ) ويتابع علي / ع/ وجزعتم فأسأتم الجزع (ويعني أن الأمة  خافت على رسالتها الإسلامية ودولتها وخوفها أساء للدولة والرسالة ) وينهي قوله /ع / ولله حكم في المستأثر والجازع /. والإنتهازيون هم الذين استفادوا من النوعين لكن إرادة الله ووعده بحفظ دينه وإرادة القواعد الشعبية من المؤمنين زحفتا باتجاه الإمام علي بن أبي طالب /ع/ليقطع الطريق على أولئك فاستلم الخلافة مكرها وهو يعلم مقدار المسؤولية ويعلم أنه ليس لها إلا هو ولكن أعداء الدين وعملاؤهم تلاعبوا بخطام الفتنة  كيدا ومكرا وما تحقق لهم شئ إلا بعد رحيل أمير المؤمنين علي /ع/إلى جوار رسول الله /ص/ عند الرفيق الأعلى .
فعندما اجتمع أهل الامصار على الخليفة ذات يوم جمعة ثائرين منعهم الصحابة بقيادة علي وانتهى الأمر ودخل عثمان بيته , فدخل عليه مروان ولكنه فوجئ بعودة علي ومن معه لدار الخليفةيخففواعليه فاغتاظ مروان للجمه من قبل علي في  تنفيذ ما كان يريده وتوجه للزائرين لائما غاضبا وتبين أنه كان مختبئا أثناء ما جرى يتجسس عليهم وظن أنهم لن يعودوا ففوجء بعودة علي /ع/. أما عمرو بن العاص طاب له ما جرى فراح يؤلب الناس على عثمان وهذا الأخير لا يخفى على أحد علاقته الحميمية بمعاوية والتي ظهرت للعلن بالمكر والخداع مع علي عندما فشلوا بالخفاءمع عثمان .
وفي الجمعة التالية لهذا الحدث والخليفة يخطب الناس صرخ ابن العاص بوجه الخليفة يؤلب الناس عليه ويقول :/اتق الله يا عثمان فإنك قد ركبت أمورا فتب الى الله /فقد خاطبه باسمه وكأنه ليس الخليفة وهو الوزير المقرب له فكان الثاني من الذين خلعوا عثمان من عماله بعد معاوية.. فأجابه الخليفة /وإنك ها هنا يابن النابغة قمّلت والله جبتك منذ نزعتك عن العمل /.
 وروى الطبري وكثيرون غيره أن مروان وعمرو كانا يحرضان الناس على عثمان وكانا يقولان / كنا لنلقى الراعي فنحرضه فضلا عن الرؤساء والوجوه /. ورووا أن القوم عندما أرادوا قتل عثمان إن لم ينزع عما يكرهونه وعلم الخليفة ذلك فجاء إلى منزل علي.
 وقال:/ يابن عم إن قرابتي قريبة ولي عليك حق وقد جاء ما ترى من هؤلاء القوم وهم مصبحي ولك عند الناس قدر وهم يسمعون منك وأحب أن تركب إليهم فتردهم عني فإن في دخولهم علي وهناً لأمري وجرأة علي /.
 فقال الإمام علي :/ على أي شيء أردهم/ .

7
قال عثمان :/على أن أصير إلى ما أشرت به ورأيته لي/ .
 فقال علي : /إني قد كلمتك مرة بعد أخرى  وفي كل مرة تقول وتعد ثم ترجع عن وعدك والقوم يعلمون أن رجوعك عما وعدت به بفعل مروان ومعاوية وابن عامر وابن سعد وابن العاص فإنك تطيعهم وتعصي أهل الرأي .
 فقال عثمان لعلي:/ لا أعود عن كلامي هذا لك !!!! ......... ./
 فركب علي ومعه ثلاثون رجلا من المهاجرين والأنصار منهم سعيد وطلحة والزبير وجبير وحكيم وزيد وحسان وكعب أي كبار الصحابة وأتوا القوم وكلموهم ورجع جمع الأمصار وعاد الوفد إلى الخليفة وأشاروا عليه أن يتكلم بما يسمعه الناس ليسكنوا لما وعد به .فخرج وخطب الناس وطلب القوم لظلامتهم وقال :
/وماعن الله مذهب إلا إليه والله لأعطيكم الرضا ولأنحين مروان وذويه ولا أحتجب عنكم/.
فرق الناس له وبكوا حتى خضلوا لحاهم وبكى هو أيضاً . وما أن وصل البيت حتى جاء مروان كعادته وما أدراك مامروان!!!!! يستأذن الكلام فأبت زوجة الخليفة /نائلة/ أن يسمح له بالكلام وقالت متوجهة الى مروان تخاطبه :/ فأنتم والله قاتلوه وميتموا أطفاله  وإنه قال مقالة لاينبغي أن ينزع عنها /.أي الوعد الذي أعطاه لعلي وكبار الصحابة .
ولكن مروان لم ينثني وأصر على الكلام حتى غير ما عهد عثمان القوم عليه  وخرج من عنده يحدث الناس باسم الخليفة على هواه حتى ضج القوم ثانية ,وقالوا نكث عثمان بعهده وتحقق لمروان ما يصبوا إليه واستمرت فتنة الأفعى المعادية للإسلام بالسموم وعاد القوم لعلي / ع/ ثانية فقال : يا لله ويا للمسلمين إن قعدت في بيتي قال لي الخليفة / تركتني وخذلتني / وإن تكلمت فبلغت له ما يريد , جاء مروان ويلعب به حتى صار له سيقة يسوقه حيث يشاء بعد كبر السن وصحبته لرسول الله /ص / وهذا يعني أن عثمان غلبت علاقته ببني أمية صحبته لرسول الله رغم كبر سنه !!!وجاء علي لعثمان وقال له :/ والله ما مروان بذي رأي في دينه ولا عقله وإني لأراه يوردك ثم يصدرك/ .
 وجاءت نائلة زوجة عثمان تقول له : /والله ليس لمروان عند الناس قدرولاهيبة ولا محبة /.
فلو تتبع أي مسلم هذه الأحداث لوجد أن هناك أيد خفية تتلاعب بهؤلاء الصحابة وتمنع المسلمين من اتخاذ القرار الصائب والعمل السليم فمن تكون هذه الأيادي الا ثلاثية الاستكبار العالمي في القديم والجديد التي تستجمع في الشرك والكفر والنفاق الذين أخذوا هوية المروق والفسوق والمكر في عهد علي بعد عثمان ومازالت الجمل وصفين والنهروان حتى اليوم .  


8
فإذا كان الأوائل من الصحابةيحسون  بلؤم أساليب هذا الاستكبار المعادي في طوره الأول فإننا اليوم على وضوح كامل لهذا العداء وأصبح التكبر والتجبر والطمع مفضوحا على مداه ولا يغيب عن المسلمين فأي أثر أو إرث يتفاعل في الامة للفتنة والفرقة يجب أن يموت أو يطوى حتى يقهر فيموت حتما ويتولى واحد من أهل البيت زمام الأمة الإسلامية وإلا تزداد الأمور سوءاعل سوء.
لنتابع بعض الأسس التي أوصلت الأمة لما فيه اليوم من ضعف وهوان ولتكن عودتنا الى مروان بن الحكم صنيعة أبي سفيان ووديعة ولده معاوية وعميل الإسرائيلية المتين منذ كان طريد الإسلام .  فقد استخدم خاتم الخلافة وتوقيع الخليفة  لأكبر جريمة في هذا الصدد فقد ضبط حامل صحيفتة للمصريين الي كتبها بيده  وتنص بحلق رؤوس ولحى وحبس وصلب أشراف مصر . وقد ضبطت من قبل المعنيين بها فجاؤوا بحاملهاإلى عثمان وسألوه عنها فقال صادقا لاعلم لي بهاولدى التقصي تبين أنها من فعل مروان وانتقد أحد الشعراء الخليفة عثمان في ذلك فقال :
إذا كنت تدري فتلك مصيبة          وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم   
وقد زادت الأحوال سوءا فلجأ الى عماله في الأمصار لينجدوه ومنهم معاوية في الشام وابن عامر في مصر فتباطئوا عنه وأوقعوا به  وتربصوا عليه .بكل ما تعني هذه الكلمات والشواهد كثيرة في كتب المؤرخين وخير مثال على ذلك قول معاوية لعثمان / تعال  الى الشام حتى أحميك / وهذا أول عزل من معاوية لعثمان كما ذكرت سابقا .وكان الوقت متسعا لإنجاده حتى جاء خبر مقتله وصار الموضوع بين أخذ ورد وفقد علي بعض  مصداقيته عند العوام بسبب   الترددات التي قام بها الخليفة بتحريض وزرائه وذهب ضحيتها عثمان بتردده وعدم تقديره لحجم الأمور رغم تنبيهه على ذلك وكما يقول المثل / وبغير اللهو ترتتق الفتوق / .
وخاطب عبدالله بن عباس مروان بن الحكم أحد أكبر وزراء عثمان  قائلا /:أنت الداخل بين عثمان ورعيته بما حملهم على قطع أوداجه وركوب أثباجه/ .
ولم تقتصر أفاعيل بطانة الخليفة على الجوانب الإجتماعية والإقتصادية بل تعدتها للجوانب الأخلاقية والإسلام دين الأخلاق فعندما راح علي والحسن والحسين وعقيل وعمار في وداع أبي ذر الغفاري حين نفاه عثمان بطلب معاوية و بكيد أعوانه الى الربذة لحق هؤلاء المشيعين مروان ليمنعهم فضرب علي راحلته فعادمهرولا  وجاء مع العصابة لبيت عثمان يحرضه على علي /ع/ قائلين له /:أأنت رجل جبهك علي وضرب راحلتك وقد تفانت وائل في ضرع ناقة وذبيان وعبس في لطمة فرس...../ فهذه النماذج التحريض الجاهلية  الخبيثة التي حاربها الإسلام تستخدم من قبل عمال عثمان الذين كانوا وراء كل مفسدة في هذه الأمة .هؤلاء هم الذين تكاتبوا فيما بينهم بالشعار المعروف /الجهاد بالمدينة

9
 لابالروم / فقد وادعوا الروم وحاربوا المسلمين .هذا الشعار الذي يخالف مبدأ علي /ع/ الذي يضع يده  في يد معاوية ( عدوه الأول والقديم والطامع في اكراه المسلمين للخضوع إليه ) لقتال الروم .
 أما هذه الحادثة التالية خير شاهد لما ذكرناه فقبل وفاة عثمان باسبوع كان قد زار خاله العباس بن عبد المطلب وطلب منه أن يهديء القوم وينفذ لهم مطالبهم في ابعاد الولاة عن الأمصار فأجابه العباس لذلك وخرج عثمان مودعا وما أن خرج حتى عاد ليطلب من العباس التريث بالأمر فنظر العباس وراء الباب فإذا بمروان مختبىء لايريد للعباس أن يراه ليتأكد أنه وراء تراجع عثمان .
فهذا قميص عثمان الذي يلبسه مروان ويدافع عنه معاوية ولسخرية القدر هم من راح يطالب بدمه  من حماته علي وأبناؤه وعمه العباس !!دون أبناء المقتول وورثته .والأمة على علم بالفاعلين وقام حاملوا القميص بادعائهم وأغاليطهم ضد ارادة الأمة والخليفة الذي بويع شعبيا ولأول مرة في الخلافة فكانت البيعة لعلي /ع/ بإرادة الأمة ورغما عن المبايع تمت فقبلها /ع/ لمصلحة الأمة وضرورات الدين ذاك علي بن أبي طالب /ع/الذي لو كان منذ البداية ماكان ماكان ولكن لله الإرادة .
 فأرادها /ع/ محاكمة عادلة وعلنية لكنهم خافوا أن يفتضحوا فأرادوا التعجيل فقال علي /ع/ : /فاصبروا حتى يهدأ الناس وتقع القلوب مواقعها وتؤخذ الحقوق مسمحة فاهدؤا عني وانظروا ماذا يأتيكم به أمري ولا تفعلوا فعلة تضعضع قوة وتسقط منة وتورث وهنا ً وذلة وسأمسك الامر ما استمسك وإذا لم أجد بدا فآخر الدواء الكي / هذا قرار أمير المؤمنين علي /ع/ ليصلح الناس والدولة في أحلك الظروف و لم تهدأ الامور بعد لقوة الحدث ولكن أصحاب المؤامرة لم يهدؤوا وتابعوا مخططهم المدفوع والمدسوس كما بينت الوقائع التي أوردنا جملا قصيرة منها للعبرة ومن يطلبها كاملة فهي في المراجع التي سنثبتها في النهاية .
 ومن اللحظة الأولى قال فيهم علي :/ والله ماستعجلوا متجردين للطلب بدم عثمان إلا خوفا من أن يكن في القوم أحرص عليه منهم فأرادوا أن يغالط بما أجلب فيه ليلتبس الأمر ويقع الشك /. 
وفعلا هذا ما حدث فقد مضت مدة ولاية علي كلها لتثبيت دعائم الدين التي تخلخلت بكل جهد استطاع ولما مضى سلام الله عليه غدرا من قبل أعداء الدين الذين أتيحت لهم الفرصة  بعده ولليوم تعاني الأمة من ذلك الكثير ومن المؤكد أن علي عندما طلب المهلة في التحقيق كان متيقنا أن الذي وراء مقتل عمر هو وراء مقتل عثمان ولا يهدأ هذا العدو إلا بقتله وهذا ما حدث فعلا .
ولا بد أن نسأل كيف استطاع أهل الأمصار أن يتجمعوا من كل صوب وحدب دون علم الولاة المعينون من قبل عثمان أليس بتسهيل ورضى وتحريض هؤلاء ؟؟؟؟؟!!!!!.. 


10
إذن مسألة الإنتقام على أشدها من هؤلاء ونعني الإنتقام من  الإسلام كله ونبي الإسلام ومؤمني المسلمين ومن له مصلحة في ذلك إلا الشرك والكفر والنفاق . 
وهذا مستمر ما دام هناك إسلام ومسلمون فأعداؤه لاينامون فقد جرت شهادة الحسن والحسين/ع/ بعد هؤلاء أيضا ًليفجع نبي الإسلام بسبطيه الأغرين سيديّ شباب أهل الجنة فكانا رسالة إنتقام موجهة للإسلام ونبي  الإسلام وهاهم اليوم يوجهون الكيد وراء الكيد  للمسلمين  ولمقدساتهم ولأرضهم . لمتى؟؟؟ سيظل الأمركذلك ولا نستفيق لنعود إلى ما كنا عليه فعندما ولى الخليفة هؤلاء العمال على الأمصار وهم صلته وقرابته  وأهل فوائده ويعلم عنهم ماهم بالحقيقة عليه فقد ولاهم لثقته أنهم يصطلحون حيث كان يظن أن طموحهم للسلطة شديدا فإذا استعلموا ربما  يعملون لمصالح المسلمين و البلاد عندما يرضي غرائزهم ولكن الذي حصل أن منهم من قد عمل لإرضاء مصالح خصوم الإسلام مقابل مغريات زائلة ومتاع رخيص ولا غرو فالدنيا غدارة غرارة مكارة .
وما علينا إلا أن نفيد ونستفيد من هذه الدروس وللمفارقة الكبرى أن بعض هؤلاء اعتبر هذه الولاية حقاً مطلقاً له وملكاً مخصصاً له ولمن بعده فضاعت مشورة الإسلام وضاعت رسالة الإسلام فعندما تولى محمد بن أبي بكر أمور مصر في عهد الخليفة عثمان وكان على مصر قبله عبد الله بن أبي سرح وجد كتاباً يأمر عبد الله هذا بقتل الوالي الجديد محمد بن أبي بكر عندما يصل لمصر للإستلام .وعندما سئل الخليفة عثمان عن هذا الكتاب الممهوربخاتمه وتوقيعه حلف بالله صادقاً إنه لم يعرف عنه شيئأًوجرى مثيل هذا أيضا سابقاً وتبين أن مروان وراء هذه أيضاً لأنه كان الأقرب للخليفة وتبين لعامة الناس أنه الذي يكتب عنه مروان . وتبينت أيضا خيوط المؤامرة و من وراءها وأمامها فحذر من إراقة الدماء والفتنة ولكن بعد أن أخذت تدب بخطامها وسيطرت فكرتها على العقول والقلوب بما دبر لها ولم تجد نداءات الأحرار والمخلصين شيئأًوكان الذي ا شتكى وكاد ومكر في أبي ذر  إلى الخليفة عثمان هو مروان لأن أبا ذر كان قد عاب على مروان يوماً تلك الأملاك التي ابتزها باسم الخليفة عثمان وشاهد آخر من شواهد ضلوع الإسرائيليين ومن ورائهم  في الفتنة هذه الحادثة.
 وهي / عندما شكا مروان أبا ذر إلى الخليفة عن تلك الأعطيات التي أخذها من بيت مال المسلمين فسأل الخليفة أيجوز للإمام أن يأخذ من المال فإذا أيسرقضى / فابتدر اليهودي /كعب الأحبار/ بالفتوى وقال للخليفة لابأس فقال أبو ذر/ يابن اليهوديين أتعلمنا ديننا /ويشير بذلك إلى مشابه لهذا الأمر جرى بعهد الخليفة عمر فأراد أن يستدين من بيت مال المسلمين فأفتى الصحابة بعدم جواز ذلك فامتنع عمر. وكعب الأحبار يعلم بهذه الحادثة لذلك أراد أن يبذل جهدا جديدا  لتكون الفتنة باقية مستمرة فمن هذه الأبواب و غيرها كان يدخل الإسرائيليون وإليكم هذه أيضاً /.

11
فعندما استشهد الخليفة حمله مروان ومعه ثلاثة نفر بين المغرب والعشاء بجوار حائط يقع في مكان اسمه / حش كوكب/ وهو مقبرة لليهود فلماذا لم يؤخذ إلى مقابر الصحابة أولمقابر المسلمين على الأقل ولماذا هذا المكان بالضبط ولكن القوم أحسوا بذلك فجاؤوا لمنعهم فرموا جسد الخليفةعلى الأرض وراحوا يضربونه بالحجارة وذكروه بأسوء الذكر حتى يغطوا ماهموا إليههؤلاء ملاة ووزراء عثمان بعد مقتله . ولما وصل المسلمون ومعهم علي /ع/ أبعدوهم وضربوهم وخاطب عل /ع/ مروانا قائلاً/ أكلت خبزه حياً وأنكرت عليه ميتا ً /وقام علي /ع/ ومن معه بالصلاة عليه ودفنه وكان ذلك  في الثاني عشر من ذي الحجة للعام الخامس والثلاثين من هجرة النبي /ص/ في أيام التشريق وعمره ستة وثمانون عامافاعتبروا أيها المسلمون أين مصالحكم ومصلحة الإسلام. أهي بالدين أم بالأشخاص ؟؟؟؟ .
ومن الجدير ذكره بل لابد من ذكره أن من العوامل التي ساعدت في الأحداث  فريضة الحج فكانت مناسبة للتغطية عند الولاة الطامعين في الخلافة  لفسح المجال لأقوامهم بالمجيءإلى المدينة للتصعيد والتحريض  وإلا هل يعقل أن تسيركل هذه الوفود إلى الحج بما تطويه في نواياها دون علم هؤلاء الولاة ولا عن مكنون كيدهم وهم يعلمون كل صغيرة تهمهم . إذن هذا مستحيل فلما كانوا يعلمون ذلك حتماًلماذا لم يمنعوا كل أهل بلد من القدوم لمدينة الحاكم واحداث ما حدث بأي وسيلة لولم تكن لهم رغبة في ذلك فمن هنا جاء طلب أمير المؤمنين علي /ع/الهدوءفي المطالبة  بدم عثمان بل وجدنا أن علي /ع/ لعن قتلة عثمان فهل يلعن علي /ع/ صحابياً مؤمناً مسلماً لم يحدث في دينه ويضمر النفاق ....حاشا لله .....فالقتلة هم أعوان الإسرائيلين وبعلم بعض المسلمين والولاة القاعدين .
ومن استعجل على علي /ع/ القتلة يعلم تماماً من وراء وأمام هؤلاء بالحقيقة وهم بالأساس يستعجلون الفتنة على علي /ع/لأن البيعة كانت له بالإجماع حيث خاطب عليه السلام الأمة في حينها / دعوني والتمسوا غيري فأنّا مستقبلون أمراً له وجوه وألوان لا تقوم له  القلوب ولا تثبت عليه العقول وإن الآفاق قد  أغامت والمحجة قد تنكرت /.......
 نعم يا أمير المؤمنين . إنا مستقبلون أمراً وما زلنا .ومستقبلون أمراً له وجوه وألوان لا تقوم له القلوب ولا تثبت عليه العقول وهذا بيانه شتات المسلمين وتفرقهم وضعفهم ولألف نعم يا أمير المؤمنين إن الأفاق قد أغامت والمحجة قد تنكرت ولم يكن هذا الرفض من علي /ع/ تهربا من المسؤولية بل هو الأكفا والأجدر لهذه المهمة ولكنه أراد أن يشير ويبين للقوم قساوة الموقف وصعوبة المسار الذي وصلت إليه الأمة , فما عليهم إلا الطاعة اليه  حيث قال موضحا :
 / واعلموا أني إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم ولم أصغ إلى قول القائل وعتب العاتب / .


12
فهذه الكلمة تبدوتفردا بالرأي ولكن الحقيقة غير ذلك لأنها هي الصواب والصراط المستقيم بعينه لأن الموصل الذي آلت إليه الأمور جعل القوم يروجون ويموجون فاحتاج الأمر الى عزيمة الرأي السديد الثابت عند الرجال وعلي /ع/ رجل الرجال دون منازع حكمة وعقلا ولسانا ويدا وضميرا وإيمانا ودينا لا يختلف اثنان في ذلك مما دعاه أن يقول لهم / ولم أصغ الى قول القائل وعتب العاتب /.وهو الأعلم بعد رسول الله /ص/ بكتاب الله وسنة نبيه فوافق القوم وتمت البيعة إلا من كان عدوا له وللذين مضوا قبله وللنبي وللكتاب وبالتالي هم أعداء الله وأعوان الشيطان وإليك الكلمة الذهبية التي توضح ما آلت إليه الأمور مع علي /ع/ إذ قال :/ الرعية تخاف ظلم الوالي وأنا أخاف ظلم رعيتي /.
وهكذا كما أثر متواترا عن الصحابة والتابعين وتابعيهم وأهل الهدى والرأي السليم والصادقين:
 / أن سياسة علي /ع/ إذا تأملها المنصف متدبرا لها بالاضافة إلى أحواله التي دفع إليها مع أصحابه جرت هذه السياسة مجرى المعجزات لصعوبة الأمر وتعذره / .
وكان من الواجب على عثمان أن يأخذ بوصية عمر له وخصوصا أنه وافق أن يبايع على كتاب الله وسنة نبيه ومسيرة الشيخين أبي بكر وعمر حينما رفضها علي قائلا آخذ البيعة على كتاب الله وسنة نبيه واجتهادي , وصية عمر لعثمان هذه التي يقول فيها:
 / إذا وليت هذا الأمر فلا تسلط بني أبي معيط وبني أمية على رقاب الناس وإن فعلت ليقتلنك /..
 نعم كنت على بينة ياعمر لقد قتلوا عثمان ولا عجب فمنهم من نزل القرآن بفسقه وصار يولى على رقاب الناس فقطعها ومنهم الطلقاء فصار وزيرا فانتقم ومنهم  من كان  طريدا فعتا حين عودته فهم موضع التهمة المؤكدة  في قولهم وعملهم .
فهذا ما أوصلنا تسامحنا وتهاوننا مع قوى الإستكبارالعالمي القديم والجديد منذ البدايات وستظل تلاحقنا إن لم نغير أنفسنا إيجابيا نحو الخير والهدى وهما في القرآن الواضح البين بدون تحليل وتأويل وتنزيل كما قال الله تعالى :/ لايغير الله مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم / فصارت هذه الآية للبكاء على ماض نبوي عظيم دون أن تكون دافعا للعمل نحو التغيير العملي الصحيح والوسيلة الفضلى هي سلوك النبي المصطفى/ص/ الذي كان مصحفا يسير على الأرض وهي نظرية التقوى الإيمانية في الإسلام وعواملها حسن اختيار النخبة والفائدة من التجارب وتناسي الضغائن التي ارساها التاريخ ومسح الخطوط الحمراء التي تقدس المخطئين أياًكانوا وتحديد الإتجاه الصحيح والإعتماد على الذات . واعتبار الدين والأمة هما الأصل والأساس في كل شيء فكل ما هو آت من قبل الإسرائيليين الشربعينه لأن في خيرهم شر وفي شرهم شر والإقتداء والطاعة بالقائد الذي أثبت صدق نواياه وصفاء طواياه


13
واحترام عطاياه و مزاياه الذي تفهم هذا المسار التاريخي جيداًوتفهمناه وعمل على تطبيق الإسلام الصحيح الواحد والموحَد والموحِد لبلوغ الإيمان المحمدي الأصيل  .
وفي الخاتمة لماذا كانت هذه الفتنة الإسرائيلية اللاسنية واللاشيعيةإلا لأن الحقد الإسرائيلي قديم على الخط النبوي العربي فلم يكن عداء الإسرائيليين للنبي محمد /ص/ لأنه صاحب رسالة سماوية بل هم أكثر من غيرهم معرفة بهذه الحقيقة وإن هم تنكروها أماالعداء  ليس إلا أن هذا النبي ينحدر من صلب اسماعيل النبي /ع/ المعذب مع أمه هاجر الأمة العربية  اٌلإبراهيمية  المظلومة المهاجرة في زمن ما لأنها أحيت ذكر نبي الله ابراهيم بوليدهادون زوجته  سارة وذلك يخالف قصصهم  وتراثهم المزعوم .واسماعيل /ع/ من زوجة ابراهيم /ع/ العربية هاجر, ولو أن النبي محمد /ص/ من صلب اسحاق النبي /ع/ ابن سارة التي يحسبونها لهم ابنة عم ابراهيم /ع/ لما كانت هناك أية مشكلة لديهم لأن جميع أنبياءبني إسرائيل /ع/ هم من خط اسحاق /ع/ وهم لا يعترفون باسماعيل/ع/ اطلاقاً لذلك وجدناهم استنكروا نبوته ونبوة أبنائه فكان من خط اسماعيل /ع/ ملوكاً وأنبياء نشروا الفضيلة والتوحيد والإيمان أكثرمن كثيرٍ من ملوك وأنبياء بني اسحاق كحنظلة بن صفوان وكلؤي وكخالد بن سنان وكعبد المطلب  وغيرهم كثيرون إلاأن هؤلاء الصالحين المصلحين  تم التعتيم عليهم من قبل الإسرائيليين ومن ساندهم  فاشتهر أنبياؤهم وناس ضوء أنبياء العرب .
أما في رسالة سيدنا محمد/ ص/ فقد تهيأت الأسباب وكان النبي /ص/ من أولي العزم وعرف /ص/ كيف يتعامل مع كيدهم ومكرهم من بني قريظة والنضير إلى تبوك إلى الطائف إلى خيبر . فهذا الحقد الإسرائيلي القديم حقد وعداء عرقي لأنهم ما كانوا يوما أصحاب مبدأ وإيمان حتى يقاتلوا من أجله فهم خذلوا موسى وهارون /ع/وداوود وسليمان /ع/ وغيرهم كثيرون لأنه دينهم وربهم الفساد والمال فجعلوا صاحب الفداء اسحاق/ع/ وليس اسماعيل /ع/ وجعلوا نبوة محمد/ ص/ لغيره وكانت تظهر هذه الأشياء على لسان أحبار عدة منهم وكان مصير هؤلاء الأحبار  القتل .ونما هذا العداء وهذا الحقد عبر التاريخ حتى صار إفسادهم لالشيئ إلا لأنهم مفسدون وسلاحهم في كل خطواتهم النفاق ولمن يقول أن الصحابة اختلفوا من أجل الحكومة أقول كما قال علي لعثمان في شأن خلافة أبي بكروعمر.
 قال علي /ع/ :/وأما أن يكون حقي دونهم فقد تركته لهم طبت به نفساً ونفضت يدي عنه استصلاحاً/.  إذن هذا هو الجواب يبين أن الأمرجرى لصلاح الأمة فإذا كانوا هم اتفقوا عليه وتفهموه جيداً وعلموا أن في الخلاف مصلحة أعداء الإسلام والسلام
 و أن الفتنة التي حصلت في موسم الحج آنذاك كانت مؤامرة إسرائيلية بكل ماتعني الكلمة ولم يكن دور الصحابة آنذاك فيها إلا تحريضاً أوقعوا به ليكون درساوسلوكا وعملا لحكمة يريدها الله أدّاه

14
الصحابة كلهم لنتعلم من محاسنه ومساوئه على السواء فالذين جاهدوا بأموالهم وأنفسهم وراحتهم وسعادتهم في سبيل الله ورسوله /ص/ لايمكن أن يرخصوا بهذا المبدأ الذي بذلوا كل شيئ ليكون ولايعني أن تنازعهم إلا أمرا يوجهون به الأمة لرضا الله عز وجل لينتصر دين الله الإسلام فكان القرآن منهاجاً نظرياً والسلوك والسيرة والحديث الجامع غير المفرق  والمحمول على أكتاف العترة من أهل البيت منهاجا عمليا . فقد بينوا بأقوالهم وأفعالهم الخير والشر وهذا المفهوم لاينفي أن بعض الصحابة خلت أعماله من أي خطأوإن بعضهم أخطأ وأن بعضهم غلب عليه الخطأ وبعضهم كله الخطأ وكلهم دون عصمة الرسول الأعظم محمد /ص/ والعترة الطاهرة المنصوص عليها بالتواتر  وفي الجميع تجربة يستفاد منها لأجل الدين لمن يريد الدين ولأن النفوس تتفاضل بالدرجات .وكل منهم بقدر معلوم آمنوا مختارين أم مكرهين بادئ ذي بدء إلا أنهم عملوا بحرية واختيار وبكل مايستطيعون في سبيل رسالة الدين الإسلامي الحنيف إلا من أسلم لمنافعه السلطوية التي خسرها في ظل الإسلام فهؤلاء لم تنفعهم صحبة وإن كانوا في عباءة رسول الله / ص /وهم أدوات هذه الفتنة في أيدي الأعداء  إذن هذه هي صفة أصحاب محمد /ص/ فما كان بينهم من اختلاف أواتفاق كله تعليم لنا وتفهيم وليس اعتقاداً أوأركاناً وهو رحمة لنا وليس نقمة علينا إن تفهمنا جيدا . وإن الخصومة بين أنصار وأتباع أي قائد لا تسيئ لهذا القائد ومن هنا يأتي دور الأحرار المخلصين الغيورين على مصلحة العباد والبلاد فكلهم ارتقوا إلى عالم الصفاء والنقاء ورحمة الله وسعت الأرض والسماء والحمد لله رب العالمين
ولابد بعد أن آلت الأمور لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب/ع/ بالبيعة الجماهيرية الحقيقية سأوجز وباختصار شديد هذا الدور العلوي الكبير ليرى كل مسلم ماعليه وماإليه والله المعين :
 ما بنبغي معرفته قبل أي شيء  ان الخروج على وصية الرسول /ص/بالخلافة لعلي بن ابي طالب /ع/ واستلام امور السلطة من قبل غيره كان له الأثر الكبير في ابتداع احكام روعيت فيها مصالح الخلفاء ووصلت الى حدود تغيير المنهج النبوي الشريف مما انعكس سلبا على مسيرة الرسالة الإسلامية ونشوء منهجية جديدة سميت مدرسة الخلفاء والتي فرضت بالقوة والإكراه على المسلمين وعلى من اسلم لاحقا لمن اعوزتهم الجزية التي كان هؤلاء يفرضونها على الشعوب التي وصلوا اليها بالجيوش فكانت سمة الخلافة آنذاك عسكرية كما ذكرت في البداية ولو ترك انتشار الإسلام للرضى وبدون اكراه كما امر الله لكان عم البشرية جمعاء لأن هذه الرسالة للناس كافة وتكفل الله بها .
والا هل يعقل ان يكون حواريوا المسيح /ع/ افضل من اصحاب النبي /ص/الذين نشروا المسيحية بالرضى والسلام حتى غدت سمتها اليوم بديانة المحبة وسمة الدين الإسلامي الإكراه وياللمفارقة الكبرى ان هؤلاء الحكام لم نر لهم سيفا في موضع السيف عندما كان الدفاع عن الدين ضرورة لصد

15
المتربصين والمعاندين في الجزيرة العربية معتذرين بالكبر والشيخوخة والعجز عند النبي /ص/ وبعده شرعت سيوفهم على من عارضهم في مخالفاتهم ولكنها السلطة والرغبة في الإستبداد ولله في خلقه شؤون .والطامة الكبرى ليست فقط عند هؤلاء بل هي الأقسى عند الذين يدافعون عن هذا العمل اليوم والبارحة ولا فائدة لهم من هذا الا التعصب الأعمى ويزعمون مصالح الدين الحنيف .
ومن هذا المناخ بقي الملتزمون بخلافة علي يحافظون على الرسالة ويدفعون ثمن ذلك ارواحهم واملاكهم وحرياتهم وغالبا كل شيئ وعلى راس هؤلاء الإمام  علي /ع/وابناؤه ومحبوه وموالوه وصبروا على الضيم والأذى قرونا طويلة وبتقديري مازالوا يصبرون حتى اليوم ولحين ظهور الحجة /عج/. ولنتابع مع هذا النمط من العمل في دور الإمام علي /ع/.:
ففي البداية ينبغي ان لاتغيب عنا حقيقة اساسية تأسيسية حتمية الإهتمام تتجلى في انه يجب ان تصان الرسالة والشريعة من أي تحوير وتبديل ومن الضياع والإضمحلال والإنهيار في الحد الأدنى وهذا ما كان بالحسبان خلال الدور العلوي من قبل/ ام الصبي/ .حتى انه يبدوا بشكل مؤكد في بعض المواقف انها عن قصد وعمد ويتطلب تسوية الممكن على حساب الحقوق.                 
ففي السقيفة : هذا اليوم الذي لحق فيه النبي محمد \ص\ بالرفيق الأعلى عز وجل وأحاط بجسده المبارك المسلمون المؤمنون الذين بايعوا الله ورسوله وما نكثوا وأوفوا بما عاهدوا عليه الله ورسوله والذين تفهموا أن الرسالة الإسلامية لخير الناس كافة ووفاءاً لصاحب هذه الرسالة لايعقل أن يتنكر أحد لوصيته ولكن ويا للأسف استعجل الكبار الذين كانوا يحيطون بالرسول ليجتمعوا في سقيفتهم مهاجرون وأنصار تاركين الجسد الطاهر الذي يمثل حرمة الإسلام الباقية على هذه الأرض ليتقمصها فلان وفلان وما أفظع ذلك الرهان !!!!
 إما الرسالةولو بالعنوان فقط مع الزعامة الدنيوية لغير أهلها .
وإما الفتنة وما يترتب عليها في الدين الطري . وربما لا رسالة ؟؟؟؟؟؟؟؟
ولا أحد يعرف الخدمات التي تؤدى لأعدء هذه الرسالة من قبل المتربصين فيتناهبها فلان من فلان وأجمل تصوير لهذا الموقف لعلي بن أبي طالب \ع\ فيقول :
/أما والله لقد تقمصها فلان وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى / .
وللمفارقة العجيبة المبكية المضحكة أن تنازع القوم على السلطة كان والرسول مسجى على فراشه ثلاثة أيام ليس حوله الا علي وأهله. وأهل السقيفة يختلفون فالأنصاري يتذرع بنصرته لرسول الله والمهاجري يتذرع بقريشيته مع رسول الله \ص\ وعندما سأل أمير المؤمنين علي \ع\ علاما يختلف القوم فقيل له إن دعوى الأنصار كذا.. ودعوى المهاجرين كذا.. فقال: قانوناً لكل البشرية على مدى

16
الدهور./ أن محمد \ص\ قال /استوصوا بالأنصار خيراً / فمن كانت له الوصية لم تكن له الإمارة. وأما هؤلاء القريشيين المهاجرين فقد ادعوا أنهم من شجرة رسول الله ولكنهم أضاعوا ثمرة هذه الشجرة/ . ولكن ربما يسأل سائل أين كان علي من هذا الخلاف مع العلم أن أبا سفيان جاءه وقال امدد يدك لأبايعك فاستل سيفه عليه وقال لاتريد البيعة ولكن تريد الفتنة وصارالعباس ينشد:
ما كنت أحسب هذا الأمر منصرف                              عن آل هاشم منهم عن أبي حسن
ورغم هذا يبقى التساؤل أين كان علي \ع\ فأبسط الجواب أيترك جسد رسول الله\ص\ دون غسل وصلاة ودفن؟ ألم يستحوا من الله أن يعقد اجتماع السقيفة بغياب علي \ع\ ويعلمون تماما وقد بايعوه على الولاية مرات وجاء التوثيق مرات أيضا في النص الإلهي النبوي لو كانوا يعقلون ؟ .
أصار الدين منافع؟  ولكنه الإستبداد هو بعينه. !!!!!!
ورغب علي \ع\ تمرير هذه الرزية حفاظاً على الدين وليبين للتاريخ مدعاة الخروج عن النص كيف تودي بالأمم وما زلنا حتى اليوم نعصر آلام السقيفة ويتلقف منبر رسول الله ما لايرضي الله ورسوله\ص\.  نعم يا امير المؤمنين إن الأمة إذا لم تختر الأكفأ وتنتخب الأفضل ستقع بين مخالب أعدائها ولاتعيش إلاعلى فضلات ما شبع به المستكبرون .
ووالله عندي لهذه السقيفة وليومها المشؤوم حديث واسع وعريض وعميــق ومليء بالشؤون والشجون لا على صاحب الحق وحسب لأنه رغم ذلك بقي السيد والولي والوصي والخليفة والكبير والأول عند كل المؤمنين بل وعند المسلمين جميعاً الحاسدين منهم والمحبين كما سيتبين في بعض الجوانب التي سنعرض لها .ولكن حزني على نفسي وعلى أمتي التي أرادها الله أن تكون خير أمة فجعلوها ادعاءًا خير أمة وفي الواقع استكباراً واكراهاً خير أمة فهذا معيار من معايير الكيل بمكيالين والذي يكال على الأمة اليوم جزء يسبر مما كاله حكام الأمة على المستضعفين ! ولاضير في ذلك.
 فذات يوم في غزوة أحد عندما شج وجه رسول الله وكسرت رباعيته قال \ص\ :/ ما فاز قوم شجوا وجه نبيهم وكسروا رباعيته وهو يدعوهم إلى الإيمان /.
فهم في ذلك اليوم ما بين قاعد وهارب ومحارب وليس في الميدان إلا رسول الله وآله وصحبه المبعدون عن السقيفة ورحم الله من قال :
 يا للسقيفة من يوم أحل به                              أس التكبر ميثاقاً على الناس 
ونعود لجوانب الدور العلوي مع السقيفة وبعد السقيفة لنرى مع الخلفاء :
إن الخلافة لأبي بكر ووزارة المالية لأبي عبيدة بن الجراح ووزارة العدل والداخلية لعمر بن الخطاب هذا يفسر لماذا رشح عمر أبا بكر للخلافة واستكبرها أبو بكر على نفسه وزكى أبا عبيدة لها وانهال

17
 الأخير على يد أبي بكر يقبلها قائلاً لايصلح لهذا الأمر غيرك وكأنما هذا المشهد الدرامي مخطط له سابقاً ليقول أبو بكر متواضعاً وهو يضم الخلافة إلى صدره:
 / لقد وليت عليكم ولست بخيركم /.
 لم أدر هذا التخيير يقصد به الوزيرين . أم ذلك المشغول حرمة لله بجسد رسول الله/ص/ وأظن إن صح هذا الإتجاه ليس إلا دعاية إعلامية من باب ما يسمى بعلم النفس الخجل .
 فسرت ذلك الأحداث التي تلت مأساة في تاريخ المسلمين . ولذلك خاطب علي \ع\ عمراً بن الخطاب قائلاً :
/إحلب يا عمر حلباً لك شطره أشدد له اليوم أمره ليرد عليك غدا / .
 وفعلاً أقرها أبو بكر لعمر بعد وفاة الأول وقال عمر حين احتضر لو أن أبا عبيدة حياً لأقررتها له ولكن سبقه القدر ففصل لها الثاني ثوباً على قياس الثالث عثمان بن عفان فصار فيما بعد /قميص عثمان /.
وقد شكل هذا الحزب السياسي تنظيما استبعد الوصية بذريعة الشورى .والنص بذريعة الإجماع. والشرع بذريعة الإجتهاد .. فرحم الله ابن العودي حيث يقول :/
 فشورى وإجماع ونص خلافة               تعالوا على الإسلام نبكي ونلطم/
ورغم هذا الجو الذي سحبت فيه أوراق الحرية والنصوص والأحكام القرآنية وبرزت فيه قوى الإكراه والبدع والأحكام الانتقامية. ظل علي بن أبي طالب \ع\ للأول وزيراً وللثاني مشيراً وللثالث نصيراً وكان في الدور الرابع أميراً ،
 ولابد من ذكر نمازج المضايقات والتشفيات التي مورست على علي بن أبي طالب وآل بيته وأهله من قبل هذه السلطة فبالنسبة له كان يشتغل أجيرا ليأكل ويشرب وتزهق أموال بيت مال الدين الذي  قام على يديه وبسيفه على بذخ وترف ولهو أهل العريش أو الطلقاء أو القعداء بل قل المنافقين وما أكثر هذه الأطنان من الذهب والفضة والعامل الأكفأ في الإسلام يعمل أجيرا أحيانا عند يهودي لقوت يومه ولأهل بيته والمحتلون يتفرجون عليه في دنياهم يترفلون إجراما بالديباج ويضحكون وغدا الذين آمنوا من الذين أجرموا يضحكون ومن يضحك أخيرا يضحك كثيرا .
وحرمت زوجته بنت رسول الله فاطمة/ع/ من ميراثها في فدك وأوذيت وأسقطت وليدها لإخراج هذا البيت العلوي للمبايعة من داره عنوة لتغطية السلطة المستبدة وهذا يبرز أمراًُ مهما جدا أن الذين احتكروا السلطة كانوا بحاجة ماسة لبيعة البيت العلوي لأنهم يفقدون بغيرها التأييد الجماهيري ويدل هذا دلالة واضحة  على أن الأمة كانت تريد علياً عليه السلام ولكنهم غلبوا الأمة بالإكراه والتهديد والرهان على الرسالة الإسلامية .وإلا لما كان هذا الأذى الفظيع المثبت في التاريخ الإسلامي لعلي

18
وأهل بيته .واستطاع وزير المالية والإقتصاد أبو عبيدة بن الجراح أن يضم أصحاب المال واهل الدنيا كالأمويين والمغيرة بن شعبة والذين لايريدون من الإسلام إلا متاع الدنيا وخصوصاً أن الموارد المالية الإسلامية حولت لأمرين الأول استرضاء واستعطاف الماديين وتوظيفهم لأغراض السلطة أو لتجييش المسلمين بغرض الإستبعاد والمغرر بهم في ما يسمى بالفتوحات الإسلامية حيث كانت هذه الفتوحات في أحسن خياراتها الجزية وآخر همها الدعوة للإسلام .
 فمؤتمر السقيفة وضع جذور التفريق الإسلامي والتقسيم الأول في الأمة الإسلامية حيث ظهراتجاهان: الأول هم الموالون للخلفاء بكل شيء ولو عارض الكتاب والسنة الطاهرة حتى أصبح في نظر هذا الإتجاه أعمال وقرارات الصحابة من السنة النبوية ويمضي هذا الإتجاه بتوجيهات البيت الأموي حقيقة والإسرائيلية المتربصة شرا بالإسلام من وراء حجاب المنافقين سرا .
والإتجاه الثاني هم  المعارضون للخلفاء حماية لدينهم الذي ارتضاه الله لهم وبذلوا كل تضحية من أجل قيامه وانتصروا فوقفوا بوجه المخربين عندما يعطل الإسلام بالمطلق دون النظر الى اعتباراتهم الشخصية فهمهم الهوية الإسلامية بالحد الممكن  عند مخالفة السلطة  للقرآن والسنة وابتداعها ألأحكام بذريعة الضرورة أو الإستحسان وكان هذا الإتجاه يشايع علياً \ع\ لأنهم على علم بأن معيار الكتاب والسنة علي بن أبي طالب \ع\ .
وسميت الموالاة بمدرسة الخلفاء وسميت المعارضة بمدرسة أهل البيت \ع\ -وصاحب البيت أدرى بالذي فيه- وهذان التياران الأول الذي يوالي السلطان ولو عارض القرآن والثاني الذي يوالي القرآن ولو عارض السلطان صار التعبد للتيار الأول والإجتهاد يرجع للخلفاء وصار التعبد والإجتهاد للتيار الثاني يرجع للعترة المعصومين فرأى الأول القرآن والسنة الموروثة عن الصحابة بكل ما يشوبها رواية وصاحب رواية هي المرجع ورأى الثاني القرآن والعترة هما الثقلان اللذان أمر بهما رسول الله \ص\ بالإسناد الصحيح عن مصادر التيارين معاً ولهذا كانت حجة مدرسة آهل البيت هي الأقوى لخلوها من الشبهات في الإرث الإسلامي بلا منازع وعليه فقد حاولت مدرسة الخلفاء التعتيم والتقزيم على مدرسة آل البيت بقوة السلطة والمال.
ولابد من ذكر شقشقة هدرت لعلي أميرالمؤمنين \ع\ حيث قال :
/ فصبرت وفي العين قذى وفي الحلق شجى أرى تراثي نهب .........لقد علمتم أني أحق الناس بها من غيري ووالله لأسلمنّ ما سلمت أمور المسلمين ولم يكن فيها جور إلا علي خاصة التماساً لأجر ذلك وفضله وزهداً فيما تنافستموه من زخرفه وزبرجه /.


19
 وما أكثر المواقف التي جعل فيها القرآن وعلي\ع\ في أنموذج واحد وكان علي\ع\ نفس محمد كل ذلك ليفهم المسلمون أن علياً\ع\ امتداد طبيعي لمحمد/ص/ وشعاع متألق من روحه العظيمة وعلى ضوء الإشارة نذكر العناوين العريضة الواسعة لعبد الله وأخو رسول الله وصديقه الأول في الأولين والآخرين علي بن أبي طالب \ع\ فمن هذه الإشارات :
تربى في حضن رسول الله \ص\ وصاهره وناصره وقائد انتصاراته وحامل لوائه وصاحب رايته  ويد معجزاته والمفدى في فراشه والمهاجر مع فواطمه ومؤدي أماناته ومبلغ براءته وباب مدينته ووزيره ووصيه ووليه وأخو مبايعته وعناوين أخرى لايستطاع حصرها تورق وتزهروتثمر في هذه الشجرة المباركة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتفكرون .
فوقف علي \ع\ دون أن يعلن الثورة والمجابهة والإحتجاج لأن الأمة كانت على علم تام بذلك وهو الجماهيري الذي يريد أن تنطلق المبادرة من الأمةعندما علم سخط المسلمين من أنانية السلطوين هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن الرسالة كانت في طور النمو يترصد بها كثير من المنافقين والفاسقين والمارقين فآثر علي الإستمهال حتى حين ليتقوى جانب الرسالة في نفوس الضعفاء من المؤمنين ويزداد رسوخاً في قلوب الأقوياء منهم وهو الموعود بالأجل المضروب من رسول الله/ص/ حيث قال :
/يا علي ستقاتل من بعدي الفاسقين والقاسطين والمارقين /وسنذكر ذلك في محله إن شاء الله.
لكنه لم تقف المواجهة عند هذه الحدود فهناك مواجهة أخرى تصدى لها أمير المؤمنين علي \ع\ أهم من هذه وهي لحماية مقومات الرسالة الإسلامية القرآن الكريم والبيت الحرام والسنة النبوية المطهرة والدولة الإسلامية والمستضعفين من المسلمين فمارس علي\ع\  الراعي الحقيقي وألأكفأ القيم لهذه الأمور بعد وفاة النبي \ص\ وهي الخلافة الحقيقية والولاية الصحيحة التي ما فارقت علياً رغم كل شيئ حتى التحاقه برسول الله/ص/ عند الرفيق الأعلى .
فتجسدت مسؤولية الإمام وموقع الإمامة الراشدة وتحصنت الأمة ضد الإنهيار وتصدى الإمام \ع\ لشبهات المنحرفين ومطامع المستكبرين وأقام سنة رسول الله تلاوة وحفظاً وتفسيراً وتدويناً مع القرآن الكريم عملاً وتنزيلاً وتأويلاً فقد صان الرسالة الإسلامية وصان كيانها ووحدة صفها وفضح النوايا الشريرة وأسس لحوارية سلمية حول الخلافة وعمل بالنصيحة والمشورة والنصرة للذين سبقوه أو تلوه .
ولابد من وقفة قصيرة مع مختلق الشورى السداسية المدبرة من الثاني لوصول الثالث إلى الخلافة فكان علي سادس خمسة فيهم الشورى كل منهم يرى أنه الأحق بها ولا تساوي عنده إلا منصب السيادة

20
 والسلطة تجمعهم العصبية والحمية الجاهلية على الرأي أكثر مما يتطلب منطق الإصطفاء والسبق العملي. فسعد بن أبي وقاص لايخالف ابن عمه عبد الرحمن بن عوف .وعبد الرحمن بن عوف صهر عثمان بن عفان .وقد وهب سعد حقه في الإختيار لعبد الرحمن. ووهب طلحة حقه لعثمان بن عفان وتنازل الزبير بن العوام عن حقه لمن يتم الإتفاق عليه وعمر بن الخطاب أوصى كونوا مع الصف الذي فيهم عبد الرحمن بن عوف واختار ولده عبد الله لحماية مقر الشورى السداسية فمن الداخل عزل [أم الصبي] ومن الخارج منع فكانت السقيفة الدرامية  الثانية .
ولكن رغم ذلك تألق الدور العلوي وازداد شموخاً على مدى الدهر حيث أن رغم هذه الحبائل. فالأمة لاتريد إلا علي فاستدخل مكر/ ابن العوف/ بحبيلة أموية اسرائيلية عندما قطع علي /ع/ كل الحبائل  ويعلم تماماً فيها موقف علي بن ابي طالب \ع\ الذي لايسبقه على الإسلام أحد بعد رسول الله/ص/ فقال ابن عوف لعلي:
/ هات يدك على أن نبايعك على القرآن والسنة ومسيرة الشيخين أبي بكر وعمر/.
 فقال علي: /لا.ولكن أقبل على القرآن والسنة ورأي واجتهادي./
 وكيف لايكون هذا والمسلمون يعلمون أن القرآن والسنة لو خرجتا من يد علي في عهد الشيخين لكان الإنحراف وما خرج من يده منهما رغماً عنه صار سنة وبدعة نعاني منها حتى اليوم أيطلب ابن عوف من علي هذه البيعة وهو يعلم أن علي لايوافق على ذلك لأنه قبل سلطة الأول والثاني حفاظاً على رأيه في القرآن والسنة وكم هي الأقوال والمواقف التي تشهد له بذلك في عهدهما وعندما رفض علي \ع\ عرض ابن عوف هذا دعا لهذه البيعة عثمان فتلقفها بكل نهم حتى ولو كانت الشروط برأي الرهبان والأحبار والأمويين وبلا سنة ولا قرآن .
 وبدات فتنة المسلمين الكبرى وكيف لايقبلها ابن عفان وهو الأضعف بالرأي والمشورة والخبرة من الشيخين والأكثر طواعية للأمويين الذين يستنظرون هذه اللحظات منذ مدة .
فبدأ العد التنازلي وبدأت مسؤولية علي في العد التصاعدي في عهد عثمان بن عفان وفي كل منزلق يتراكم الانقسام والغليان في المجتمع الإسلامي الى ان وصلت السنة الخامسة والثلاثون للهجرة وساذكر بيانا موضحا لسلطة عثمان بن عفان وتدخل اعداء الاسلام بشكل فاضح انتهى عثمان به وكادت الرسالة ان تنتهي ولكن الله اراد ان ترتمي الأمة والرسالة في حضن علي /ع/ رغما عن ارادته وهذا هو البيان مع علي /ع/ : قال الله تعالى :/ وما نقموا منهم   إلا  أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد./
فقبل أن نتحدث  في هذا الدور العظيم ينبغي أن نشير إلى مفارقة هامة تبين كيفية تعامل الطاهرة فاطمة الزهراء \ع\ بنت رسول الله /ص/ وزوج أمير المؤمنين علي \ع\ مع أبي بكر والد عائشة وبين

21
 عائشة زوجة رسول الله/ص/ وبنت أبي بكر مع علي بن أبي طالب \ع\ ففاطمة سلام الله عليها لم تلجأ للتحريض من أجل حقها المسلوب واكتفت بخطبتها من وراء حجاب أما عائشة فقد قامت بالتحريض للباطل المصنوع وعملت جاهدة لمصالح مرشحها طلحة بن عبيد الله فدعت لقتل عثمان بن عفان بقولها / اقتلوا نعثلاً-عثمان - فقد كفر /.  وحملت قميص المقتول هذا لتجابه به علياً \ع\ وقادت الجيوش وصار الدين عند المعارضة بقيادتها سياسة دنيا بدلاً أن تكون السياسة للدين و الآخرة .
فاتخذ تيار النفع السلطوي بقيادة عائشة ومعاوية وابن العاص ومروان وابن العوام وطلحة من بيعتهم  الناكثة لعلي . نموذجاً لكسب الوقت في تعبئتهم عند الخروج على أمير المؤمنين علماً أن بيعة علي \ع\ كانت نموذجاً رائداً للبيعة الجماهيرية وهي الشورى الحقيقية من أهل الحل والعقد ومن عامة المسلمين التي انتخبت علياً \ع\ للخلافة وضغطت عليه ليتولى أمور المسلمين .
ومنذ البداية واجهت حكومة علي\ع\عقبات شديدة الأثر على برنامجه الإصلاحي الإقتصادي الذي امتاز في المساواة في العطاء بين المسلمين جميعاً متبعاً أسلوب رسول الله \ص\ في السياسة المالية . والمساواة في القانون حتى على نفسه وحادثته المشهورة مع شريح القاضي واليهودي خير شاهد .
وفي الإصلاح الإداري عزل الولاة المستبدين والفاسدين وعين بديلاً عنهم الأحرار المخلصين وزودهم بوصاياه إلا ما كان من تمرد معاوية في الشام فله حديث آخر في صفين.
 أما في الإصلاح الديني والثقافي فقد فتح باب الحوار والسؤال واهتم بالقراء دون النظر إلى قومياتهم واهتم بالسنة النبوية وبنى ثلة صالحة من المؤمنين لتطبيق هذا الإصلاح على الواقع العملي متبعاً سنة النبي محمد \ص\في ذلك .
ونعود للعقبات التي أشرت إليها .ففي حرب الجمل جهزت عائشة العسكرين الجمل والناكثين جيشا  واجتمعت آراؤهم وأهواؤهم عل إثارة الفتن للحيلولة دون استقرار الحكم الجديد .وأظهرت مقدرة سياسية بارعة على المناورة والتلاعب بالألفاظ مستغلة مكانتها أنها زوجة رسول الله فألقت خطاباً في مكة تحرض أتباعها على الحرب وحاولت أن تجر نساء النبي الأخريات فمالت إليها حفصة بنت عمر بن الخطاب من بينهن فقط ووقفت في وجهها أم سلمة رضوان الله عليها تذكرها بحديث رسول الله \ص\ بهذا الموقف لكنه لم ترتدع فاجتمع الزبير وطلحة ومروان وتعاهدو أن يتخذوا من دم عثمان شعاراً للفتنة والعصيان ووجد بنوا أمية في عائشة المفتاح لأطماعهم وشطب الدين المحمدي السليم وخصوصاً بعد أن علموا أن علياً \ع\ يستطيع أن يعيد هذا الدين إلى جادته النبوية الأولى .




22
و اتجهت عائشة إلى البصرة ونبحتها كلاب الحوأب فتذكرت حديث رسول الله وأرادت الرجوع إلا أن جاءها ابن أختها عبد الله بن الزبير مع جماعة الزور الأولى   فأغووها بأول شهادة زور بينهم و المعروفة بالتاريخ وعندما وصلت إلى البصرة قتلوا والي علي هناك وأسروه ونتفوا لحيته ورأسه وحاجبيه.
 وشد ّ علي لمواجهة هذا الجيش من المدينة المنورة لكن الناكثين سبقوه إلى البصرة والتحقت بالإمام جيوش المسلمين وأكثر \ع\ من الطروحات السلمية لممانعة هذه الحرب ولكن الحمية الجاهلية ركبت رؤوس هؤلاء الناكثين والخارجين معهم وسامري عائشة وعجلها يتقدم المعتدين وكان لابد من المواجهة فعقروا الشيطان الذي كان بصورة عجل عندما عاند هارون موسى فحرق بالنار بأمره.
 واليوم في صورة جمل في  معاندة علي محمد  فرموه بالسيف عندما أمرهم علي \ع\ :/ ويلكم اعقروا الجمل فإنه شيطان/.....نعم إنه الشيطان يا أمير المؤمنين ولا عجب !!!!! .
 وانجلت المعركة بالهزيمة النكراء التي لحقت بأصحاب الجمل وبالإنتصار الزاهر الذي حققه المسلمون بولاية علي \ع\ فكانت هذه بدر الكبرى في عهد علي كما كانت بدر الكبرى في عهد النبي \ص\ منعطفاً حقيقياً ثابتاُ تستقيم فيه الرسالة بعد اعوجاج وأصدر علي \ع\ العفو العام وأمر محمد بن أبي بكر أخا عائشة وعمار بن ياسر وغيرهم أن يحملواهودج عائشة من بين القتلى ثم أمر بتجهيزها وتسريحها إلى المدينة مع أخيها وعدد من النساء ألبسهن لباس الرجال وقلدهن بالسيوف .
 فمن نتائج هذه المعركة أن الكوفة أصبحت مقر العمليات في الدولة الإسلامية بقيادة أمير المؤمنين ويعسوب الدين أسد الله الغالب علي بن أبي طالب /ع/.وما أن تستقر الأمور يعاود الخليفة الى العاصمة الأساسية المدينة المنورة .
 وتوسعت رقعة العالم الإسلامي وأصبح المقر على تماس مع المتمرد الآخر معاوية بن أبي سفيان . الذي ساورته المخاوف بعد استقرار الإمام وانتصاره وعزمه على توحيد الدولة الإسلامية وبناء حضارة القرآن والسنة النبوية فجمعت مخاوف معاوية مخاوف الباقين من العصاة وعلى رأسهم عمرو بن العاص فألب معاوية هذا جيش الشام ولاقاه علي عليه السلام بعد أن نفذت فرص السلام لديه مع هذا الطامع الفاسق وبدأت المناوشات في صفين مع الفاسقين رغم أن الإمام علي لم يترك وسيلة ولاقناة لمنع هذه الحرب لكن لااحد يستجيب وهلك من هلك من أهل الشام وفي كل مرة ينتصر فيها علي يعيد عروض الإستتابة على الفاسقين دون جدوى وفي كل هزيمة معاوية كان لاينجو هو وصاحبه ابن العاص إلا بكشف سوأتيهما وعندما لم يبق أمام الظفر الا خطوة قصيرة جداً بقيادة القائد البطل العظيم المجاهد مالك بن الأشتر النخعي \رض\ الذي قال عنه الإمام \ع\ إن مالكاً مني كأنا من رسول الله وفي هذه الخطوة رفع الفاسقون مصاحفهم مستجيرين بهذه الخدعة متذرعين بأن الحكم لله وقال علي \ع\

23
قولته الشهيرة /كلمة حق يراد بها باطل / وأراد مالكاً المتابعة فجاءه أمر علي بالتريث باختراق المنافقين لصفوف علي . وكانت فئة الفاسقين الباغية بقيادة عمرو ومعاوية قد قتلت الصحابي الجليل عمار بن ياسر \ع\ كما وعده الرسول \ص\ليكون أكبر شاهد أن المعركة  بين علي يقود المؤمنين وبين البغاة الفاسقين / ياعمار تقتلك الفئة الباغية /.
واستمالت خدعة رفع المصاحف الخارجين من جيش علي والمارقين من الدين فخدعوا واستجابوا للتحكيم وضغطوا على علي بن أبي طالب \ع\ في ذلك فما كان منه إلا القبول ليكشف لهم عن انخداعهم وليبرهن لهم أنهم كرماة الجبل في غزوة أحد خرجوا عن طاعته وسيؤثر هذا الخروج على المسيرة وهنا تتجلى عظمة الحجة عند القائد علي /ع/ في أحلك المواقف .
وحضر التحكيم الداهية الماكر عمرو بن العاص الخصم الثاني لعلي \ع\ ممثلاً لمعاوية بن أبي سفيان وجيش الشام وحضر الرجل المهزوز الأضعف موسى الأشعري الذي خذل الإمام علي في حرب الجمل ممثلاً عن علي بن أبي طالب لما رضي به الخوارج رغماً عن أمير المؤمنين \ع\ وكان يريد عبد الله بن عباس لذلك التحكيم ولكن حدث ما حدث من مكر وخلع الأشعري الخلافة من علي وألبسها ابن العاص لمعاوية وعندها رفض الذين قبلوا التحكيم من جيش علي هذا التحكيم وطلبوا منه \ع\ أن يرفض ويتابع الحرب وكأن علياً لعبة في أيديهم وناكثا لما عهد به لأعدائه والعياذ بالله فرد عليهم بقول الشاعر :
 أمرتهم أمري بمنعرج اللوى           فلم يستبينوا النصح إلا ضحى الغد
 وبدأت المواجهة مع الخوارج تضاف إلى المواجهة مع جيش معاوية فاجتمع على المؤمنين  الناكثون والفاسقون والمارقون .وهزم أمير المؤمنين /ع/هذه الفئات الثلاثة وأشدهم خطرا عليه كانت تلك التي خرجت من بين ظهرانيه .
ولما فشل هؤلاء وشياطينهم في المواجهة العسكرية العلنية حربا ومكرا وخبثا لجأوا الى الغدر والخيانة للتخلص من وصي النبي الصادق الغالب علي بن ابي طالب /ع/فاشتروا بالمال والنساء أشقى قوم ثمود الخارجي عبد الرحمن بن ملجم المرادي لعنه الله الى يوم القيامة والدين عاقرناقة الخير والرحمة في كل حين واستجمعت هذه الفرق الثلاث بتدبير الاسرائيليين من يهود ونصارى ليتخلصوا من ولي المؤمنين وحامي العرين والمدافع المنتصر عن رسالة المسلمين .
فتحين عدو الله فرصة صلاة الفجر ليقوم بفعلته الغادرة لأنه اذا كان الإمام في الصلاة لاينشغل الا بربه فخضب لحيته الطاهرة المباركة التي يشع النور من بياضها من جبهته الساجدة للعلي القدير الشامخة فوق كل مجد وعز والزاخرة بالمقام النبوي المحمود الشريف .

24
نعم ذات يوم قال له حبيبه /ص/:ياعلي سوف تتخضب هذه من هذه/ .واليوم كانت الحقيقة فنادى وناجى قائلا عليه سلام الله /فزت ورب الكعبة /.
اذن الغدر وسيلة الجبناء الذين ليس لهم ذمة في كل العصور وصارت طريقة الطواغيت في كل مرحلة ليتخلصوا من الأئمة المعصومين في السم او القتل غادرين كما فعل اسلافهم من نكوث بما عاهدوا عليه الله في البيعة او في التحكيم او في الأمانة او في الفكر او في الدين .وظلت تلك العبارة تملأ العالمين عبرة واعتبارا على مر السنين /فزت ورب الكعبة /.وصاحبها الذي قال يخاطبهم وهو يدعو ربه /اللهم اني قد مللتهم وملوني , وسئمتهم وسئموني .اللهم فابدلني بهم خيرا وابدلهم بي شرا /.!!!! .
نعم ياأميرالمؤمنين تحقق الدعاء في امة حكم عليها اخ لك من قبل النبي المصطفى الصادق الوعد الأمين في يوم احد قائلا /ص/:/مافاز قوم شجوا وجه نبييهم وكسروا رباعيته وهو يدعوهم الى الإيمان/ . انك ترى يارسول الله ويا وصي رسول الله حال هذه الأمة التي تتنقل من ذل الى ذل حتى لم يتبق  شكل للذل الا حل فيها منسقيفة الى اموية الى عباسية الى عثمانية الى صليبية الى صهيونية الى اوربية الى امريكية الى علمانية الى ما لايعرف عقباه وخصوصا الزمر المتأسلمة التي تشكل الوجه الهدام القبيح من الرسالة المدنية السمحاء ويا للظلامة انهم يدعون انهم الناجون ولا يشكلون الا شرذمة مأجورة فمن سخرية القدر ان الإسلام بعد اربعة عشر قرنا صار وجهه  مسودا بهؤلاء الإرهابيين  .نعم يضرس الأبناء بما يأكل الآباء والحسرة ان هؤلاء الأبناء يتفاخرون بحصرم ومرارة ذلكم الآباء , والأمر يومئذ لله.
متى نعود ونعطى الصالحين حقوقهم ولو بالعرفان ونستنكر للمفسدين اعمالهم ولو باللسان , ولكن الحق قوي وسينتصر مهما طال امد الباطل ببركات الامام المغيب الحجة بن الحسن صاحب الزمان كلي لتراب مقدمه الفداء /عج/.
فبعد استشهاد امير المؤمنين /ع/ بدأ الأنهيار والتفكك واضحا وكان قبل ذلك فقد خيار الصحابة ودب السأم في النفوس مما أتاح لذلك المتربص في الشام الصالي على طريدته معاوية ابن ابي سفيان ولقد خلى له الجو فرحم الله شاعرا قال :
يا لك من قبرة في مقفر     خلى لك الجو فتيهي واصفري .
فشهيد المحراب عليه السلام أوصى وهو يحتضر من طعنة الغادر أشقى ثمود المسمومة وأيقن عليه السلام برحيله وعهد الى ولده الإمام الحسن عليه السلام بالوصاية والولاية ورعاية شؤونهم وأشهد أولاده والصحابة المخلصين ودفع اليه أمانة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من كتب وسلاح وغي


25
ر ذلك ثم فاضت روحه الطاهرة الى الجنة ووقف صعصعة بن صوحان العبدي رضي الله عنه على القبر ووضع احدى يديه على فؤاده والأخرى أخذبها التراب وضرب به رأسه ثم قال :
/ بأبي انت وأمي يا أمير المؤمنين /، ثم قال: هنيئا لك يا أبا الحسن فلقد طاب مولدك وقوي صبرك وعظم جهادك وظفرت برأيك وربحت تجارتك وقدمت على خالقك فتلقاك الله ببشارته ، وحفتك ملائكته واستقررت في جوار المصطفى فأكرمك الله بجواره ولحقت بدرجة اخيك المصطفى وشربت بكأسه الأوفى فأسأل الله ان يمن علينا باقتفائنا أثرك والعمل بسيرتك والمولاة لأوليائك والمعاداة لأعدائك وأن يحشرنا في زمرة أوليائك فقد نلت ما لم ينله أحد ، وأدركت ما لم يدركه أحد ، وجاهدت في سبيل ربك بين يدي أخيك المصطفى حق جهاده ، وقمت بين يدي الله تعالى حق القيام ، حتى أقمت السنن وأدبرت الفتن واستقام الإسلام وانتظم الإيمان ، فعليك مني أفضل الصلاة والسلام .ثم قال :لقد شرف الله مقامك ، وكنت أقرب الناس الى رسول الله /ص/ نسبا ، وأولهم اسلاما ، وأوفاهم يقينا ، وأشدهم قلبا ، وأبذلهم لنفسه مجاهدا ، وأعظمهم بالخير نصيبا ، فلا حرمنا أجرك ، ولا أذلنا بعدك ، فو الله لقد كانت حياتك مفاتح الخير ومغالق الشر ، وان يومك هذا مفتاح كل شر ومغلاق كل خير ، ولو ان الناس قبلوا منك لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم ، ولكنهم آثروا الدنيا على الآخرة .
وهكذا نختم الدور العلوي باستشهاد أمير المؤمنين وكانت سابقا بعد أربعين يوم على رحيل المصطفى /ص/ قد ختمت حياة الزهراء عليها السلام مظلومة أوذيت من قبل السلطة آنذاك فاستشهدت هذه الزهراء الطاهرة البتول عليها السلام وكانت تشكل عمود هذا الدور العلوي وهي وزوجها وبنوها وأبوها الخمسة الأنوار أصحاب الكساء وأصحاب المواقف والمباهلة والإنتصار فسلام عليهم يوم ولدوا ويوم يموتون ويوم يبعثون أحياءا .......... ولعنة الله على الظالمين في كل حين........ .وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون والعاقبة للمتقين .
وبهذا تكون ولادة امير المؤمنين علي بن ابي طالب /ع/في الثالث عشر من شهر رجب المرجب يوم الجمعة في الكعبة المشرفة في مكة المكرمة  التي لم يولد فيها قبله ولا بعده أحد من العالمين بعد ثلاثين سنة قبل ولادة الرسول محمد /ص/ وكانت نقلته /ع/ في يوم الجمعة في صلاة الفجر في السابع عشر من شهر رمضان الكريم في مسجده في الكوفة الطاهرة السنة الأربعون للهجره بعد ثلاثين سنة من وفاة الرسول /ص/. وعمره الشريف وعمر رسول الله نيف وستون سنة فهما في كل شيء متوافقان . ومقامه الطاهر المبارك الذي دفن فيه في المشهد العلوي العظيم في النجف الأشرف الذي شرف فيه كما صار الأزهر شريفا بزوجته الزهراء فاطمة/ع/ فجمع الشرف النبوي في الحرمين  للفريقن

26
ومنهما لكل المسلمين ليجتمع هذا الشرف المصون في بيت المقدس بعد حين إنهم يرونه بعيد ونراه قريبا .....نصر من الله وفتح قريب ...وبشر المؤمنين ...والصلوات مع الحمد لله رب العالمين .


المصادر الأساسية :
القرآن الكريم --شرح نهج البلاغة لأبن أبي الحديد--تاريخ الطبري للطبري --تاريخ الواقدي للواقدي --الفتنة الكبرى لطه حسين --كتاب السقيفه لقاضي القضاة –كتاب السقيفة للشريف المرتضى --كتاب الإستيعاب لإبن عبد البر ---تاريخ الصحابة ---السيرة الحلبية للشافعي الحلبي



                                        الشيخ سلمان آل سليمان


                                                                                                                                      حماه   التويم  

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة